"مرور عام على مقتل جوليو ريجيني يلقي بظلاله على علاقات إيطاليا ومصر".. تحت هذا العنوان سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على أنَّ الفشل في العثور على قاتل جوليو، حتى اﻵن أثر على العلاقات بين البلدين، وخاصة بشأن ليبيا.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الأربعاء في الذكرى السنوية اﻷولى لمقتل ريجيني:" رغم تضرر العلاقات الدبلوماسية، توسعت صفقات الطاقة بين روما والقاهرة، ووصلت لمليارات اليورو، بجانب أنَّ المطالبات في إيطاليا بكشف حقيقة ما حدث لجوليو، والمتمثلة في الأعلام الصفراء الكبيرة التي كانت على كل المنازل والمباني، وتدعو إلى "الحقيقة لجوليو"، أصبحت حاليًا أقل مما مضى.
وفيما يلي نص التقرير:
باز زاراتي صديقة ريجيني، تتذكر المحادثة الأخير مع جوليو ريجيني، طالب الدكتوراه بجامعة كامبريدج - البالغ من العمر 28 عامًا- والذي اختفى في شوارع القاهرة قبل عام.
وحكت زاراتي قائلة:" ريجيني كان سعيدًا في الحياة والحب أيضًا والوفاء لما يقوم به .. وكان يحاول مساعدة الآخرين في دراسته، ويدفع باتجاه ما يعتبره حظه الكبير".
وبعد العثور على جثة ريجيني في حفرة على جانب الطريق بعد تسعة أيام وعليها كدمات وعلامات تعذيب، كانت زاراتي وغيرها من الأصدقاء المقربين الذين بدأوا حملة دولية للمطالبة بالعثور عليه، يحصلون على إجابات، وهي الحملة التي كان لها نتائج وخيمة على العلاقات المصرية اﻹيطالية، والتي استدعت سفيرها لدى القاهرة جراء الإحباط الناجم عن عدم التعاون في التحقيق بوفاة ريجيني.
الكثير يعرفون عن الأيام الأخيرة لطالب كامبريدج، بما في ذلك رئيس نقابة الباعة الجائلين، محمد عبد الله، الذي أبلغ السلطات المصرية عن تحركات ريجيني، ودراسته عن الحركات العمالية.
وليس من المؤكد ما إذا كان هذا أدى إلى وفاة ريجيني، ولكن في إيطاليا يعتقد على نطاق واسع أنه ( ريجيني) تعرض للتعذيب، والقتل على يد عناصر من اﻷمن المصري، حتى لو كانت حكومة عبد الفتاح السيسي تنفي ذلك.
وقال مسؤول إيطالي تحدث لصحيفة الجارديان البريطانية - بشرط عدم الكشف عن اسمه- :" نحن في مأزق؛ الحكومة تصارع ﻹنهاء المأزق، خاصة مع الاهتمامات المشتركة بين القاهرة وروما والضغوط السياسية، وخاصة الخارجية فيما يخص تفاقم الأزمة في ليبيا حيث تملك مصر تأثيرًا كبيرًا هناك.
الاجتماعات المنتظمة في روما بشأن التحقيقات المشتركة في وفاة ريجيني تشير لحدوث تقدم، وحتى اﻵن المسؤولون الإيطاليون أعلنوا أنهم تلقوا حاليًا كل الأدلة المطلوبة - مثل سجلات الهاتف-، هناك تأكيدات قليلة على أنَّ هذا اﻷمر سوف يؤدي إلى إجراءات ملموسة من جانب النظام القضائي المصري لمحاسبة قتلة ريجيني.
جهود عائلة ريجيني المستقلة للحصول على إجابات عما حدث لابنهم لم تجد إلا الصمت، المستشار القانوني للأسرة في مصر طلب مرتين الحصول على نسخة من ملف القضية في النيابة العامة؛ حيث يعتقد أن الملف يحتوي على معلومات حساسة، بما في ذلك أسماء المتورطين في قتل ريجيني، لكنه لم يتلق ردًا.
وقال أحمد عبد الله، رئيس مجلس أمناء الهيئة المصرية للحقوق والحريات:" طلبنا الأوراق من النائب العام في مصر ، ولم نحصل على أي شيء؛ ﻷنَّ إعطاء المحامين الأوراق يعني الاعتراف بعملهم على القضية، ويمكن المطالبة بالشهود".
الفشل الواضح في محاسبة قاتل ريجيني كل هذه المدة يلقي بظلاله على العلاقات اﻹيطالية المصرية، حيث يجعل اﻷمور أكثر صعوبة في التعامل مع القاهرة حول استقرار ليبيا، وهو أحد اﻷهداف السياسة الخارجية الأكثر أهمية بالنسبة لروما.
مصر تدعم حفتر، القائد العسكري لحكومة شرق ليبيا، والذي يعارض الحكومة الإيطالية، والحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس، حيث قد تعيد روما فتح سفارتها.
ليبيا نقطة انطلاق اللاجئين الذين يصلون إلى إيطاليا عن طريق البحر، والذين بلغ عددهم أكثر من 180 ألف عام 2016.
وقال السفير السابق لحلف الناتو لدى إيطاليا ستيفانو ستيفانيني:" نحن بحاجة إلى قدر كبير من الدبلوماسية الإقليمية في ليبيا، ويمكن لقضية ريجيني أن تكون حجر عثرة"، وسوف تدفع العلاقات مع القاهرة لأدنى مستوياتها.
وقال مسؤول حكومي أمريكي رفيع المستوى خدم في عهد باراك أوباما رفض اﻹفصاح عن اسمه: قتل ريجيني أصاب بشدة العلاقة بين مصر وإيطاليا، إلا أن متحدثا باسم وزارة الشؤون الخارجية المصرية أحمد أبو زيد نفى أي تأثير دائم.
وفيما تضررت العلاقات الدبلوماسية، توسعت صفقات الطاقة بين إيطاليا مع القاهرة ووصلت لمليارات اليورو، وأصدرت "ايني" شركة النفط التي تسيطر عليها الحكومة الإيطالية، بيانًا للمطالبة بتحقيق العدالة في قضية ريجيني، لكنها توسعت في أعمالها بمصر.
وفي إيطاليا، الأعلام الصفراء الكبيرة التي تدعو إلى "الحقيقة لجوليو" لا تزال تطير خارج مباني البلدية، والمنازل، ولكنها ليست كثيرة كما كانت من قبل، والدة ريجيني باولا، أصبحت شخصية عامة ومؤثرة للغاية، وقالت الصحيفة الإيطالية "لاريبوبليكا" إن والدة ريجيني أصبحت رمزا للبحث عن الحقيقة والعدالة، وليس فقط في قتل ابنها، ولكن لجميع انتهاكات حقوق الإنسان.
قتل ريجيني ينظر إليه باعتباره رمزًا لعدد كبير من حالات الاختفاء القسري في مصر، ويرتبط على نحو واسع بالتعذيب، حيث يحتجز الضحايا في سرية دون السماح لهم بالاتصال بعائلاتهم أو محاميهم في مصر.
الرايط اﻷصلي