مليشيات الحشد الشعبي في الموصل.. خطف واغتصاب ومحارق جماعية

جانب من العمليات العسكرية في الموصل

 

للشهر الرابع على التوالي مازالت دماء الأبرياء تسيل في معركة الموصل، وتتضاعف المخاوف من استمرار مليشيات الحشد الشعبي العراقي في الانتهاكات التي ينفذها بحق المدنيين دون تدخل واضح من السلطات العراقية، بحسب رؤى منظمة العفو الدولية والتي قالت إن هذه المليشيات تقتل وتعذب يوميا دون أدنى خشية من العقاب.

 

معركة الموصل والتي انطلقت قبل أشهر لتخليص سكان العراق من داعش بحسب تصريحات الجيش العراقي، وبمشاركة نحو 45 ألفاً من القوات التابعة للحكومة العراقية، سواء من الجيش، أو الشرطة، فضلا عن "الحشد الشعبي" (شيعي)، و"حرس نينوى" (سني) إلى جانب قوات البيشمركة وإسناد جوي من التحالف الدولي، لم تحقق تقدما ملحوظا حتى الآن، فلا يزال الغموض يخيم على النتائج الحقيقية للمعركة.

 

وتعد حملة استعادة الموصل بحسب الجيش والتي انطلقت في السابع عشر من الشهر الماضي أكبر عملية عسكرية في العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية من البلاد عام 2011.

 

وتتهم منظمات حقوقية في تقارير عدة، مليشيات عراقية منضوية تحت مليشيات الحشد الشعبي، بارتكابها جرائم قتل واختطاف وحرق للمنازل ودور العبادة في المناطق التي يتم استعادتها من تنظيم الدولة.

 

واتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير لها ميليشيات الحشد بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وتعذيب واختطاف آلاف الرجال والفتيان وارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك جرائم حرب. 

 

ودعت المنظمة الدول التي تزود العراق بالأسلحة إلى فرض "ضوابط أكثر صرامة على عمليات نقل الأسلحة وتخزينها ونشرها"، وذلك منعا لوصولها إلى أيدي ميليشيات الحشد الشعبي التي ترتكب بواسطتها انتهاكات خطيرة.

 

مباركة حكومية

 

وأكد تقرير المنظمة أن مؤسسات الدولة العراقية زودت ميليشيات الحشد الشعبي بالأسلحة، بينما جرت عمليات نقل أخرى للأسلحة إليها بموافقة مباشرة أو ضمنية من جانب السلطات العراقية.

 

وشددت المنظمة على ضرورة اتخاذ السلطات العراقية تدابير فورية "فعّالة للقيادة والسيطرة على الميليشيات شبه العسكرية من جانب القوات المسلحة العراقية، والإقرار بآليات للإشراف ومساءلة الفعالين من قبل هيئات مدنية".

 

كما أكدت على ضرورة "إجراء تحقيقات وافية وشفافة ومستقلة في جميع حالات الإعدام خارج نطاق القضاء وسواها من أشكال القتل غير المشروع والاختطاف والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها ميلشيات +الحشد الشعبي+"، كما تقول المنظمة الحقوقية.

 

ضم الحشد للجيش

 

وكان رئيس الحكومة العراقية حيد  العبادي قد أمر في يوليو الماضي بإعادة هيكلة مليشيات الحشد الشعبي وتحويلها إلى تشكيل عسكري يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب، بعدما كان قد أقر في وقت سابق بارتكاب الحشد انتهاكات ضد المدنيين بالفلوجة.

 

ويتألف الحشد الشعبي من 150 ألف مقاتل ضمن حوالي 42 مليشيا، تشكلت بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها مرجعية رجل الدين الشيعي علي السيستاني في النجف، وذلك بعد سيطرة تنظيم الدولة على مساحات واسعة من العراق في يونيو 2014.

 

شهادات على جرائم الحشد

 

وبحسب شهادات أدلى بها ناجون في مقاطع فيديو نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي ، فإن "المليشيات ارتكبت جرائم قتل وتنكيل وتعذيب بحق هؤلاء المعتقلين الذين كانوا محتجزين لدى مليشيات الحشد الشعبي".

 

وقال ناجون، إنهم "عذبوا بطريقة وحشية ومهينة وهناك من تم ذبحهم ودفنهم وهم أحياء في مقابر جماعية، وهشمت العشرات من رؤوسهم وكسرت أطرافهم، وأربعة منهم فارقوا الحياة من شدة التعذيب".

 

وكان مركز بغداد لحقوق الإنسان ذكر، أن "جرائم طائفية مروِّعة ارتكبها الحشد الشعبي وأجهزة أمنية وعسكرية أخرى وبمشاركة عسكريين إيرانيين، تمثلت بالإعدامات الجماعية والفردية خارج إطار القانون من ذبح وحرق ورمي بالرصاص ودفن للمدنين الأحياء بالجرافات".

 

وأضاف المركز في تقرير له أن الحشد الشعبي "ارتكب جرائم الإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، والاعتداء على أموال وممتلكات المدنيين، والاعتداء على الرموز والمقدسات الدينية للمسلمين السُنة".

 

تعزيز للانقسام المجتمعي

 

بدوره قال المحلل السياسي العراقي الدكتور عبد كريم الوزان، إن الجرائم التي ترتكبها مليشيات الحشد الشعبي الشيعي جاءت بمباركة من الحكومة العراقية والتي تدار بالأساس من طهران.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن ميليشيات الحشد تنفذ خطة إيران لإرهاب العراقيين السنة وإفراغهم من مناطقهم، لافتاً أن إيران تستغل كل المتاح لديها من سيطرة على العراق من أجل أجندتها المعروفة للجميع وهى تعزيز الانقسام المجتمعي بالعراق لتفكيكه بشكل كامل .

 

واستنكر الوزان عدم إدانة المراجع الشيعية العراقية للانتهاكات التي تركبها مليشيات الحشد، مؤكداً أن صمتهم يعبر عن  توافق تلك الجرائم مع ميولهم الخبيثة تجاه العراق وذلك لأنهم يتآمرون عليه مع قوى دولية وإقليمية.

 

خلق جيل متوحش

 

وأكد المحلل السياسي العراقي أحمد الملاح أن العراق أصبح بين مطرقة الملشيات وسندان داعش وبين هذا وذاك تحدث كمية فظائع بحق الإنسان بغض النظر عن الانتماء لذلك الإنسان .

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن ما يحدث من جنون حالي تقوم به داعش والملشيات على حد سواء أمام الكاميرات والعالم أجمع، سيؤدي لخلق جيل متوحش وهذا بحد ذاته كارثة لا تقل قبحها عن الكوارث الحالية.

 

 وأوضح أن المليشيات الشيعية أخطر من داعش على العراق، لسبب محدد وهو شرعنة وجودها بغطاء حكومي، والذي لا يستطيع الضرب بيد من حديد على التجاوزات التي يقوم بها أفراد تلك الملشيات.

مقالات متعلقة