من يحسم معركة «الإيجار القديم».. المالك أم المستأجر؟

شقق إيجار قديم

حالة من الجدل، مثارة الآن بين ملاك ومستأجري الإيجار القديم، في انتظار مناقشة مجلس النواب لمشروع قانون الإيجار القديم المقدّم من النائبين معتز محمد محمود وإسماعيل نصر الدين، بعد إحالته مؤخرًا إلى لجنة الإسكان.

 

"مصر العربية" تواصلت مع ممثلين ومدافعين عن حقوق كل من الطرفين، لعرض وجهات النظر المختلفة حول مشروع القانون.

 

المهندس عمرو حجازي، نائب رئيس جمعية حقوق المضارين من الإيجار القديم، أكد أنَّ :"صيغة المشروع ينقصها بعض التعديلات ، في الجزأين المتعلقين بالأماكن المؤجرة للسكن أو لأنشطة التجارية والصناعية، مشيدًا بالجزء المتعلق بالأماكن المؤجرة للحكومة".

 

وأضاف نائب رئيس الجمعية، أنّ من أخطاء القانون، إطالة مدة توفيق الأوضاع أو المدة الانتقاليه، لتسببها في تأخير العائدات للدولة، وتأخير الضريبة العقارية، وتعطيل العائد من الوحدات المؤجرة بقانون الإيجار القديم المملوكة للدولة، مشيرًا إلى أن زيادة المدد تعرّض مزيدًا من المباني للانهيار.

 

وأوضح "حجازي"، أنه بالرغم من نص القانون على زيادة متدرجة في القيمة الإيجارية، إلا أنه افتقر إلى نصٍ يحدد عقوبة المستأجر الذي يرفض دفع تلك الزيادة، وأنّه افتقر أيضًا إلى تحديد نوع القضاء الذي سينظر في هذه الإشكالية، مطالبًا بتخصص محكمة الأمور المستعجلة في هذا الجزء.

 

وطالب نائب رئيس الجمعية، بضرورة وجود نصّ واضح لتحرير العلاقة الإيجارية وتحديد مرحلة انتقالية تحكمها ضوابط، لضمان عدم الإطالة في القضايا المرفوعة من المالك على المستأجر في حالة عدم دفع القيمة الإيجارية بعد زيادتها، مقترحا ان تكون العقوبة في حالة عدم الدفع 3 أشهر الانتقال لمسكن آخر، أو توفيق أموره مع المالك.

 

وأكد "حجازي"، أنَّه يجب أن تكون المدة المحددة لإخلاء المكان المؤجر لا تضر بالسوق العقاري، ولا بالمستأجر غير القادر، مع مراعاة إعادة الحقوق لأصحابها وفي نفس الوقت.

 

 

على الطرف الأخر، رفض محمد عبد العال، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين بقانون الإيجار القديم، المقترحات المقدمة حول تعديل قانون الإيجار القديم، معتبرا أنَّ "جميعها انحازت إلى الملاك، حتى وإن أعلنت محاولة حل الأزمة، واعتبرت المالك فقط مظلوم دون النظر إلى الطرف الآخر".

 

وأضاف "عبد العال"، أنَّ :" أزمة الإيجار القديم شائكة ومستمرة منذ عقود، ولا يمكن حلها إلا بعد دراسات جيدة، ورؤية واضحة، مشيرًا إلى أن السبب الحقيقي في أزمة الإيجار القديم، هي السياسات الإسكانية التي انحازت إلى الطبقة الرأسمالية خلال العقدين الماضيين، إضافة إلى الخلل التشريعي، ووجود إزدواجية في قوانين الإيجار.

 

ورأى المستشار القانوني للمستأجرين، أنَّ المشروع مخالف لأحكام الدستور، ولا يستطيع حل الأزمة واشكاليتها التي استمرت طويلا، معبرًا عن رفضه لطرد ما يقرب من 15 مليون مواطن متمثلين في حوالي 2.5 مليون أسرة، الأمر الذي يزيد من الأزمة السكانية، ويعمقها.

 

 

وأكد "عبد العال"، أنَّه بالنسبة للوحدات المغلقة، يمكن وضع حلولا لها، فإن استمر إغلاق الوحدة لمدة 3 سنوات ردها للمالك، معتبرا ان الحل ذاته ينطبق على حالة التعسف في إغلاق الوحدة، أو إثبات امتلاك وحدة سكنية أخرى، أو غير منتفع بها.

 

الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن للأجهزة الحكومية..

 

وعن المواد (1) (2) (3) المتعلقة بالأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن للأجهزة الحكومية، قال حجازي إنَّ هذا الجزء من القانون لم يُقّصر في حق المالك، ولا خلاف عليه، حيث تضمن إنهاء عقود الإيجار بقوة القانون، وزيادة القيمة الإيجارية، وإخلاءها في مدة لا تتجاوز 5 سنوات.

 

من ناحيته، أكد "عبد العال"، أن هذه المواد تحمي حق الدولة، وتفتح ثعرة للحكومة لاستمرار الاستفادة من المكان المؤجر، بعد إثبات تقديم خدمة عامة أو الحاجة إليها، وأنه تم حماية الدولة في هذا البند، بضمان عدم الإخلاء.

 

الأماكن المؤجرة لنشاط تجاري أو صناعي أو تجاري أو مهني حرفي..

 

رفض "حجازي"، تحديد 5 سنوات لإخلاء العين المؤجرة لنشاط تجاري أو صناعي أو تجاري أو مهني حرفي، في المادة (4)، مؤكدا أنَّها مدة طويلة وفضفاضة، ويجب أن تكون أقل من ذلك؛ حيث إنَّه كان يجب تحديد سنة واحدة، وهي كافية، بالنسبة للأنشطة غير السكنية، وبعد ذلك يتم إنهاء العلاقة بين المالك والمستأجر، وإعادة المكان إلى صاحبه، حيث إن أصحاب الأنشطة التجارية وغيرها لا يحتاجون إلى مدة طويلة لتوفيق الأوضاع.

 

واستنكر  نائب رئيس جمعية المضارين، المادة (5) التي تُجيز الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على إخلاء العين المؤجرة قبل نهاية الـ 5 سنوات من قبل المستأجر بعد تقاضيه من المؤجر مقابل للتنازل عن المدة المتبقية من العقد، مشيرًا أنه ليس من حق المستأجر تقاضي أي مبالغ مالية في هذه الحالة.

 

من جانبه، رفض "عبد العال"، المستشار القانوني للمستأجرين، المساس بحق المستأجر في هذه الأماكن، وضرورة عدم انتهاء العقد بين الطرفين، وعدم وجود مدة انتقاليه للمستأجر.

 

الأماكن المؤجرة لأغراض السكن..

 

أوضح نائب رئيس جمعية المضارين من الإيجار القديم، عمرو حجازي، أنَّ تحديد 10 سنوات لإخلاء الوحدة السكنية، في المادة (6) من القانون مدة طويلة أيضًا، وكان الأصح تحديد فترة من عامين إلى ثلاثة، حتى يكون قد تم توفيق الأوضاع، مشيرًا إلى أنَّ هذه الفترة لن تُرضي المالك أو المستأجر.

 

وانتقد "حجازي"، عدم بدء زيادة القيمة الإيجارية في بداية المدة المحددة لتوفيق الأوضاع بنسبة 40 أو 60 %، حتى لا يشعر المالك بطول المدة المحددة إذا تم تطبيق القانون.

 

واستنكر نائب رئيس الجمعية المادة (8) التي تنص على جواز الاتفاق بين المؤجر والمستأجر عن تخليه العين المؤجرة قبل نهاية مدة الـ 10 سنوات، بعد تقاضيه من المؤجر مقابل التنازل عن المدة المتبقية من العقد على ألا يزيد قيمة التنازل عن 25% من سعر الوحدة السوقية، مؤكدًا أن المستأجر ليس مالكًا للوحدة.

 

ولفت "حجازي"، إلى أنَّ هذه المادة تقنن خلو الرجل الذي تمّ تجريمه على المالك في القانون 49 والقانون 136، وأنها مادة غير دستورية، مشيرًا إلى أنه قد يكون هناك تراضٍ بين الطرفين ولكن لا يجوز النص عليه.

 

وشدد، على أنَّه في حال تطبيق هذه المادة سيتم رفع قضية من جمعية المضارين من الإيجار القديم وإرسالها للمحكمة الدستورية.

 

وأكد نائب رئيس الجمعية، أنَّ المادة (10) التي تنص على فسخ العقد في حالة عدم استعمال العين المؤجرة مدة تزيد عن 3 سنوات، وإثبات وجود سكن بديل للمستأجر، ليس دقيقة حيث إنه من الصعب إثبات وجود سكن بديل لدى المستأجر، وأنه من الأفضل تقليل مدة الإيجار بدلاً من ذلك.

 

من ناحيته، أشار "عبد العال"، إلى أنَّه أيضا يرفض انتهاء العقد بين المالك والمستأجر، ولو حتى بعد  10 سنوات، مؤكدًا أنَّ مبدأ طرد المستأجر غير مقبول بأي حالٍ من الأحوال، لأنَّه معارض للدستور.

 

وأضاف محمد عبد العال، المستشار القانوني للمستأجرين، أنَّ المادة (8) السابق ذكرها، التي تنص على دفع  25 % من قيمة الوحدة حال ترك المستأجر للوحدة قبل انتهاء المدة الانتقاليه، غير منطقية، لأنَّها قيمة قليلة جدا، ولا توفر مسكن بديل للمستأجر.

 

ورأى أنَّ هذه البنود تحمل المستأجر العديد من الأعباء والمسؤوليات التي لا يمكن الالتزام بها مثل الصيانة وتشطيب الوحدة السكنية قبل تركها للملاك، وأنَّ ذلك يعطي المالك الحق في إقامة دعاوي قضائية لطرد المستأجر.

 

غير القادرين من المستأجرين..

 

أشاد عمرو حجازي، رئيس جمعية المضارين، بالمادة (12)، التي تنصّ على إنشاء صندوق لدعم غير القادرين من المستأجرين للوحدة بتمويل من حصيلة الضرائب العقارية للوحدات المؤجرة بنسبة 50% وجزء من الأجرة المحصلة من مالك العقار ومن أي جهة أخرى تسمح الدولة بها، إضافة إلى إنشاء وحدات سكنية للمستأجرين غير القادرين بنظام الإيجار طويل المدة أو الإيجار التمويلي من حصيلة صندوق دعم غير القادرين.

 

وأكد "حجازي"، أنَّه على الدولة أن تتكفل بتوفير مسكن لهم؛ حيث أنَّ هناك العديد من المستأجرين في حاجة في الوحدة السكنية ولا يقدرون على دفع قيمة إيجارية مرتفعة.

 

من ناحيته، استنكر المسشار القانوني لرابطة المستأجرين، هذا البند، مشيرا إلى صعوبة من تطبيقه على أرض الواقع، حيث أنَّ الدولة لديها مشاكل في تحصيل الضرائب، ولا تسطيع تحمل الأعباء التي ستنتج عن ترك المستأجر للوحدة السكنية، مشيرا إلى أنَّها ضمانات واهية، غير قابلة للتنفيذ.

 

إرجاء مناقشة المشروع..

 

قال علاء والي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، إنَّه تم إرجاء مناقشة مشروع الإيجار القديم، في الفترة الحالية، نظرًا للظروف الاقتصادية الراهنة.

 

وأضاف "والي"، في تصريحات تلفزيونية، أنَّ القانون يجب مناقشته وفقًا لحوار مجتمعي، حيث إن القضية شائكة جدًا، وتحتاج معرفة كل الجوانب الإيجابية والسلبية.

 

من ناحيته، استنكر، نائب رئيس جمعية حقوق المضارين من الإيجار القديم، الإرجاء، مؤكدًا أنه ليس من مصلحة الدولة ولا المستأجر ولا المالك، بل هو هروب من المواجهة كما فعلت مجالس النواب السابقة، وأنّه من الضروري الانتهاء منه في أسرع وقت ممكن.

 

واختلف معه في الرأي، محمد عبد العال، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين بقانون الإيجار القديم، الذي وافق على إرجاء القانون، مشيرًا إلى أنَّ مناقشته يُثير الرأى لعام.

 

ولفت "عبد العال"، إلى أنَّ ظروف الدولة غير مناسبة لمناقشة المشروع، وتؤدي للفتنة المجتمعية، مؤكدًا أنَّه من الأفضل دراسة المشروع جيدا قبل مناقشته أو طرحه.

مقالات متعلقة