أثار استقبال القاهرة لوفد حركة المقاومة الفلسطينية حماس الذي يرأسه نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق ، الكثير من التساؤلات، أبرزها يتعلق بموقف مصر من الحركة وقطاع غزة، وسط اتهامات بعض الأجهزة الأمنية للحركة بالتورط في عمليات إرهابية في مصر .
الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة ، قال إن زيارة هنية إلى القاهرة جاءت بعد أن أيقنت حماس أن التقارب مع مصر لا غنى عنه.
وأضاف المشاط في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن البوادر الإيجابية التي لمسناها خلال الزيارات الأخيرة التي كان آخرها القاء الذي جمع بين القيادى موسى أبو مرزوق، ومسؤلين من المخابرات المصرية تجعلنا لا نستهجن أو تستغرب الزيارة.
وأشار المشاط إلى أن الزيارة لابد أن تتطرق إلى التنسيق الأمني بين القاهرة وحماس، من أجل ضبط الأوضاع على الحدود، للحد من العمليات الإرهابية.
ويرى المشاط أن زيارة اليوم والتغييرات الإيجابية التي طرأت على العلاقات بين الجانبين تأتي في إطار التفاهمات بين البلدين ضمن التفاهمات الكبرى بين القاهرة وحماس وهو ما لاينفي أن هناك بعض الخلافات، كاتهام حماس في عدة قضايا.
وأوضح، "دائما في العلاقات الخارجية هناك تناقضات أو اختلافات كبرى وأخرى صغرى، أو رئيسية وثانوية، والمشكلة الأكبر بالنسبة لمصر هي الخلاف الفلسطيني الفلسطيني، فهذا الخلاف يعرقل أي حل للصراع العربي الإسرائيلي.
وأكد أن الأيام القادمة سوف تشهد الكثير من اللقاءات خاصة بعد الحديث عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فالوصول إلى تفاهمات بين الجانبين الفلسطيني الفلسطيني سيسهل بشكل كبير على إدراة الرئيس السيسي حل القضية الفلسطينية، أو على الأقل تحريك المياة الراكدة.
طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام" الفلسطينية الصادرة من الضفة الغربية، قال إن "هناك العديد من الإشارات لتحسين العلاقة بين مصر وحماس".
وأضاف في تصريحات صحفية أن "السلطات المصرية تدرك جيدا أن العلاقة مع حماس المسيطرة على غزة، ستحمل للقاهرة آثارا إيجابية على الصعيد الاقتصادي والأمني والسياسي، وبدورها قدمت حماس إشارات على أنها معنية بعلاقة جيدة مع السلطات المصرية وفض الاشتباك القديم".
محمد سعيد إدريس مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قال إن الزيارة تأتي في أطار سعي مصر لإيجاد صيغة تفاهم وأرضية مشتركة بين فتح وحماس"
وأضاف أدريس في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن هذه الزيارة تأتي استكمالا للزيارة التي سبقتها، كما إنها أيضًا تأتي لتؤكد على تحسن العلاقات بين حماس والقاهرة خاصة بعد فتح الأخيرة لمعبر رفع لعدة أيام خلال الشهور الأخيرة، كما أنها سمحت بدخول مواد بناء إلى القطاع.
ويرى إدريس أن التقارب من شأنه أن يحل الكثير من القضايا، كالتنسيق الأمني لمنع التهريب والحد من العمليات الإرهابية، ومحاولة الوصول إلى مصالحة مع فتح وهو ما تسعى إليه مصر.
وشهد العام الماضي نوعا من التحسن الإيجابي في العلاقة بين القاهرة و"حماس"، بعد أن سادت علاقة متوترة، عقب عزل الدكتور محمد مرسي الرئيس الأسبق، في 3 يوليو 2013.
الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، يرى أن زيارة إسماعيل هنية للقاهرة تأتي في أجواء طبيعية، لاسيما أن الزيارة سبقها أكثر من زيارة لوفود من حماس خلال الأشهر الماضية.
وأضاف فهمي في تصريح لـ"مصر العربية"، أن حماس تدرك جيدا الدور المصري الفعال ومساعيها في حل القضية الفلسطينية، خاصة في ظل الظروف التي تحيط بالمنطقة والتغيير الشامل في الإدراة الأمريكية الجديدة بعد وصول ترامب للرئاسة الأمريكية.
وأكد فهمي أن الإدارة المصرية تستمع جيدا لكل أطراف الجانب الفلسطيني من أجل الوصول إلى نقاط تفاهم بين الجانبين "فتح وحماس"، مضيفا ليس جديد على الجانب المصري سعيه فى محاولة تقريب وجهات النظر بين الأشقاء الفلسطينيين.
"آفي يسسخروف" محلل الشئون العربية بموقع "walla” العبري يقول :” "كثيراً ما وجد المسؤولون الإسرائيليون وكذلك الصحافيون أنفسهم يجلسون مندهشين أمام موجة السباب والشتائم التي تنطلق من أفواه مسؤولين مصريين عندما يُطلب منهم إبداء رأيهم في حماس، لدرجة أن لواء إسرائيلي سابق في قيادة الجنوب اضطر ذات مرة إلى تهدئة أحد نظرائه المصريين لدى إطلاقه توصيفات متنوّعة على قادة التنظيم الذي يسيطر على قطاع غزة، وقد تضمنت العديد من الإشارات إلى أمهات هؤلاء القادة. احتقر المصريون حماس ولم يخفوا ذلك، بالطبع بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في مصر صيف 2013". ويشير "يسخروف" خلال تحليله إلذي ترجمته "مصر العربية" إلى أن " مصر عدوة الإخوان المسلمين (التنظيم الأم لحماس) قررت تغيير موقفها وسلوكها تجاه حماس. الاتجاه الجديد في علاقة مصر وحماس ليس ناجماً على ما يبدو عن حب مفاجئ تجاه التنظيم. ربما أكثر لأسباب تتعلق بكراهية داعش". ويلفت الإسرائيلي "يوني بن مناحيم" في تحليل نشره "مركز القدس للشئون العامة والسياسية" بتاريخ 22 يناير 2017 تحت عنوان" شهر العسل الجديد بين مصر وحماس"إلى أنه :”في نهاية الأسبوع الماضي نشرت الصحف المصرية تفاصيل جديدة عن العلاقة بين تنظيم "حسم" الإرهابي التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وبين الجناح العسكري لحماس. لكن مع ذلك تواصل مصر التقارب مع حركة حماس بقطاع غزة".
ويضيف :”يتضح الآن أن التقارب المصري لحماس ليس ناجما فقط عن حقيقة التوتر الكبير في العلاقات بين مصر والسلطة الفلسطينية، في أعقاب رفض محمود عباس مطلبا مصريا بالتصالح مع محمد دحلان، بل يدور الحديث عن صفقة أمنية بين مصر وحماس وإذا ما استجابت الأخيرة للشروط المصرية، يتوقع حدوث تحسن جوهري في الموقف المصري من قطاع غزة". “بن مناحيم" يجمل هذه الشروط في تسليم حماس للقاهرة نحو 20 مطلوبا يختبئون بقطاع غزة ومشتبه في تورطهم في عمليات داعش الإرهابية داخل مصر. لافتا إلى أن المصريين سبق ورفضوا اقتراح حماس بطرد ثلاثة من المطلوبين خارج القطاع ويصرون على تسليم جميع المطلوبين. ويتعلق الشرط الثاني بحماية حدود قطاع غزة مع مصر. إذ تطلب مصر أن تعمل القوات التي نشرتها حماس على طول الحدود معها بشكل فاعل يعمل على "خنق تنظيم داعش بشمال سيناء". وفي وقت تطلب القاهرة من حماس وقف عمليات تهريب السلاح من قطاع غزة لسيناء كشرط ثالث، يدور الشرط الرابع حول تعاون أمني بين مصر وحماس. وبحسب "بن مناحيم"، تطلب الاستخبارات المصرية من الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 تزويدها بالمعلومات حول العناصر الإرهابية التي تتحرك في الأنفاق بين سيناء والقطاع، وحول كميات الأسلحة التي يتم نقلها في الأنفاق، والتي تعتبرها القاهرة سببا في تزايد قوة الإرهاب بسيناء. في المقابل، يؤكد المحلل الإسرائيلي أن حماس قررت في النهاية أن مصلحتها العليا تقتضي تحسين علاقتها مع مصر، مستغلة توتر العلاقات بين القاهرة والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأمر الذي من شأنه تخفيف الحصار على القطاع وتعزيز حكمها.
يذكر أن عضو المكتب السياسي لـ"حماس" موسى أبو مرزوق، التقى مطلع الشهر الجاري، مع مسؤولين مصريين في القاهرة، بحسب تصريح سابق للمتحدث باسم الحركة، حازم قاسم. وقال قاسم، آنذاك إن "تلك الزيارة جاءت ضمن لقاءات مستمرة مع الجانب المصري، تحرص عليها حماس وتسعى إلى تطويرها"، دون مزيد من التفاصيل.
ومنذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة صيف 2014، تعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية الداخلية.