هل تنجح الحكومة في الوصول بالدين العام إلي 98% من الناتج المحلي؟

مستوى الديون وصل إلى 101% من الناتج المحلي الإجمالي

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلاد في الفترة الأخيرة، المتمثلة في زيادة كافة الأسعار للسلع والمنتجات، مع ارتفاع الدين العام المحلي والخارجي، وزيادة عجز الموازنة، وارتفاع نسبة التضخم مع انخفاض معدلات النمو، تتوالي تصريحات الوزراء حول تحسن الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، دون وجود ما يدعم ذلك على أرض الواقع.

 

الدكتور عمرو الجارجي، وزير المالية، كان أخر هؤلاء الوزراء، إذ قال إن الوزارة تهدف إلى الوصول بالدين العام إلى 98% من الناتج المحلى بحلول نهاية العام المالى الجارى، وذلك بعد تجاوزه مستوى 101% من الناتج المحلي، في النصف الأول من العام المالى الجارى.

 

وذكر في مؤتمر صحفي، مؤخرا، أن ارتفاع معدلات العجز ترفع معدلات الدين العام وتؤدى إلى المزيد من التضخم، وبالتالى ارتفاع الأسعار، مؤكدا أن الوزارة تسعى إلى السيطرة على العجز ومعدلات الإنفاق، وتقليل الإنفاق على دعم الطاقة "الكهرباء والوقود"، خلال الفترة من 3 سنوات إلي 5 سنوات.

 

وأضاف الجارحي، أنه من المتوقع أن يصل العجز بالموازنة العامة للعام المالى الجارى، إلى ما يتراوح بين 10.1 و10.2%، بدلًا من 9.8% الذي أعلنت عنه في وقت سابق، ووصل حجم العجز الكلى خلال النصف الأول من 2016- 2017، إلي 174 مليار جنيه، بما يعادل 5.1% من الناتج المحلى الإجمالى.

 

وفي هذا السياق، وصف وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، تصريحات وزير المالية، بأنها غير منطقية، معتبرًا أن هذا النوع من التصريحات يعني أن الحكومة تريد أن تتجمل أو أن لديها ما تريد اخفائه، حيث تتعامل على أساس أن الخبراء والشعب غير مدركين لما يحدث، وهي وحدها من تفهم.

 

وتساءل في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، عن كيف ستخفض وزارة المالية الدين العام 98%، هل من خلال زياة الناتج المحلي أم من خلال تخفيض حجم الديون، وإن كان الاختيار الثاني صعبًا في ظل سياسة الاقتراض التي تتبعها الحكومة.

 

وتابع النحاس، إن الفروق في الدين الخارجي أصبح فوق العادي وزادت بنسبة 101%، بعد تعويم الجنيه، إذا كان الدين الخارجي 55 مليار دولار، عندما كان سعر الدولار 8 جنيه، والآن بلغ نحو الـ 20 جنيه، بما يعني زيادة الفوائد عليه بحوالي نصف تريليون جنيه، كما أن الأرقام الأخيرة للزيادة في الناتج المحلي كانت بـ "الماينس".

 

وأضاف، أن وزارة المالية سبق وأن أعلنت عن استهدافها للوصول بعجز الموازنة إلي 9.8% ثم تراجعت وحددت وصولها إلي 10.1%، كما توقعت وصول معدلات النمو لـ 5% ثم أصبح المتوقع 4%، وهذا يعني أن العجز والديون في زيادة وليس العكس.

 

وقال الخبير الاقتصادي، على الحكومة توضيح كيف سيؤثر تعويم الجنيه علي العجز في الموازنة والديون خلال العام المالي الجاري، إنما التلاعب بالأرقام غير مطلوب، قائلًا :"أصبحنا نسمع أرقام لها العجب".

 

ورأي رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، أن المؤشرات الحالية من خلال سياسة الاقتراض التي تتبعها الحكومة في مصر، حيث أصبح هناك اصراف في الديون، لا يبشر بانخفاض نسبة الدين العام إلي 98%، إلا أنها في زيادة، قائلًا:"ولكن فلح إن صدقت وزير المالية وزير المالية "

 

وأوضح في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي، سيعمل علي زيادة عجز الموازنة، لأنه قبل تعويم الجنيه كان الدولار بـ 8 جنيه، بينما الآن تخطي حاجز الـ 18 جنيه، ومطلوب من مصر سداد الديون وفوائدها بالسعر الجديد، كما يرتبط الدولار بسعر الفائدة في الدين المحلي، حيث سندفعها بالدولار، مما يشكل أعباء اضافية علي الحكومة.

 

ومن جانبه قال عمرو الجوهري، وكيل لجنة الشئون الاقصادية بالبرلمان، من المفترض أن تؤتي الاجراءات الإصلاحية التي اتبعتها الحكومة مؤخرًا، وعلى رأسها تعويم الجنيه وتحريك أسعار الجمارك ورفع الدعم عن المحروقات وبعض السلع الاستراتيجية، ثمارها وأن تؤدي إلى انخفاض الدين العام وسداد جزء من عجز الموازنة والميزان التجاري.

 

وأكد في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن وصول الدين العام لـ 101% مؤشر خطير، لأن تعويم الجنيه عمل علي زيادة نسبة التضخم وارتفاع الأسعار كما هو الحال الآن، ويعمل أيضًا على رفع الديون، التي بلغت نحو الـ 4 تريليون جنيه، لأن فائدة الدين تزيد علينا.

 

وأضاف، أنه إذا لم تنجح الحكومة في تخفيض الدين العام خلال العام المالي الجاري، بعد الاجراءات التي أقبلت عليها، فإذا سيكون ما الهدف مما فعلته، لذا فمن المفترض وصولها للنسبة التي تستهدفها وهي الـ 98%.

 

وبين الجوهري، أن العجز في الموازنة سينخفض عندما تقلل الحكومة من المصروفات والبعثات الخارجية مع زيادة الانتاج والموارد، موضحًا أن العجز في الموازنة من الممكن أن تزيد أو تقل عن الـ 174 مليار جنيه، على حسب نسبة الايرادات، حيث ينخفض العجز عند تقليل المصروفات.

 

ويشار إلي أن أعلى نسبة عجز شهدتها الموازنة العامة للدولة، كانت خلال فترة الأزمة الاقتصادية العالمية 10%، وبلغ وقتها نسبة الدين المحلى 85% من الناتج المحلى الإجمالى، كما كانت فوائد الدين نحو 20% فى العام المالى 2010/2011.

مقالات متعلقة