مع رفض الرئيس التنحي.. الحرب اﻷهلية تدق أبواب جامبيا

جامع يرفض التنحي

الرئيس يحيى جامع الذي توقع أن يظل في السلطة لـ"مليون سنة" قبل أن تظهر الانتخابات الرئاسية اﻷخيرة خسارته لصالح "أداما بارو" اﻵن مصير أمته معلق بقرار منه، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" اﻷمريكية.

 

وبعد الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي، جامع غير فجأة رأيه، رافضا التنحي لحضور حفل تنصيب الرئيس الجديد المقرر غدًا الخميس الموافق 9 يناير، وهو ما يهدد بجر البلاد إلى مواجهة دموية.

 

جامع - الذي طالما تعرض لانتقادات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان - أعلن حالة الطوارئ أمس الثلاثاء، محذرا الأمة من الانخراط في أي أعمال عنف.

 

كبار المسؤولين في حكومة جامع استقالوا احتجاجا على رفضه التنحي أو غادروا البلاد، وفر الآلاف من جامبيا إلى عبر الحدود، خوفا من العنف، وحثت دول غرب أفريقيا جامع على اتباع نهج الدبلوماسية، لكنها وضعت خططا لتدخل عسكري، في حين هدد جامع بأن جيشه على استعداد للدفاع عن سيادة البلاد ضد التدخل الأجنبي.

 

وقالت الصحيفة، الآن خصمه في الانتخابات، أداما بارو، الذي يحظى بدعم هائل من الزعماء الدوليين، يمضي قدما في خططه لحفل التنصيب الخميس، مما يدفع بأصغر دولة في أفريقيا إلى حالة من عدم اليقين.

 

وقال جامع:" نحن ببساطة نطالب بالعودة إلى صناديق الاقتراع والسماح لجامبيا بانتخاب من تريد أن يكون رئيسهم"، رافضا الانتخابات السابقة باعتبارها "مليئة بالمخالفات".

 

وفي 2010 اندلعت نفس اﻷزمة في ساحل العاج، حيث رفض الرئيس لوران جاجبو حينها التنحي بعد هزيمته من الحسن واتارا في الانتخابات الرئاسية، ورفض إخلاء القصر الرئاسي، بينما اضطر واتارا إلى النزول في فندق.

 

وأدت الأزمة إلى أشهر من الاضطرابات ومقتل أكثر من 3 آلاف شخص، واجتياح الجماعات المسلحة جميع أنحاء البلاد، مما دفع فرنسا القوة الاستعمارية السابقة، لمهاجمة معسكر جباجبو، وإبعاده، وبلغت اﻷزمة ذروتها بعد القبض عليه في أبريل 2011.

 

ويخشى اﻷهالي في جامبيا تكرار نفس السيناريو في بلادهم، وتوقع "سامسيدين سار" نائب سفير جامبيا لدى الأمم المتحدة أن يؤدي التدخل العسكري في بلاده إلى حرب أهلية.

 

وقال:" بدأ الحرب قد يكون سهلا، ولكن بعد الحرب ينبغي أن يكون مصدر قلقنا الكبير .. لقد كان الجيش الغامبي مخلص جدا للرئيس جامع.. ولا ينبغي الاستهانة بقوته".

 

وجامع ظل في السلطة لمدة 22 عاما منذ وصوله للحكم جراء انقلاب، وتم سجن المنتقدين، وبعضهم قتل، وفر الآلاف من المواطنين وسط ارتفاع معدلات البطالة، وكانت التهديدات بالسجن حقيقة من حقائق الحياة لسنوات.

 

وراء الكواليس، جامع وافق على النتائج، مستشاريه أقنعوه بالتنازل لتجنب الاضطرابات، ثم بدأ الحديث عن مقاضاته بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وبعدها بدأ أعلن جامح أن الانتخابات شابها أخطاء، وناشد المحكمة العليا بإعادة الفرز.

 

منذ ذلك الحين، تكشفت دراما الانتخابات في جامبيا تقلبات غريبة، قادة دول الجوار سعوا ﻹقناع جامع بقبول نتائج الانتخابات، لكن الجهود توقفت، ومن غير المتوقع أن يفصل القضاء في اﻷمر حتى مايو القادم.

 

وفي الوقت نفسه، حكومة جامح تتشقق، من بينهم وزير الإعلام الذي فر من البلاد، وكان لسنوات يدافع بشدة عن الرئيس جامع، هذا الاسبوع استقال وزير المالية، وبعد يوم واحد استقال خلفه، واستقال أيضا وزير السياحة والصحة، والرعاية الاجتماعية.

 

كما فر الحاج "معمر نجاي" رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة، مما دفع البعض للقول إنها بسبب مخاوف على سلامته، وانضم إليهم الآلاف من المواطنين الذين فروا السنغال خوفا من إراقة الدماء.

 

حتى الفائزة في الانتخابات بارو غادر البلاد، وفي الأسبوع الماضي، قال إنه توجه إلى مالي لقاء قادة المنطقة الاخرين الذين تعهدوا بدعمه، وفي الوقت الراهن، قال إنه في السنغال، يخطط لمراسم تنصيبه، وكيفية تجنب المخاطر الأمنية التي قد تنشأ.

 

خلال عطلة نهاية الأسبوع، ابنه البالغ من العمر 7 سنوات مات بعدما عقره كلب، ويقام المأتم دون بارو، الذي نصح بالبقاء في السنغال خوفا على سلامته.

 

وفي الأيام الأخيرة في بانجول، العاصمة، ظلت المحلات التجارية في الأسواق الرئيسية مغلقة، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة ثلاثة أضعاف في بعض المناطق.

 

واعتقل ضباط المخابرات العديد من المتعاطفين مع المعارضة، وأغلقت ثلاث محطات إذاعية مستقلة، وتم اعتقال ستة أشخاص على الأقل لارتدائها أو بيع القمصان التي تحمل شعار "جامبيا قررت"، وفقا لمنظمة العفو الدولية.

 

وانتشرت بشكل كبير قوات الأمن في أنحاء المدينة، مما جعل الجميع يشعر بعدم الارتياح.

 

الرابط اﻷصلي

مقالات متعلقة