بين فرحة منقوصة، أو مصحوبة بالحذر أو ليس لها أثر، لُملِمت أوراق مباحثات الأستانة التي التي عقدت في عاصمة كازاخستان يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين بين وفدي المعارضة السورية والنظام السورية وتحت رعاية روسيا وتركيا وبحضور ممثل عن إيران.
البيان الختامي لمؤتمر الأستانة جاء مؤكدا لاتفاق وقف إطلاق النار و إقرار تأسيس آلية مشتركة تركية روسية إيرانية لمراقبة وقف إطلاق النار وضمان إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، بجانب ضمان مشاركة الفصائل الثورية في مفاوضات جنيف وتسهيل عملية سياسية في سوريا وفقاً للقرارات الأممية، علاوة على وحدة أراضي سوريا كدولة متعددة الأديان..
ما يطفئ تفاؤل الكثيرين من البيان الختامي أنها عبارات مطاطة وكلام لم يطبق من قبل فلم تحترم إيران والنظام السوري والميليشيات الشيعية الاتفاق الموقع نهاية ديسمبر بين تركيا وروسيا ولم توقف قصف وادي بردى وريف دمشق على مرأى ومسمع من الجميع.
كما أن إيصال المساعدات للمحاصرين هو بند من قرار مجلس الأمن 2254 ولكنه لم ينفذ أيضًا ووصل الأمر لقصف قافلة الأمم المتحدة بسوريا سبتمبر الماضي.
استياء المعارضة
قوى المعارضة أبدت استيائها من نتاج مؤتمر الأستانة خاصة لإغفال دور إيران العسكري في سوريا والميليشيات الشيعية التي استدعتها من دول الجوار.
وقال محمد علوش رئيس وفد المعارضة في تصريحات صحفية:" نحن غير راضين بشكل كامل عن المؤتمر، وعدنا بأن ينفذ وقف إطلاق النار، وسلمنا ورقة تتضمن إجراءات وآليات ذلك الأمر للأطراف المعنية بخاصة الجانب الروسي، ووعد أنه خلال عشرة أيام سيتم التوصل لاتفاقية يتم تطبيقها بين الطرفين بهدف تحسين الظروف المعيشية والإفراج عن المعتقلين، مؤكدا أن الهدنة مقبولة ولكن المصالحة مفروضة تماما.
مجرد إعلان صحفي
ميسرة بكور رئيس مركز الجمهورية للدراسات السوري قال إن البيان الذي صدر عن مباحثات الأستانة وقرأه وزير الخارجية الكازخستاني لا يمكن وصفه بـ"البيان" لأنه لا يرتقى لهذا الحد معتبره مجرد إعلان صحفي ليس أكثر.
ورأى في حديثه لـ"مصر العربية" كل ما ورد به مكرر وتضمنته قرارات مجلس الأمن الدولي وبيان وفيينا.
وتوقف بكور عند نقطتين في ما حدث في الأستانة الأولى اتفاق كل من تركيا وإيران وروسيا بشكل مباشر وبوثيقة دولية على محاربة جبهة فتح الشام – النصرة سابقا- والثانية
الحديث عن فصل قوات المعارضة عن التنظيمات التي توصف بالإرهاب، معتبره مطلبا روسيا تركيا مشتركا و ضغطت أنقرة خلال الأشهر الأخيرة على المعارضة من أجل تنفيذه.
غير قابل للتحقيق
وعن الاتفاق على تشكيل آلية دولية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار قال رئيس مركز الجمهورية للدراسات إنه كلام مهم وجميل ولكنه غير قابل للتحقيق وهذا ما فشلت به كل المنصات السابقة.
ورأى أن إعلان الأستانة ضرورة التوجه إلى جنيف هو تأكيد لفشل مباحثات الأستانة وفشل لمساعي جعلها بديلا لجنيف.
فتنة بين صفوف المعارضة
ويعتقد بكور أن الروس يسيرون في خطوات ثابتة في طريق خلق شرخ عميق بين الفصائل والمعارضة السياسية وهذا ما أكده إعلان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بدعوة المعارضات المختلفة إلى موسكو من أجل تشكيل وفد موحد لجنيف مفصل على المقاس الروسي ويلبس ما تفصله موسكو، بحد قوله.
واختتم:" نجحت موسكو في الترويج لمؤتمر الأستانة وتسويقه سياحيا ولكنها فشلت سياسيا بكل المقاييس".
من جانب آخر رأى فراس الخالدي عضو لجنة التفاوض عن مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية أن أهم ما جاء في بيان الأستانة الشق الخاص بوقف إطلاق النار وإخراج المعتقلين والتوجه للحل السياسي.
الالتزام
وأضاف في تصريحاته لـ"مصر العربية" أن المشكلة تظل كامنة في "هل تلتزم إيران والنظام السوري والميليشيات الشيعية بهذه البنود؟".
ومع هذا يظن الخالدي أن النظام السوري أصيب بالإحباط من مؤتمر الأستانة لأنه يضغط عليه في سبيل وقف إطلاق النار لأن روسيا تصر عليه وتحاول موسكو انتزاع الملف الحقوقي من قبضة النظام الذي كان يضغط به.
واعتبرت الرئاسة الروسية أن محادثات الأستانة نجحت بإقناع ممثلين عن النظام والمعارضة بالجلوس على طاولة المفاوضات، مؤكدة أنه تحريك لمسار جنيف المتعثر من فترة.
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف إن نجاح مؤتمر الأستانة يكمن في الدعم الكبير الذي سيقدمه لعملية جنيف، التي تستهدف إيجاد حل ينهي الصراع السوري ويخرج سوريا من أزمتها.