"بعد 6 سنوات من ثورة يناير.. الغرب يمكن أن يتعلم من أخطاء الربيع العربي".. هكذا سعى الكاتب البريطاني "إتش إيه هيلير" تسليط الضوء على الذكرى السادسة لثورة يناير، وسط التحولات التي تشهدها الساحة العالمية واحتمالات الثورة ضدها.
ونصح المحلل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، خلال مقال نشره موقع "إنترناشيونال بيزنس تايمز" البريطاني، نشطاء العالم بضرورة التعلم من أخطاء الربيع العربي خلال ثورتهم القادمة ضد اليمين المتطرف الذي يجتاح أوروبا، أو دونالد ترامب الرئيس اﻷمريكي الجديد.
وفيما يلي نص المقال:
مرت ست سنوات على الانتفاضة الثورية في مصر ( 25 يناير 2011)، واضطرابات الصحوة العربية بين 2010-2011 والتي أدت إلى اشتعال الثورات في بقية الدول العربية.
لكن أواخر يناير هذا العام يصادف بداية لعهد جديد عبر المحيط الأطلسي، في الولايات المتحدة الأمريكية، بوصول دونالد ترامب لسدة الحكم رغم المعارضة الضخمة ضده، وفي الوقت نفسه، أوروبا تشهد تحولاً جذريًا ناحية اليمين المتطرف، واستفتاء انفصال بريطانيا عن الاتحاد اﻷوروبي يتردد صداه بشدة في القارة العجوز.
كل ذلك يجري في الكثير من العواصم الغربية، ونراها بسهولة، ولكن لا نتعلم من دروس الماضي، ويجري تجاهلها في بلدان العالم.
عندما نفى المتحدث باسم "دونالد ترامب" أن يكون حشود تنصيب الرئيس ترامب أصغر من باراك أوباما عام 2009، أعاد على الفور إلى الأذهان أكاذيب ممثلي الحكومات في العالم العربي.
وعندما يجتمع خيرت فيلدرز مع مارين لوبان، وغيرهم من قادة اليمين المتطرف ليعلنوا أن 2016 كانت سنة استيقظ فيها العالم الأنجلو ساكسوني، هذا يشبه إلى حدٍّ مخيف الطائفية المسعورة التي تنهش الكثير من العالم العربي، ولتحقيق بعض المكاسب السياسية، وهناك بعض التشابه بيننا وبينهم حتى لو كانوا من عالمين متباعدين.
ولكن لا يجب أن يكون هذا مصدرا لليأس، والقنوط لأنه بعبارة أخرى، يمكن للغرب أن يتعلم من أخطاء الثورات العربية.
وباعتبار أنني أكاديمي نصف إنجليزي، ومحلل مقيم في اثنين من مراكز البحوث الغربية، شاهدت خيارات الناخبين البريطانيين لتقرير مغادرة الاتحاد الأوروبي، مع الوضع في اﻷذهان دونالد ترامب في الغرب.
وباعتبار أنني عشت خلال الانتفاضة الثورية عام 2011، الذكرى التي أتأملها اليوم، وبقدر ما زلت فترة ثورية من تاريخ مصر الحديث، كانت هناك عثرات أيضا وقع فيها المعسكر الثوري.
العديد من تلك الأخطاء وقعت بحسن نية، ولكن هناك دروس يمكن استخلاصها ونحن نحاول أن نفهم الفترة الثورية في تاريخ مصر الحديث، ويمكن للغرب التعلم منها.
أولا: عندما بدأت الثورة في مختلف المدن، والبلدات في مصر - وليس فقط في ميدان التحرير الذي كان أكثر وضوحًا لأنَّ وسائل الإعلام في العالم ركزت عليه - لم يكن هناك قادة للثورة.
في ذلك الوقت، الكثير من الذين دعموا الثورة اعتقدوا أنَّ هذا شيء جيد؛ لأنه يعني التعددية، وغياب الشخصية القوية التي سوف تستأسد على الجماهير.
إلا أنه خلاف ذلك، فإن القوات الأكثر تنظيمًا رسمت الحقائق على اﻷرض، وفي مصر، كان ذلك واضحًا، في جماعة الإخوان المسلمين الذين احتكروا الثورة لصالح أهدافهم الخاصة، ونجحوا لبعض الوقت.
ثانيا، المعسكر الثوري، رغم كل ما كان يستحق من الدعم الديموجرافي، انزعج من الانقسام، وبدون هذا الانقسام، فمن شبه المؤكد أن المرشح الرئاسي الموالي للثورة كان سوف يفوز بالرئاسة عام 2012.
وما كان يمكن أن يحدث بعد ذلك، هو مسألة أخرى تمامًا، فلم يكن أمام الناخبين المصريين حينها، إلا الاختيار بين بقايا نظام مبارك السابق، وشخصية من الجناح اليميني المتطرف لجماعة الإخوان، وكان خيارا رهيبا.
ثالثا، الاعتماد على الاحتجاج - أداة لا تقدر بثمن ولا غنى عنها وكانت ظاهرة وتدل على المقاومة، وتحفز الروح المعنوية - ولكن يمكن أيضًا أن ينظر إليها من قبل العديد من المتظاهرين كغاية في حد ذاتها، وتحول الطاقة الثمينة بعيدًا عن الأدوات الأخرى التي لا تقل أهمية.
وفي مصر، تعلم الناس أنه عندما يكون هناك عدد كبير في الشوارع تتغير السياسة، وأدَّت إلى سقوط الرئيس، لكن هذا الحشد من المتظاهرين فشل في تحقيق اﻷهداف، بجانب أنَّ التظاهر يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.
وفي استطلاع نشرته مؤسسة "جالوب" كشفت أن الغالبية العظمى من المصريين يعارضون الاحتجاجات في 2011 و 2012 بعد سقوط مبارك ويريدون الاستقرار.
ونأمل أن يتعلم النشطاء في بريطانيا، ومناهضو ترامب في الولايات المتحدة الدروس من الثورة المصرية.
الرابط اﻷصلي