موائد القمامة وبيع الضفائر.. هكذا وصل الحال في فنزويلا

القمامة أصبحت موائد طعام للفنزويليين

تتفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا، لتسجل أعلى معدل تضخم في العالم بالرغم من امتلاكها احتياطات نفطية كبيرة، والتي كانت تمثل 96 % من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بسبب انخفاض أسعار الذهب الأسود في الأسواق العالمية.

وبين تضخم كبير وانخفاض سعر العملة وتدني مستوى المعيشة يعاني الفنزويليون من شحّ في المواد الغذائية واﻷدوية بسبب عدم وجود الدولار. ليصل الحال بهم إلى الالتفاف حول صناديق القمامة بحثا عن بقايا طعام، فيما تلجأ الفنزويليات لبيع شعورهن لتلبية الاحتياجات الضرورية.  

بيع ضفائر شعر

 

في الحشد العابر إلى جسر سيمون بوليفار الفاصل بين حدود فنزويلا وكولومبيا، توجد امرأة تحمل ملصق وتوزع بطاقات مكتوبا عليها "نشتري الشعر بسعر جيد" بجانب صورة لـ"باربي".

 

تجار الشعر الجدد يقفون في واحدة من أكثر المناطق الحدودية النشطة والمربحة، بين باعة المياه، الشوكولاته، والصرافات، ولا يكفون عن صيحات "أيتها الأميرة، تبيعي شعرك".

 

"شعر الفنزويليات يسقط بسبب الإجهاد ونقص الشامبو، ونحن هنا نشتريه بسعر جيد"، تقول تاجرة لجريدة "الكونفدينثال" الإسبانية.

 

وتضيف التاجرة التي رفضت الكشف عن هويتها "ضفيرة الشعر تباع بـ 50 إلى 80 ألف بيزو كولومبي (حوالي 16-26 يورو)، ليصنع منها شعر مستعار ثم تباع بأكثر من 300 يورو".

تجارة العملة

 

لوث اردينا موظفة إدارية قدمت للسوق القائم على الجسر تقول:"لدي خمسة أطفال وجئت لبيع الذهب، نظراً للسعر الأفضل هنا، ولنري ما يمكن شراؤه لهم.. فالتاجر الكولومبي من يأس جيرانه".

 

"مازالت مكاتب الصرافة الكولومبية تقبل الأوراق النقدية فئة 100 بوليفار ولكنها تدفع سعرا أقل بكثير مما هي عليه، نأتي بكيس كبير من البوليفار لنأخذ حفنة من البيزو. إنه لأمر محزن"، يشرح الناقل الفنزويلي خورخي راميرو.

 

"السعر يمكن أن يختلف يوميًا اعتماداً على كمية البوليفار الواردة"، يقول أحد تجار العمالة المتمركزين عند المعبر الحدودي بالقرب جوانب الطرق.

الأزمة الصحية الوضع الصحي الذي تمر به فنزويلا يظهر عمق الأزمة التي تمر بها البلاد فهناك نقص في الأدوية يصل إلى ثمانية وتسعين في المئة من الاحتياجات، وضاعف ذلك وقف استيراد شركات الأدوية للمواد الأساسية بسبب نقص الدولار.  

مستشفى جامعة إراسمو ميوز، والمركز الطبي الرئيسي في كوكوتا، يتلقيان أسبوعيًا عشرات الفنزويليين. بعضهم يتلقى العلاج لفترة طويلة، كما هو الحال مع الفتاة "سيليني" (9 سنوات) التي تعاني من سرطان الدم، وتتلقي العلاج الكيميائي في كولومبيا.

 

في فنزويلا عندما نذهب بأطفالنا إلى المستشفى، علينا جلب كل شيء من المنزل، الكحول واليود والشاش .. وبعد ذلك يمكن أن تُلغي العملية لعدم السداد، تقول سانتشا سانشيز أم الطفلة.

الهجرة براً وبحراً

قبل أشهر، عندما فتحت الحدود بين فنزويلا وكولومبيا لتمكين المواطنين من شراء المواد الغذائية، وخلال بضعة أيام عبر نحو 120 ألف شخص على الأقل سيراً على الأقدام. جزء كبير منهم لم يَعُد إلى فنزويلا.

 

وفي عام 2016 ارتفع عدد الفنزويليين الذين فرّوا من البلاد بنسبة 60٪ عما كانت عليه الأرقام في 2015.

 

في البداية، بدأ نزوح من المطارات الدولية، والتي أطلق عليها الفنزويليون "القوارب الهوائية". ولكن سرعان ما زادت تكلفة تذاكر السفر، وأصبح يوجد صعوبة في الحصول على دولار والحصول على تأشيرة، ومن ثم ظهرت موجة من الهجرة غير الشرعية عن طريق البر، وبعد ذلك أيضًا عن طريق البحر.

 

وقال باحثون في جامعة فنزويلا المركزية أنه في الأشهر الـ 18 الماضية ترك 200 ألف فنزويلي البلاد. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية وبنما وكولومبيا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال من بين الوجهات الأكثر شعبية التي اختارها الفنزويليون.

أزمة اقتصادية

وأصدرت هيئة الرقابة على مؤسسات القطاع المصرفي في فنزويلا أمراً يقيد صرف النقود من أجهزة الصراف الآلي والبنوك، من بداية ديسمبر من العام الماضي.

 

وبناء على هذا اﻷمر لا يمكن للمواطن سحب مبلغ أكبر من 10 آلاف بوليفار في اليوم (حوالي خمسة دولارات بسعر السوق السوداء)، ويأتي هذا الإجراء غير المسبوق في فنزويلا، كمحاولة للحد من جنون التضخم.

 

ويرجع القرار إلى كثرة تداول عملة الـ 100 بوليفار، أعلى فئة مستخدمة في جميع المعاملات تقريبا، أي ما يعادل 0.05 دولار وفقا لتداول السوق السوداء.

وفي نهاية العام الماضي قرر الرئيس نيكولاس مادورو سحب الورقة النقدية من فئة 100 بوليفار من التداول في محاولة لوقف عمليات المضاربة على العملة المحلية وتهريبها إلى الخارج بكميات كبيرة.

 

بدأت فنزويلا في منتصف يناير الجاري التداول بالعملة الورقية الجديدة فئة خمسمائة، وخمسة آلاف وعشرين ألف بوليفار لتحل محل مئة بوليفار، لمواجهة التضخم المرتفع، وتساوي الورقة الجديدة من 500 بوليفار أربعة عشر سنتا أميركيًا، كما تعتزم الحكومة إصدار ورق نقدي من فئة ألف والفين وعشرة آلاف بوليفار قريبًا. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى بلوغ التضخم في فنزويلا 1600% العام الحالي، وهو المعدل الأعلى في العالم، حسب الصندوق.

تزايد العنف وصول انعدام الأمن لمستويات قياسية، كان أيضًا سببا لترك فنزويلا، ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة "المرصد الفنزويلي للعنف" (غير حكومية)، كان هناك 28.479 حالة قتل في عام 2016، بمعدل عشرة أضعاف المعدل العالمي وفي تزايد مستمر. وكانت كاراكاس هي المدينة الأكثر عنفًا في العالم.

 

وأغلقت فنزويلا عام 2016 كثاني أكثر الدول انعدمًا للأمن في العالم بعد السلفادور، وفقًا للمنظمة غير الحكومية.

على هذه الخلفية، أصبح الفنزويليون من جميع الطبقات الاجتماعية في حاجة ماسة لتترك وراءها ما يعتقد المراقبون أنه أزمة إنسانية وشيكة. أولئك الذين ما زالوا في فنزويلا يواجهون نقصًا حاداً في الغذاء والدواء. وزيادة كبيرة في معدلات جرائم القتل. وتضخم يسير بسرعة الصاروخ. وتراجع للحريات والديمقراطية. موائد القمامة

وفي مدينة كاركاس، يتجمع العاطلون عن العمل كل مساء حول أكوام القمامة للبحث في أكوام القمامة عن بقايا الفواكه والخضروات الفاسدة التي تلقي بها المحلات المجاورة، وكثيرا ما ينضم إليهم أصحاب الأعمال الصغيرة، وطلاب الجامعات والمتقاعدون، فالناس الذين يعتبرون أنفسهم من الطبقة المتوسطة سحقتهم مستويات المعيشة بعد التضخم الذي ارتفع ثلاث مرات.

 

مقالات متعلقة