علاقات دولية باتت على المحك، وحرب بادرة ربما تندلع بين القاهرة والرياض، بسبب أزمة جزيرتي تيران وصنافير، وقبل تصاعد الأزمة خرج عدد من السياسيين المصريين وقدموا عدة حلول للخروج من الأزمة حالية.
طرح ثلاث كتاب في مقالات نشرت اليوم السبت، بأحد الصحف الخاصة، حلولا للخروج من الأزمة المشتعلة بين البلدين، إلا أن الجميع قدم نفس المقترح، وهو أن تؤول تبعية جزيرة تيران لمصر، وصنافير للمملكة العربية السعودية، إضافة لمقترح آخر بتحويل الجزيرتين لسوق اقتصادي مشترك تتحكم فيه البلدان.
لكن خبراء اختلفوا حول هذه المقترحات، فالبرغم من الترحيب المصري بها، إلا أن الشق السعودي يرفض التنازل عن إحدى الجزر ولا يمكن التنازل عنها.
غير منطقي ولا تنازل عن الجزر
في البداية رفض الدكتور أنور عشقي، وهو ضابط سابق بالقوات المسلحة السعودية، ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية بجدة، المقترح الذي تقدم به عدد من السياسيين المصريين، ﻷن الجزر سعودية، ولا يمكن التنازل عن أى منها.
ووصف عشقي في اتصال هاتفي مع مصر العربية المقترح باقتسام الجزر بأنه غير منطقي، قائلا: إنه لو صدر حكم من محكمة مصرية بأن مدينة تبوك مصرية فهل يجوز أن تتنازل عنها المملكة؟
وأكَّد أن الجانبين المصري والسعودي لم يتحدثوا حتى الآن بشأن الخروج من الأزمة، لافتًا إلى أن الجانب المصري لم يحسم موقفه سواء بحل الأمر عن طريق الوساطة أو التفاوض أو وسيلة أخرى، ومازالت الرياض تنتظر.
ووصف عشقي الخلاف الحاصل في الشارع المصري بسبب جزيرتي تيران وصنافير بأنّه تصفية حسابات بين الأشقاء المصريين، مطالبًا بتأجيل فتح الموضوع لحين عودة الهدوء، أو ما يسميه الجنرال السعودي بالوحدة الوطنية بمصر، مشددًا على أن الجزر سعودية.
وقال إنَّ كبار رجال القانون الدولي في مصر يُقرون بسعودية الجزيرتين، لكن وسائل الإعلام وغير المتخصصين هم من يروجون أنهما مصريتان، رغم تسجيلها تابعة للسعودية بالأمم المتحدة.
ونوَّه إلى أنه يجب التفريق بين التعيين والتحديد، لافتًا إلى أن الجزر سعودية بموجب اتفاق بين دولة المماليك بمصر في القرن 16 والدولة العثمانية.
واعتبر عشقي الحكم الصادر من محكمة الإدارية العليا برفض طعن الحكومة على حكم القضاء الإداري بمصرية الجزر، شأن مصري داخلي، لافتًا إلى أنّه بعد هدوء الأوضاع يمكن فتح الملف مرة أخرى.
لكن في الشق الآخر رحّب سيد قاسم، سفير مصر بالسعودية سابقا،ـ بالمقترحين، وقال إن الحل في الأصل سياسي ودبلوماسي، وأن الشق القانوني من القضية حسم بحكم الإدارية العليا.
وأضاف لمصر العربية أن جزيرة تيران القريبة من الحدود المصرية لا يوجد شك في تبعيتها لمصر، وصنافير جائز أن تكون سعودية، لذا فمن الوارد تطبيق مقترح اقتسام الجزيرتين، مشيرا إلى أن المفاوضات الدبلوماسية ستظهر حلولا أخرى ربما منها إنشاء منطقة تعاون اقتصادي بالجزيرتين، أو دخولهما ضمن الجسر المفترض قيامه بين البلدين.
ورفض قاسم، تلويحات بعض الأطراف المؤيدة لسعودية الجزيرتين باللجوء للتحكيم الدولي، ﻷن الأمر حكم بالقضاء المصري.
وبخصوص الحديث عن إغلاق ملف القضية لحين انتهاء موجة الغضب الموجودة بالشارع المصري، هاجم السفير السابق المقترح قائلا: "إن تأجيل البتّ في القضية أمر خطير، مشيرًا إلى أنَّ حالة الغضب والحكم الصادر من القضاء الإداري يمكن للحكومة المصرية استخدامها في إدارة المفاوضات".
وقال إنَّ الخلافات التى وقعت بين الرياض والقاهرة في السابق كانت بين الحكومات، أما الآن دخل الشعب في دائرة الخلاف الملتهبة، ولا بديل عن الحل الدبلوماسي ﻷنه لا يمكن المغامرة بالعلاقات المصرية السعودية بسبب هذه المشكلة.
الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع، وأحد من تقدموا بالمقترحين يقول إنّه لابد من حل الأزمة حتى لا يتحول الأمر لحرب باردة بين القاهرة والرياض.
ويضيف لـ مصر العربية، أنّ الخلافات تضر بالبلدين، وأنّ المستفيد الوحيد من الخلاف المصري السعودي، هي إيران التى نسجت خيوطها حول السعودية من أربع جهات في اليمن والعراق، وسوريا والبحرين، ومن بعده إسرائيل.
يشار إلى أنّ الحكومة المصرية أحالت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية الموقعة بين الطرفين في إبريل الماضي، للبرلمان رغم صدور حكم قضائي ببطلانها.
وأشارت إلى أنّ الجزر يمكن أن يكونا نواه لسوق عربية مُشتركة، على نحو ما أصبحت عليه منطقة الألزاس واللورين، بين فرنسا وألمانيا، نواة لاتحاد الحديد والصُلب بين البلدين، والتى سرعان ما تطورت إلى السوق الأوروبية المُشتركة (فى منتصف الخمسينيات) من القرن العشرين، ثم إلى الاتحاد الأوربي حاليًا والذى يعد أكبر تكتل اقتصادي بالعالم.
وأثار قرار الحكومة انقسام بين أعضاء البرلمان الذين يرى بعضهم ضرورة مناقشة الاتفاقية، وآخرون يرفضون عرضها على المجلس ﻷنها أصبحت ملغية.