ذوو اﻹعاقة في ثورة يناير.. حكايات من قلب الميدان

أحد ذوي اﻹعاقة المشاركين في الثورة

ستة أعوام مضت على ثورة 25 يناير، التي أسقط فيها المصريون نظام حسني مبارك، وهتفوا وقتها "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، ليسطروا بهتافاتهم  ثورة يتحدث عنها العالم.

 

18 يوماً عمت فيها الفوضى في العديد من الشوارع بعد انسحاب الشرطة منها، وفى منتصف الأجواء التي كانت تشبه الحرب وقف ذوي اﻹعاقة كتفاُ إلى كتف بجانب الثوار.

 

"مصر العربية" ترصد في الذكرى السادسة للثورة حكايات من قلب ميدان التحرير لذوي اﻹعاقة الذين شاركوا في الثورة.

 

أبو اليزيد.. لم تمنعه الإعاقة من نقل المصابين في 25 يناير

 

وقف "أبو اليزيد رز ق"، بدراجته البخارية ذات الثلاث عجلات، والخاصة بذوي اﻹعاقة جنبًا إلى جنب بجوار متظاهري ثورة 25 يناير، لا يجرى ولا يقفز، فقط يهتف في هدوء وعندما يشتد الضرب يحاوطه المتظاهرون لحمايته من أي مكروه ـ بحسب روايته ـ.

 

يحكي أبو اليزيد أحد ذوي الإعاقة الذين شاركوا في الثورة  لـ "مصر العربية" قائلاً: “يوم 25 خرجت من منزلي بالقليوبية بدراجتي البخارية وذهبت على ميدات التحرير، وانتظرت زملائي على مشارفه، وعندما بدأ الضرب دخلت إلى أحد الشوارع الجانبية حتى اتفادى الاصابة".

وتابع: "بعد ذلك قررت أن يكون الموتوسيكل الخاص بي متاح دائماً لنقل المصابين للمستشفي الميداني، خاصة وأنه ذات ثلاث عجلات ومن الصعب انقلابه، كانت مهمتي اﻷساسية أن أحضر الطعام للميدان لسهولة تنقلي بالموتسيكل وعدم تعرضه للضرب ﻷنه معروف أن من عليه من ذوي اﻹعاقة ولم يكن أحد يتخيل أننا مشاركين في الثورة.

وأضاف رزق: "ثورة يناير كانت عباره عن حلم، وجميع الشباب كانت تحلم بكرامة للموطن المصري، وكان مهم جداً أنهم يعرفوا اننا كذوي إعاقة موجودين وحلمنا نفس حلمهم ﻷننا شركاء في الوطن."

وواصل: "على الرغم من الصعوبة التي كنت أواجهها كمعاق خاصة وقت اﻹشتباكات، إلا أن تعاطف الناس معي كان أكبر حافز لي على الاستمرار وعدم ترك الميدان"، مضيفاً: “الناس كانت بتخاف على بعض والشباب والبنات كانو ايد واحدة".

ويروي أبو اليزيد أنه يوم 28 يناير المعروف بـ"يوم الغضب"، كان موجودًا في التظاهرات التي انطلقت أمام ماسبيرو، قائلاً: “ الضرب لما زاد البنات والشباب كانوا محجزين عليا علشان البنزين اللي في الموتسيكل كان خلص والبنات سندتني ونزلوني من على سور الكورنيش عند المرسى النهري بعيداً عن الضرب، ودا من المواقف اللي مش ممكن أنساها ابداً".

وعن إحساسه لحظة تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك قال أبو اليزيد: “ كنت حاسس اننا انتصرنا ، واننا بقينا جزء من الشعب ، وكنت بقولهم أن مبارك لم يتنحى ولكننا نزعنا منه الحكم".

واختتم كلامه عن ثورة 25 يناير قائلاً: "أنا ندمان إن الثورة لم تحقق أي هدف من أهدافها حتى الآن بس الأمل لسة كبير "، مضيفاً "الثورة اللي كانت بتنادي بالعيش والحرية جاءت بفصيلين أفقدوا المواطن ابسط حقوقه في الحصول على العيش".

أيمن فهيم..الثورة كانت شعاع النور

أيمن فهيم صاحب اﻹعاقة الحركية الذي نزل إلى الميدان يوم 5 فبراير يحكي كيف كشفت له الميدان حقيقة كذب اﻹعلام المصري.

 

ويحكي فهيم ذكرياته  في الثورة قائلاً " أول يوم ليا في اليدان كان 5 فبراير، دخلت الميدان من جهة شارع قصر النيل، وكنت بتحرك بالكرسي المتحرك بتاعي وكلي طاقة عشان أشارك بقصائدي، كنت وقتها مشفق على مبارك شوية وكنت بفكر أقنع اللي أقدر عليه من الثوار إنهم ينتظروا عليه شوية".

 

وأوضح قائلاً: " طبعًا أنا كنت مغيب وتفكيري كان خاطئ لأن الإعلام كان لسه مع مبارك وأنا من يوم 28 /1 حتى 4/ 2 قاعد في بيتي بالمنوفية باسمع هذا الإعلام الكاذب، فكنت مقتنع أنه ليس بهذا السوء، إلى أن دخلت التحرير واندمجت مع الثوار في الميدان وعرفت كذب وضلال الإعلام المصري".

 

وتابع: "وانا داخل على الكرسي بتاعي بعد معديت التفتيش يوم 5 / 2 فجأة لقيت بعض الثوار في استقبالي ومبسوطين ورحبوا بيا بالتصفيق والأغاني الثورية الترحيبية وبسرعة شالوني بالكرسي  مسافة غير قصيرة وهم يغنون، فأنا عمري مهنسى هذا الاستقبال".

 

وأضاف "اندمجت مع الثوار وعرفت مدى الفساد الذي كان عليه مبارك وشلته، وفي نفس اليوم ذهبت إلى إحدى المنصات لألقي شعرًا وقالوا لي غدًا سنجعلك تلقي شعرك لأن هذه الليلة كانت مزدحمة بالفقرات، وبالفعل ألقيت شعر على المصة في اليوم التالي".

كفيف في جمعة الغضب

كان قرار النزول إلى ميدان الثورة  شديد السهولة على "محمد أبو طالب"، الكفيف الذي اختار أن يسافر من سوهاج إلى القاهرة، ليكون في ميدان الثورة ويعبر عن رأيه ويشارك في ثورة 25 يناير.

 

يحكي أبو طالب لـ"مصر العربية"، ذكرياته مع الثورة في ذكراها الخامسة قائلًا: قررت أني أنزل القاهرة فجر يوم 28 ومكانش فيه مواصلات من سوهاج للقاهرة مع الوضع في الاعتبار أن الصعيد كان في غيبوبة كاملة عما يحدث في البلد، وحالفني الحظ أن صديق لي كان مسافر اسكندرية بسيارته النقل أخدني معاه ووصلني لحد حلوان وأنا بدأت أتعامل".

 

وتابع: "مكنش صعب قوي أني أعرف أوصل للميدان وخصوصًا أنني أحضر  للقاهرة كثيرًا، وصلت على قبل ظهر الجمعة من ناحية ماسبيرو ودخلت بأعجوبة للميدان، حبيت أتصل ببيتي لقيت شبكة المحمول واقعة وسألت وعرفت أن الشبكات كلها واقعة قلت الحمد لله جت من عند ربنا".

 

ويروي أبو طالب عن تواجده وسط المتظاهرين وهو كفيف: "من البداية كان وجودي مستغرب والقلق المتمثل في كلام الناس لحد ما بقيت أمر واقع وسطيهم عادي، كنت ساعة الاشتباكات الناس بتحاول تخليني بعيد، وأفتكر مرة قلت لواحد حبقى بعيد لو فيه حاجة حتصيبني حتصيبني محدش حيمنعها".

 

وتابع: "تفاصيل كتيرة محفورة في ذاكرتي حفر كأنها امبارح، كنت بحاول أتعرف على الميدان وأشوف نفسي هأعرف أمشي لوحدي ولا ﻷ، خاصة مع زيادة انطباعات الناس واستغرابهم وجودي لحد ما تعبت من قنابل الغاز، قعدت مكاني على أحد الأرصفة وحاولت أن لا تظهر عليا علامات التعب، فقعدت حوالي نص ساعة لحد ما اقترب الضرب ناحيتي فقررت التحرك ولحد النهاردة معرفش سر قوتي في هذا الوقت حتى وصلت لنصف الميدان وجلست عند منتصفه".

 

وأكد أبو طالب: "انضربت كتير، وأصبت أيضًا لكن إصابات دون جروح مجرد كدمات نتيجة وقوعي على الأرض أثناء الجري"، لافتًا إلى أنه استمر في الميدان حتى لحظة تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك.

ولفت  إلى أنه توقع التنحي خلال ساعات بعد خطاب المخلوع يوم 10 فبراير، مضيفًا: "نبرة الإحساس بالهزيمة للمخلوع والانكسار اللي جواه كانت باينة قوي على نبرة صوته وأن دا اسمه النزاع الأخير وكأنه حاجة بتطلع في الروح وبتكابر أنها متموتش، موضحًا أن إحساسه لحظة التنحي صعب أن يوصف بكلمات ﻷنها لا توجد كلمات في معاجم اللغة تعبر عن الإحساس يومها.

وتعتبر ثورة 25 يناير بالنسبة لذوي اﻹعاقة شعاع اﻷمل الذي اعطى لهم قُبلة الحياة، فمنذ اندلاعها لم يعرف ذوي اﻹعاقة السكوت عن حقوقهم، حتى تمكنوا الحصول على العديد منها مثل انشاء مجلس قومي خاص بهم، وتمثيلهم في البرلمان المصري، ووجود 12 مادة خاثة بهم في الدستور المصري، وعلى الرغم من ذلك إلا أنهم مازالوا يعانون من الكثير من المشاكل.

مقالات متعلقة