أرض هرم سيتي.. القصة الكاملة

مشروع هرم سيتي

قليلون هم من يعرفون تفاصيل أزمة مشروع هرم سيتي بمدينة 6 أكتوبر، والتابع لشركة أوراسكوم للإسكان التعاوني والتي يملكها رجل الأعمال سميح ساويرس، والتي شهدت مخالفات تستوجب سحب الأرض وعودتها لحوزة وزارة الإسكان، وفقاً لبنود التعاقد.

 

وبعيداً عما يثيره رجل الأعمال في وسائل الإعلام بأحقيته في الحصول على كامل الأرض، وما تراه وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، تهديدا باللجوء للتحكيم الدولي، ترصد "مصر العربية" في "القصة الكاملة" تفاصيل الصراع على 1380 فدانًا في أفضل مناطق مدينة 6 أكتوبر، بداية من التعاقد مروراً بما شهده المشروع من مخالفات، وإحالة رئيس شركة أوراسكوم للإسكان التعاوني للجنايات ومعه استشاري المشروع المهندس ممدوح حمزة.. وإلى التفاصيل:

 

بداية التعاقد

في 6 أغسطس عام 2007 تعاقدت شركة أوراسكوم للإسكان التعاوني ممثلة في رئيس مجلس الإدارة آنذاك المهندس سميح ساويرس، بعقد " ابتدائي " مع وزارة الإسكان ممثلة في وزير الإسكان آنذاك أحمد علاء الدين المغربي، على شراء 500 فدان بمدينة 6 أكتوبر جنوب طريق الواحات، لإقامة 50 ألف وحدة سكنية لمحدودي الدخل، تحت مظلة مشروع مبارك للإسكان القومي، حيث حصلت الشركة على المساحة المطلوبة مصحوبة بـ"وعد بيع" لمساحة 1500 فدان أخرى كتوسعات للمشروع في حال أثبتت الشركة جديتها في تنمية الـ500 فدان الأولي .

 

 

 الشركة التي حددت مدة عام و3 أشهر لتنفيذ المرحلة الأولى، وبواقع خمس سنوات للمشروع بالكامل على مساحة 2000 فدان، من تاريخ استلام الأرض وهو 2 مايو 2007، لم تنتهِ حتى الآن وبعد مرور 10 سنوات من تنمية الـ500 فدان، وعلى الرغم من ذلك تطالب بالحصول على باقي الـ2000 فدان.

 

في 24 ديسمبر 2007 صدر القرار الوزاري رقم 461 باعتماد تقسيم وتخطيط أرض المشروع بواقع 500 فدان مضافًا لها 120 فدان أراضي خدمات صناعية بناء على طلب من شركة أوراسكوم، حيث نص القرار الوزاري علي : " إسقاط الوعد ببيع باقي مساحة الأرض في حال عدم التزام الشركة بتنفيذ المشروع وتسليمه نهائيًا في الموعد المحدد، وأنه ليس من حق الشركة التمسك بالوعد بالبيع في حال خالفت بنود العقد".

 

القرار الوزاري

 

نص القرار الوزاري يؤكد عدم أحقية الشركة في المطالبة بتنفيذ وعد البيع لباقي المساحة طالما لم تلتزم بالانتهاء من المرحلة الأولى في المواعيد المحددة، لكن شركة أوراسكوم تتمسك بالحصول عليها.

 

 

شركة أوراسكوم ارتكبت أخطاء أخرى في تنفيذ المرحلة الأولي، حيث تعاقدت مع المهندس الاستشاري ممدوح حمزة على الإشراف على المشروع، وقامت بالفعل ببناء الوحدات دون الحصول على التراخيص اللازمة من جهاز مدينة 6 أكتوبر، دون إشراف من مهندسي جهاز المدينة على التنفيذ والتفتيش الفني على أعمال البناء، واعتماد العينات الخاصة بشبكات المرافق ومطابقتها بالرسوم والمواصفات المعتمدة من قبل هيئة المجتمعات العمرانية.

 

مبان بدون ترخيص

 

مبان بدون ترخيص مخالفة أخرى ارتكبتها الشركة بإشراف المهندس ممدوح حمزة، وأثبتها التقرير الصادر عن جهاز 6 اكتوبر ويحمل رقم 638 لسنة 2009، والذي أشار إلى أن المعاينة كشفت  إقامة منشآت سكنية بدون ترخيص، بعدد 3886 وحدة سكنية، تم تقدير غرامة على تلك المخالفات بمبلغ 143 مليون و720 ألف جنيه. كذلك القيام ببناء الوحدات المرخصة على مساحة أكبر من المعتمدة رسميًا بالمخالفة للقانون.

 

 

وزير الإسكان الأسبق أحمد المغربي، تجاهل أنّ البناء دون ترخيص جنحة تستوجب إحالة مرتكبيها وهي شركة أوراسكوم للنيابة، وقام بتخفيض قيمة الغرامة إلى 10% فقط، لتصبح 14 مليونًا و300 ألف جنيه، بدلا من 143 مليون جنيه، بناء على مذكرة عرضت عليه في 16 /7/ 2009، لتضيع على الدولة عدة ملايين في مجاملة لرجل الأعمال سميح ساويرس.

 

شركة أوراسكوم، خالفت أيضاً القرار الوزاري الصادر بتقسيم المشروع ويحمل رقم 461 لسنة 2007، بعدم رصف الطرق الرئيسية والفرعية داخل المدينة، كما قامت ببيع أراضي الورش لآخرين بالمخالفة للتعاقد والذي يوجب إلغاء تخصيص أرض المشروع حال حدوث تلك المخالفات.

 

شكاوي السكان

 

بعد شكاوى من ملاك الوحدات بتصدعها وظهور شروخ وهبوط أرضي في عدد كبير من المباني داخل المشروع، شكلت مديرية الإسكان والمرافق بالجيزة، لجنة تضم عددًا من مهندسي التفتيش الفني لمعاينة عقارات مشروع هرم سيتي على الطبيعة في 11 أكتوبر 2012، وتبين وجود مبانٍ من دور واحد نفذت دون قواعد خرسانية.

 

كذلك وجود مباني دور أرضي وأول بنظام الحوائط الحاملة وبأسقف خرسانية وبدون أساس سطحي، وتظهر بها شروخ نافذة وخطيرة. ووجود مبانٍ من أرضي ودورين متكرر، بها شروخ طولية وانفصال بعض الحوائط عن بعضها البعض، وانفصال سلالم الوحدات عن جسم المبني.

 

 

وأكدت اللجنة في تقريرها أن المباني غير مطابقة للأصول الفنية والهندسية، و تشكل خطورة على الأرواح، لاحتمالية تعرضها للانهيار مالم تقم الشركة بترميمها طبقا للأصول الهندسية، مشيرة إلى أن سعر المتر المسطح للمباني في حدود 500 جنيه، بسعر إجمالي 30 ألف جنيه للوحدة، وهو أقل مما تبيع به الشركة تلك الوحدات، وأغلى مما تبيع به الدولة وحداتها المطابقة للمواصفات والكود المصري للبناء.

 

الإحالة للنيابة

 

وأوصت اللجنة، بإلزام جهاز 6 أكتوبر باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الشركة، والإشراف على ما يتم من أعمال ترميم وتدعيم للوحدات الآيلة للسقوط.

 

 

في 30 إبريل 2013 أحالت النيابة العامة بأكتوبر، عمر الهيتمي العضو المنتدب لشركة أوراسكوم للإسكان التعاوني، والمهندس ممدوح مصطفي عبد الفتاح حمزة، استشاري تنفيذ وحدات هرم سيتي للمحاكمة الجنائية، لإقامتهما مباني بدون ترخيص، ودون مراعاة المواصفات الفنية في تصميم تلك المباني.

 

فيما طلبت هيئة الرقابة الإدارية من مديرية الإسكان بالجيزة موافاتها بتقرير عن حالة المباني والمخالفات التي ارتكبت فيه، حيث تم تحريك قضيتين ضد المتهمين، الأولى أحيل فيها العضو المنتدب إلي نيابة الأموال العامة إلحاقًا بالقضية رقم 38 لسنة 2012، حصر أموال عامة عليا، والقضية رقم 67 لسنة 2011 بلاغات شئون مالية بخصوص سعر بيع وحدات المشروع،  بعد مذكرة مقدمة من الجهاز المركزي للمحاسبات، أفادت بعدم تحصيل غرامة البناء المخالف في هرم سيتي، وهي القضية التي لا تزال قيد التحقيق في نيابة الأموال العامة.

 

 

كما أحالت هيئة الرقابة الإدارية، الشق الخاص بمخالفات البناء، والمتهم فيها المهندس الاستشاري ممدوح حمزة، لنيابة أكتوبر الجزئية لاستكمال التحقيقات.

 

نيابة الأموال العامة قدمت مذكرة اتهام في القضية رقم 753 لسنة 2012 حصر أموال عامة عليا، تناولت فيها تفاصيل جديدة في الواقعة التي رصدها تقرير هيئة الرقابة الإدارية، تمثلت في مجاملة الوزير الأسبق للشركة بخفض قيمة الغرامات المستحقة على أوراسكوم، وكذلك عدم تحديده السعر الأقصى لبيع وحدات مشروع هرم سيتي، رغم استفادة الشركة بالدعم المقدم لمشروع الإسكان القومي لمحدودي الدخل، وحصولها على المتر بسعر 10 جنيهات فقط، ما أهدر على الدولة مليار و32 مليون جنيه.

 

 الرقابة الإدارية أكدت أن الشركة خالفت القانون في مشروع هرم سيتي، وأنها والمهندس الاستشاري هما المسئولان عن المخالفات التي شهدهاا لمشروع.

 

 

نيابة أول أكتوبر قدمت هي الأخرى مذكرة في القضية رقم 4562 لسنة 2011 جنح أول أكتوبر، طالبت فيها بإحالة المهندس عمر علي إبراهيم الهيتمي، العضو المنتدب لشركة أوراسكوم للإسكان التعاوني، للتحقيق بتهمة ارتكابه جنحة البناء بدون ترخيص في مدينة ” هرم سيتي “.

 

تقول مذكرة الإحالة المؤرخة في 3 /6 / 2012 ، إنّ جهاز مدينة 6 أكتوبر ، حرر في عام 2011 محضرًا ضد شركة أوراسكوم للإسكان التعاوني تحت رقم 36 لسنة 2011 بإيقاف أعمال البناء دون ترخيص الذي شرعت فيه الشركة، وأنّ الشركة لم تلتزم بوقف الأعمال، وعليه تمّت إحالة العضو المنتدب لشركة أوراسكوم للنيابة .

 

محاولات بائسة

 

الآن يسعى رجل الأعمال سميح ساويرس للحصول على باقي قطعة الأرض، على الرغم أنه لم يتم التعاقد فعليًا على باقي المساحة وهي 1380 فدانا، وما ورد في عقد المرحلة الأولى كان مجرد وعد بالبيع يمكن للوزارة التراجع عنه دون أدنى مسؤولية، وهو ما حدث بالفعل خاصة مع تأخر تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع في المدة المحددة، فضلا عن المخالفات التي شهدتها تلك المرحلة.

 

 

سميح ساويرس رئيس مجلس ادارة شركة أوراسكوم القابضة للفنادق والتنمية، المساهم الرئيسى بشركة أوراسكوم للاسكان التعاونى ، أعلن في تصريحات صحفية قبل أيام، عن تأجيل اللجنة الوزارية لفض منازعات العقود جلسة مناقشة ملف تسوية أرض هرم سيتى، دون تحديد موعد جديد للبت فيه أو تقديم أسباب، بما يعد تسويفا ينذر بتعطل اتمام التسوية، وفقا لتصريحاته.

 

وكانت الشركة قد تظلمت امام لجنة فض المنازعات، لتسوية النزاع القائم مع وزارة الاسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية حول ارض مشروع هرم سيتى، الذى توقف عقب ثورة 25 يناير 2011، وذلك بعد انهاء التعاقد مع الشركة، ووقف تسليم باقى مراحل أرض المشروع بمدينة السادس من أكتوبر، والاكتفاء بالمساحة التى حصلت عليها خلال مدة التعاقد والبالغة 620 فدانا، رغم ان عقد المشروع يتضمن وعدا بالبيع لمساحة 2000 فدان.

 

وقال ساويرس، إنه يمارس العديد من وسائل الضغط على اللجنة الوزارية لفض المنازعات، لسرعة الفصل في النزاع، مؤكدا أن الحكم سيكون فى صالح «أوراسكوم»، خاصة بعد أن حكمت اللجنة الوزارية مسبقاً لصالح الشركة فى نزاعها على أرض مشروع قنا جاردنز وهو نفس عقد مشروع «هرم سيتى».

 

الأزمة قد تأخذ منحى مختلف، خاصة مع قيام وزارة الإسكان بتنفيذ وحدات مشروع الإسكان المتوسط في الأرض محل النزاع مع شركة أوراسكوم للإسكان التعاوني، ما قد يشكل أزمة جديدة في حال صدر الحكم لصالح الشركة بأحقيتها في المساحة المتبقية محل الوعد بالبيع .

مقالات متعلقة