توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل معدل التضخم في أسعار المستهلكين بمصر 18% خلال العام المالي الجاري نتيجة تعويم الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة على المبيعات، وهيكلة دعم الطاقة.
ونشر صندوق النقد الدولي، مساء اليوم الأربعاء، تقريرا ضم وثائق القرض الذي وافق في نوفمبر الماضي على تقديمه لمصر بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات.
وخلال مؤتمر صحفي، قال كريس جارفيس، رئيس البعثة الفنية لصندوق النقد الدولى لمصر، إن "تراجع قيمة الجنيه بعد تحرير سعر الصرف كان أكبر من توقعاتنا كنا مخطئين فيما يتعلق بأساسيات الاقتصاد".
وقال الصندوق، في الوثائق التي نشرها اليوم حول قرض مصر، إن البنك المركزي تحسب لهذا الارتفاع في مستوى التضخم عندما رفع معدل الفائدة 3 نقاط مئوية دفعة واحدة في نفس اليوم الذي قرر فيه تعويم الجنيه.
وعقب زيادتها 3%، بلغ سعر الفائدة على الإيداع في البنك المركزي حاليا 14.75%، وعلى الإقراض 15.75%.
وأشار التقرير إلى أن "البنك المركزي استوعب هذه الزيادة في التضخم التي نتجت عن التعويم، لكنه بعد ذلك سوف يتبع سياسة نقدية متشددة بشكل كاف لاحتواء الضغوط التضخمية الثانوية، وخفض معدل التضخم إلى رقم في خانة الآحاد خلال الثلاث سنوات المقبلة".
وأوضح أن السياسة النقدية للبنك المركزي تستهدف خفض معدل التضخم إلى رقم قريب من 5%، وأنه من أجل الوصول إلى هذا المستوى المنخفض من التضخم سوف يحافظ في المدى المتوسط على مستويات مرتفعة من الفائدة، بما يضمن تحجيم السيولة المتاحة في السوق.
وتوقع صندوق النقد أن تبدأ أسعار الفائدة في التراجع بداية من العام المالي المقبل مع التراجع المتوقع في التضخم، وهو ما يساعد قطاع الائتمان البنكي على الانتعاش مرة أخرى.
ولفت الصندوق إلى أن البنك المركزي في محاولته لتحجيم السيولة وقع بروتوكول تعاون مع وزارة المالية للحد من التمويل المباشر، الذي يقدمه البنك لسد العجز في الموازنة عن طريق السحب على المكشوف.
وكانت الحكومة تلجأ إلى البنك المركزي لتمويل العجز في الموازنة بالسحب على المكشوف من خلال الاقتراض مباشرة من البنك المركزي دون إصدار سندات أو أذون خزانة، عن طريق طباعة النقود.
واتفقت المالية مع المركزي على خفض أرصدة الأموال التي سحبتها الحكومة من البنك على المكشوف إلى 75 مليار جنيه، وتوريق 250 مليار جنيه في نهاية ديسمبر من العام الماضي (أي تحويلهم إلى أوراق مالية مستحقة على الحكومة).
وتضمن البرنامج المتفق عليه بين مصر وصندوق النقد الحد من إنفاق الاحتياطي النقدي خلال العام المالي الجاري، من خلال التحكم في إقراض العملة الصعبة للحكومة أو البنوك.
ولم يستبعد الصندوق أن يعود البنك المركزي لطرح مزادات لبيع العملة الصعبة للبنوك لمنع حدوث تقلبات مفرطة في سعر الصرف على المدى القصير.
وتوقع الصندوق أن يصل احتياطي النقد الأجنبي إلى 33 مليار دولار بنهاية فترة البرنامج (حاليا وصل إلى 24.56 مليار دولار)، بما يغطي واردات البلاد لمدة 5 أشهر.
وتعهد البنك المركزي بتحديث قواعد استثمار الاحتياطي النقدي لتتفق مع أفضل الممارسات العالمية، بما يضمن استثماره في أدوات مالية منخفضة المخاطر وذات سيولة عالية، بحسب تقرير الصندوق.
وقال الصندوق إن مجلس إدارة المركزي سيضع قواعدا جديدة لإدارة الاحتياطي وطريقة حسابه، بداية من أول العام الجاري 2017، بما يسمح له بأن يوظف هذا الاحتياطي "فقط.. في البنوك العالمية حسنة السمعة والأدوات المالية التي تتمتع بالحد الأدنى المقبول من التصنيف الائتماني".
كما سيلتزم البنك المركزي باستثمار 5.6 مليار دولار فقط من الاحتياطي في البنوك المصرية، سواء في مقراتها الرئيسية في مصر أو فروعها بالخارج.
وسيضع المركزي أيضا استراتيجية جديدة للتواصل مع الجمهور من أجل الإعلان بشكل أفضل عن أهدافه وسياساته، بما يدعم مبدأ الشفافية، كما يقول تقرير صندوق النقد.
وأشار الصندوق إلى أن المركزي سيبدأ في نشر تقارير ربع سنوية، أولها عن الاستقرار المالي، وتقارير حول السياسة النقدية والتضخم سيبدأ نشرها في مارس، كما سيلتزم بالتعامل مع الإعلام بشكل أكثر تفاعلا.
ووافقت اللجنة التنفيذية لصندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي على إقراض مصر 12 مليار دولار خلال 3 سنوات، فيما تسلم البنك المركزي الشريحة الأولى والتي تقدر قيمتها بملياري دولار وسبعمائة وخمسون مليون دولار في انتظار الشريختين الأخريين.
وكانت الحكومة قد اتخذت بعضاً من الإجراءات الاقتصادية في سبيل الحصول على الموافقة على القرض والتي كان على رأسها، تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، ضريبة القيمة المضافة، قانون الخدمة المدنية، إجراءات للتقشف المالي، رفع أسعار الوقود والكهرباء.
في المقابل تلتزم القاهرة بعدد من الشروط يتم تنفيذها خلال السنوات الثلاث القادمة وعلى رأسها، التزام مصر بزيادة مخصصات حماية الفقراء بنسبة 1% من الناتج المحلى الإجمالي، وإلغاء الدعم عن الوقود خلال الثلاث أعوام القادمة وعن الكهرباء خلال 5 أعوام، وتسديد الديون المستحقة لشركات البترول العالمية العاملة في مصر، وتبني سياسة نقدية لاحتواء التضخم، ووضع خارطة طريق لإصلاح الرواتب والمعاشات، وتخفيض عجز الموازنة إلى خانة الأحاد.
وكان صندوق النقد قد أكد خلال بيان صدر مؤخرا، أن برنامج القرض الذى وقعه مع الحكومة المصرية سيساعد على استعادة استقرار الاقتصاد المصرى ويشجع النمو الاحتوائى، موضحا، أن السياسات التى يدعمها البرنامج تهدف إلى تصحيح الاختلالات الخارجية واستعادة التنافسية، ووضع عجز الموازنة والدين العام على مسار تنازلى، وإعطاء دفعة للنمو وخلق فرص العمل مع توفير الحماية لمحدودى الدخل.