عامان على حكم سلمان .. انقلاب في كلاسيكيات السعودية

23 يناير 2015 كانت البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عقب وفاة شقيقه الملك عبدالله.  

وزير الدفاع السابق وولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء هكذا كان سلمان قبل أن يعتلى عرش المملكة العربية السعودية وخلال فترة حكمه شهدت البلاد أحداثا مهمة وتطورات خطيرة وتغير جذري سياسيات السعودية الداخلية والخارجية.

 

 

أول هذه الأحداث المهمة وأخطرها على الإطلاق أصدرها الملك سلمان بعد شهرين فقط من توليه زمام الأمور.

 

عاصفة الحزمة

 

في 26 مارس 2015 أطلقت السعودية عاصفة الحزم بمشاركة 10 دول عربية ضد جماعة الحوثي وأنصار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بعدما انقلبوا على شرعية الرئيس منصور هادي.

 

وفي غضون سويعات سيطرت عاصفة الحزم على أجواء اليمن بعد تدمير الدفاعات الجوية ونظم الاتصالات وأعلنت المملكة سماء اليمن منطقة محظورة.

 

وإن لم تستطع السعودية من فرض سيطرتها  على اليمن ودحر الحوثيين إلا أنها عرقلتهم سيطرتهم الكاملة على اليمن بعدما كانوا على بعد خطوات من مدينة عدن حيث مقر قيادة الرئيس منصور هادي.

 

 

الزعيم الشاب

 

قبل هذه العملية حدث تحول في العرف السعودي بتعيين محمد سلمان نجل الملك سلمان وزيرا للدفاع يوم مبايعة أبيه، ومنصب وزير الدفاع كان يشغله دوما كبار السن بحكم الأقدمية من الأسرة الحاكمة وهو يعد أول أحفاد الملك عبدالعزيز بن سعود يتقلد هذا المنصب.

 

لم يقف محمد سلمان عند هذا الحد بل تقلد مناصب أخرى كولي العهد كما صدر أمر ملكي آخر بتعيينه رئيسا للديوان الملكي ومستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير، كما يرأس الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

 

وأصبح الوزير الثلاثيني الذي يتقلد ثلاثة مناصب محط أنظار العالم بأسره وأبرز الوجوه في المملكة خاصة حينما قاد عملية عاصفة الحزم.

 

 

التحالف الإسلامي

 

في عهد الملك سلمان ونجله محمد باتت المملكة تسوق نفسها كقوة إقليمية، وفي 15 ديسمبر 2015 أعلن محمد سلمان تدشين التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب.

 

ويضم التحالف الذي تقوده السعودية 34 دولة إسلامية ومقره الرياض ودشن تزامنا مع الحديث حول تدخل بري في سوريا.

 

وفي فبراير 2016 نفذت مناورات رعد الشمال التي صنفت كأكبر مناورات شهدها منطقة الشرق الأوسط، ونظمت في مدينة الملك خالد العسكرية في حفر الباطن بشمال السعودية، وشاركت فيها قوات عشرين دولة إلى جانب درع الجزيرة.

 

قطع كل الروابط بإيران

 

أخطر التحولات التي شهدتها السعودية على المستوى الخارجي في حقبة الملك سلمان   قطع كل العلاقات مع غريمتها التقليدية في المنطقة إيران.

 

وشهدت العلاقة بين السعودية أسوأ تدهور العام الماضي في  شهر يناير حينما أقدم مجموعة من المتظاهرين الإيرانين بالهجوم على السفارة السعودية في طهران وحرقها  بعد تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المعارض السعودي الشيعي نمر النمر، ضمن 47 شخص نفذت السعودية الإعدام بحقهم.

 

وردت السعودية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ، ودعت البعثة الدبلوماسية الإيرانية الموجودة على أراضيها لمغادرة البلاد خلال 48 ساعة،  وأعلنت الرياض فيما بعد منع مواطنيها من السفر إلى إيران، ووقف كل العلاقات التجارية مع طهران.

 

وتتهم الرياض طهرن بتسليح الحوثيين الذين انقلبوا على شرعية الرئيس منصور هادي ويستهدفون المملكة بصواريخ باليستية.

 

تدهور العلاقة مع مصر  

لم يطل التصعيد الخارجي للمملكة تحت قيادة سلمان الخصوم وحسب ولكنه طال أيضا الحلفاء، فعلاقة الرياض بالقاهرة تدهورت بشدة بعد أن وصلت لقمة التوافق في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز إبان الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي كانت تناصبها المملكة العداء في هذا التوقيت.  

في عهد سلمان تبدلت الأوضاع فتقربت الرياض لجماعة الإخوان خاصة في اليمن لاستخدامهم في حرب المملكة ضد الحوثيين وازدادت هوة الخلاف بين النظام السعودي والمصري.

 

وتراجعت السعودية أكتوبر الماضي عن اتفاق يقضي بإمداد مصر بمنتجات نفطية مكررة بـ 700 ألف طن شهريا لمدة خمس سنوات ومجمل اتفاق بقيمة 23 مليار دولار بين شركة "أرامكو" السعودية والهيئة المصرية العامة للبترول وذلك بخط ائتمان بفائدة اثنين بالمئة على أن يتم السداد على 15 عاما.  

تراجع السعودية جاء ردا على تصويت مصر في مجلس الأمن الدولي لصالح المشروع الروسي حول الأضاع في سوريا ووصف حينها المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المُعلمي تصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي بـ"المؤلم"  

ولجأت مصر للعراق لتعويض ما فقدته من الإمداد النفطي وهي الدولة التي تشهد علاقات متوترة مع الرياض نظرا لسيطرة إيران على مراكز صنع القرار بها.  

التقرب لقطر

 

وبخلاف ماكانت عليه العلاقة المتدهورة بقطر في فترة حكم الملك عبدالله نتيجة للدعم الكبير التي كانت تقدمه قطر لجماعة الإخوان، شهدت العلاقات بين الأخيرة والسعودية تحسنا كبيرا في فترة حكم سلمان.

 

وقرب المسافات بين الجانبين تطابقهما في الرؤى في معظم ملفات المنطقة خاصة الموقف من إيران والملف السوري وأكدت الدولتين قبيل زيارة أجراها الملك سلمان للدوحة نهاية العام الماضي أن علاقتمها مصيرية وموفقهما متطابق من قضايا المنطقة.

 

المرأة تتنفس الصعداء

 

واستكمالا لنهج الملك سلمان في تحطيم تابوهات استمرت طويلا منح خادم الحرمين الشريفين المرأة السعودية مميزات لم تحصل عليها من قبل، لتدخل بعدها مجلس الشورى وتشارك في الانتخابات البلدية وترسل للدراسة العليا في الخارج، منذ تولى الملك سلمان مقاليد الحكم.

 

وللمرة الأولى يسمح للسيدة السعودية بالمشاركة في الانتخابات البلدية في المملكة، كناخبة ومرشحة وشاركت المرأة السعودية في تقديم واجب العزاء ومبايعة خادم الحرمين الشريفين وكرمت المملكة تسع رائدات سعوديات تميزن في عدد من المجالات الطبية والإعلامية والاقتصادية.

مقالات متعلقة