كشف صندوق النقد الدولي النقاب عن الخطاب الذي أرسله القائمون على السياسات المالية في البلاد إلى الصندوق من أجل الاتفاق على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.
ونشر صندوق النقد الدولي، مساء اليوم الأربعاء، تقريرا ضم وثائق القرض الذي وافق في نوفمبر الماضي على تقديمه لمصر بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات.
وخلال مؤتمر صحفي، قال كريس جارفيس، رئيس البعثة الفنية لصندوق النقد الدولى لمصر، إن "تراجع قيمة الجنيه بعد تحرير سعر الصرف كان أكبر من توقعاتنا كنا مخطئين فيما يتعلق بأساسيات الاقتصاد".
وجاء نص الخطاب كالتالي:
"تراكمت الاختلالات الاقتصادية الكلية في مصر بسبب أوجه الضعف الهيكلية الأساسية وامتداد مرحلة التحول السياسي لفترة طويلة. فقد أدت المبالغة الكبيرة في تقييم سعر الصرف إلى إضعاف القدرة التنافسية. وتقليص الاحتياطيات الدولية.
ومع ضعف الإير ادات وتقديم الدعم دون استهداف دقيق للمستحقين، وتنامي فاتو ة الأجور في القطاع العام، أصبحت عجز المالية العامة كبيرا ومزمنا وز اد الدين العام مسجلا مستويات مرتفعة. وتباطأ معدل النمو الحقيقي والممكن منذ عام 2011 حيث أدى نقص العملة الأجنبية وضعف مناخ الأعمال إلى تثبيط الاستثمار واعاقة تحسن الإنتاجية وخلق فرص العمل. كذلك تأثر الاقتصاد، وخاصة السياحة، بأجواء عدم الاستقر ار والشواغل الأمنية على المستوى الإقليمي. وزادت مخاطر التعثر الاقتصادي.
ونظر لما تتسم به الاختلالات الاقتصادية الكلية في مصر من طابع هيكلي في الغالب، تتواصل السلطات مع الصندوق طلبا للدعم عن طريق اتفاق يتيح الاستفادة من "تسهيل الصندوق الممدد" ( (EFFلمدة ثلاث سنوات.
وفي هذا السياق، وضعت السلطات برنامجا شاملاً للتكيف والإصلاح من أجل استعادة استقر ار الاقتصاد الكلي وتمهيد السبيل لنمو قابل للاستمر ار على المدى الطويل. وتتضمن حزمة السياسات التي وضعتها السلطات الوطنية ما يلي:
1- إعادة بناء اعتماد سعر صرف مرن يكفل إلغاء التقييم المفرط للجنيه المصري والاحتياطيات، وتوفير هوامش أمان للوقاية من الصدمات الخارجية
2- تشديد السياسة النقدية لاحتواء التضخم
3- ضبط أوضاع المالية العامة لضمان بقاء الدين العام في حدود يمكن تحملها على المدى المتوسط.
4- تقوية شبكات الأمان الاجتماعي وزيادة الإنفاق المساند للفقر اء من أجل موازنة آثار الإصلاحات على محدودي الدخل.
5- إجر اء إصلاحات هيكلية لدعم النمو الاحتوائي، وخلق فرص العمل، وزيادة حجم الصادر ات وتنوعها، وتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز إدا ة المالية العامة.
ويحتاج البرنامج إلى موارد تمويلية، حيث يواجه فجوة في التمويل تبلغ حوالي 35 مليار دولار أمريكي، نصفها تقريبا يرجع إلى ضرو ة إعادة بناء الاحتياطيات. وتطلب السلطات 8.59657 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 12 مليار دولار أمريكي، أو ٢٢٤% من حصة العضوية)، على أن توزع بالتساوي على فترة ثلاث سنوات مع تركيز بعض الموارد في السنة الأولى لدعم المصداقية وإكساب الأسواق الثقة في البرنامج. وقد تمكنت السلطات بالفعل من تأمين كل التمويل المطلوب للسنة الأولى.
وتأتي أهم المخاطر على البرنامج الوطني من المصاعب التي ينطوي عليها تنفيذ برنامج إصلاحي قوي وواسع النطاق فقد يؤدي الخروج عن أهداف المالية العامة إلى التأثير على هدف البرنامج المتعلق بإبقاء الدين العام في حدود يمكن تحملها.
وقد يتسبب عدم تشديد السياسة النقدية بالقدر الكافي في نشأة ضغوط على صعيد سعر الصرف والتضخم وفقدان الاحتياطيات. ويمكن أن تتعرض الإصلاحات الهيكلية للمقاومة من أصحاب المصالح الخاصة.
وهناك مخاطر تنبع من إمكانية احتدام الصراعات الإقليمية وتدهور الأوضاع الأمنية الداخلية، وهو ما يمكن أن يؤثر على الثقة والاستثمار والسياحة. ومما يخفف من هذه المخاطر التز ام السلطات بالبرنامج المقرر، وهو ما يتضح من تنفيذها الإج اءات المسبقة، وقوة السياسات الواردة في البرنامج، بما في ذلك هوامش الأمان التي يحققها الانتقال إلى نظام لسعر الصرف المرن، كما يتضح من تركيز الإجر اءات الأساسية في البداية، ومساندة البرنامج من أعلى المستويات السياسية.
ووافقت اللجنة التنفيذية لصندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي على إقراض مصر 12 مليار دولار خلال 3 سنوات، فيما تسلم البنك المركزي الشريحة الأولى والتي تقدر قيمتها بملياري دولار وسبعمائة وخمسون مليون دولار في انتظار الشريختين الأخريين.
وكانت الحكومة قد اتخذت بعضاً من الإجراءات الاقتصادية في سبيل الحصول على الموافقة على القرض والتي كان على رأسها، تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، ضريبة القيمة المضافة، قانون الخدمة المدنية، إجراءات للتقشف المالي، رفع أسعار الوقود والكهرباء.
في المقابل تلتزم القاهرة بعدد من الشروط يتم تنفيذها خلال السنوات الثلاث القادمة وعلى رأسها، التزام مصر بزيادة مخصصات حماية الفقراء بنسبة 1% من الناتج المحلى الإجمالي، وإلغاء الدعم عن الوقود خلال الثلاث أعوام القادمة وعن الكهرباء خلال 5 أعوام، وتسديد الديون المستحقة لشركات البترول العالمية العاملة في مصر، وتبني سياسة نقدية لاحتواء التضخم، ووضع خارطة طريق لإصلاح الرواتب والمعاشات، وتخفيض عجز الموازنة إلى خانة الأحاد.
وكان صندوق النقد قد أكد خلال بيان صدر مؤخرا، أن برنامج القرض الذى وقعه مع الحكومة المصرية سيساعد على استعادة استقرار الاقتصاد المصرى ويشجع النمو الاحتوائى، موضحا، أن السياسات التى يدعمها البرنامج تهدف إلى تصحيح الاختلالات الخارجية واستعادة التنافسية، ووضع عجز الموازنة والدين العام على مسار تنازلى، وإعطاء دفعة للنمو وخلق فرص العمل مع توفير الحماية لمحدودى الدخل.