أصبحت قضية الطلاق الشفهي، حديث الساعة بمصر فور اقتراح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته بعيد الشرطة، إصدار قانون يحتم عدم وقوع الطلاق إلا أمام المأذون فقط، لإعطاء فرصة للمتزوجين كي يراجعوا أنفسهم، حتى لا تهدم الأسر وتشرد الأطفال بكلمة، وطلب الرئيس من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إصدار فتوى رسمية فى هذا الشأن.
مقترح الرئيس السيسي سبق وأن دعا له الدكتور سعد الدين الهلالي، منذ عامين في سلسلة من المقالات نشرت فى هذا الشأن وحملت عنوان "الطلاق الشفهي"، وتولى الجندي الترويج للقضية عبر وسائل الإعلام، وتباينت ردود أفعال المتخصصين حينها حول القضية، وأرجع المعارضون أسباب رفضهم الدعوة لضرورة عرض المسألة على المجامع الفقهية واللجان المتخصصة لأن الطلاق من الأمور العامة، بينما أكد المؤيدون أن إبطال الطلاق الشفوي من الأمور التي في صالح الأسرة لأنه يعتبر أحد قيود تقليل الطلاق.
وفى أول رد فعل له على حديث الرئيس، أكّد الداعية الإسلامي خالد الجندي، أنه ليس صاحب السبق في الحديث عن قضية الطلاق الشفهي فقد سبقه علماء كبار أمثال الشيخ سيد سابق، وجاد الحق ومحمد الغزالي، وأحمد محمد شاكر، إلى أن وصلنا لفقيه الأمة – حسب تعبيره- الدكتور سعد الدين الهلالي، لافتا إلى أنه تحمل مسئولية طرح هذا الموضوع مهما تكبد من مشاق، وأقنع أم زوجته في طباعة كتاب "فقه المصريين في إبطال الطلاق الشفهي للمتزوجين بالوثائق الرسمية"، والذى جمع فيه سعد الهلالي كل الآراء الفقهية فى مسألة الطلاق، وتم توزيع الكتاب مجانًا على المواطنين، معربا عن ثقته في قدرة الأزهر وهيئة كبار العلماء على إخراج الموضوع كفتوى رسمية تمهيدًا لصدور تشريع قانون بها.
أما الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه بالأزهر، فقال: إنّ من حق الشعب أن يضع قيدًا على التوثيق يحقق المصلحة العامة، وأن التلفظ بلفظ الطلاق ليس طلاقا، ومن يرى أن الطلاق يقع بمجرد ذكر اللفظ هم مجموعة من المغيبين يعيشون في زمن الثلاثينات في مصر، مشددا على أنه إذا كان الزواج بوثيقة، فلابد أن يكون الطلاق بوثيقة، منوها إلى أن كل حالات التفريق بين الزوجين القائمة على الطلاق الشفهي ظلمت الجميع.
وذكر أن مادة توثيق الطلاق كانت موجودة في القانون منذ عام 2000 وحتى عام 2006 لكن تيارات الإسلام السياسي رفعت قضية وأسقطتها.
بدوره شدد الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، على ضرورة أن تعرض قضية إلغاء الطلاق الشفهي على مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء الأزهر، لتتولى بحث الموضوع ودراسته وإبداء الرأي الشرعي فى المسألة سواء بالموافقة أو الرفض.
وقال سالم لـ"مصر العربية": أنا أثق في أنَّ مصر أو القيادة السياسية لن تأخذ أى إجراء يمس الأمور الشرعية إلا بعد الرجوع لأهل الذكر في هذا الشأن وهو الأزهر الشريف، ومما يؤكد كلامي قول رئيس الجمهورية لشيخ الأزهر إية رأيك يا فضيلة الإمام؟".
من جانبها قالت الدكتوره فتحية الحنفي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن ما ذكره الرئيس بإصدار قانون بأن لا يتم الطلاق إلا أمام المأذون هذا شيء طيب حتى يعطي مهلة لكل من الزوجين في التفكير خاصة في يومنا هذا، حيث فسدت الأخلاق وصار كل من هب ودب متزوج وغير متزوج يلفظ بالطلاق وكأنه كلمة عابرة لا يترتب عليها أي أثار، وقد يكون المقصد من وراء ذلك التأني في استعمال هذا اللفظ لما له من آثار سلبية علي الحياة الزوجية.
وأشارت فى تصريح لـ" مصر العربية"، إلى أنّ الرئيس السيسي أراد أن يلجأ إلي ذلك؛ لأن هذا العام هو عام المرأة، مشددة على ضرورة عرض القضية على المتخصصين قبل أن يقنن، وذلك لأن الطلاق أمر ذات أهمية خاصة ولا يفتي به أي شخص إلا ذوي الاختصاص لما يترتب عليه إنهاء عقد الزوجية، وما يليه من تبعات أولاد نفقة وغيره، ولذا وجب أن يذهب معًا لعرض الأمر عند ذوي الاختصاص.
وطالبت أستاذ الفقه بالأزهر، جميع الأزواج والزوجات بالتريث، قبل التوصل إلى قرار الطلاق، مؤكدة أن الطلاق ليس هو الحل بل هناك طرق أخرى وجب اللجوء إليها، مضيفا : أقول إن الرجل دائما يحكم عقله في أمور حياته وهذا أول شيء يحكم فيه العقل ولا يتبع الهوى، وكذا الزوجة لا تفكر بعاطفتها بل تفكر في أسرتها وحياتها الخاصة وأهم شيء لا تجعلوا الأهل يتدخلان إلا إذا انعدمت كل الطرق لأن عقد الزوجية رباط مقدس قال تعالي" وأخذ منكم ميثاق غليظا}، وقوله سبحانه " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" كيف يضيع ذلك بمجرد أي خلاف أفيقوا أيها الأزواج والزوجات".
وفي تصريحات صحفية له، كشف الدكتور عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان عن تجهيز قانون لتنظيم الطلاق الشفهى استجابة لدعوة الرئيس السيسى، لافتًا إلى أن هذه الدعوة أبلغ دليل على اهتمامه بالأسرة المصرية وترابطها، مشددًا في الوقت ذاته على أن قانون الطلاق الجديد سيكون متوافقًا مع أحكام الشريعة الإسلامية.
من جانبه الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، إن هيئة كبار العلماء، تعكف على دراسة العديد من القضايا المتعلقة بالطلاق للحد من حالات الطلاق، ومنها عدم وقوع الطلاق إلا بالإشهاد وعن طريق القاضى، وذكر أنه كتب عدد من المقالات تناولت الإشهاد على الطلاق ومعروض على هيئة كبار العلماء ويبحث بالفعل فى محاولة لتضييق الفجوة وتقليل حالات الطلاق.
نسبة الطلاق في مصر
وفي دراسة حول عن الخطورة المجتمعية والأخلاقية بسبب انتشار ظاهرة الطلاق و الخلع، كشف الدكتور أحمد مهران أستاذ القانون العام و مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية و القانونية أن الدراسة أثبتت أحتلال مصر للمرتبة الاولى على العالم فى معدلات الطلاق أو فرق الزواج – كما يطلق عليها - سواء كانت طلاق أو خلع أو تطليق ، ظاهرة خطيرة تتفاقم فى المجتمع المصري حيث ارتفعت معدلات الطلاق لتصل من 7% الى 44% خلال السنوات الماضية فقد زدات نسبة الطلاق ما بين عامى 1990 و 2013 الى 145% .
كما سجلت الدراسة أن معدلات الطلاق فى تزايد مستمر و بشكل مخيف حيث بلغت 87 الف حالة طلاق عام 2007م فى عام 2009م 141 الف و 500 و استمر التصاعد حتى وصل الى 324 الف مطلق و مطلقة عام 2009م.
وسجلت الاحصائيات 149 الف و 376 حالة طلاق عام 2010م وفقا لجهاز التعبئة و الاحصاء – فى عام 2011م ارتفعت معدلات الطلاق بشكل ملحوظ جدا و تحديا عقب ثورة يناير و انتشار الخلافات السياسية و الفكرية بين الازواج لتصل الى 220 الف حالة طلاق.
و فى عام 2012م بلغت معدلات الطلاق 155.3 الف حالة طلاق مقابل 15000الف حالة حصلت على حكم بالتطليق ، عدد احكام الطلاق النهائية عام 2012م 4795 حكما – دون الابتدائية – بزيادة تمثل 36.5% بسبب زيادة دعاوى الخلع فى مصر بما يمثل زيادة فى حالات الطلاق تصل الى 68.9% من حالات الزواج خلال الاعوام 2010 الى 2013 انتهت بالطلاق أو الخلع و هم ما يكشف عن الاثار السلبية الخطيرة التى خلفها قانون الخلع قانون سوزان مبارك.