أجمع خبراء سياسيون على أن تقرير منظمة الشفافية الدولية، بشأن ارتفاع مستويات الفساد في مصر، يُضر بالتنمية الاقتصادية ويقف عائقاً أمام جذب الاستثمارات، وتعددت الأسباب التي ساهمت في انتشار الفساد بمصر، لكن في الوقت ذاته شددوا على ضرورة محاربته بشكل قوي والقضاء عليه.
وقال تقرير منظمة الشفافية الدولية السنوي، الصادر الأربعاء، إن مستويات الفساد في مصر لاتزال مرتفعة بسبب غياب الإرادة السياسية لمحاربته، وربط التقرير بين حصول مصر على احتلال للمرتبة 108 من بين 179 وإقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، هشام جنينة ، بمرسوم رئاسي، وإدانته ومحاكمته قضائيا عندما كشف عن حجم الفساد في مصر.
وقال الدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الأسبق، إن كل الحكومات المصرية التي جاءت بما فيها التي كان متواجداً بها لم تتخذ أي إجراءات لمكافحة الفساد؛ لذلك أصبح مثل السرطان الذي تمكن من الجسد، مُشيراً إلى أنه بعيداً عن تقرير منظمة الشفافية الدولية، الفساد يتواجد في كل المؤسسات المصرية. وأضاف البرعي، لـ" مصر العربية"، أن تقرير "الشفافية الدولية" يقف في وجه جذب المستثمرين و يُنصف المستشار هشام جنينة؛ لأنه تصديق على حديثه عن وجود فساد بكثير من المؤسسات الحكومية، مُتعجباً من الهجوم الذي يتعرض؛ لأنه صارح بحقيقة تفشي الفساد داخل الدولة.
ورأى أن إقالة جنينة أحد أسباب الصورة التي تشكلت لدى منظمة الشفافية الدولية عن وضع الفساد بمصر. وأضاف وزير التضامن الأسبق، أن هناك بعض العوامل التي تؤدي لهذا الفساد، منها عدم حصول الموظفين الحكوميين على أجر يضمن لهم حياة كريمة، مما يُمهد لهم الطريق للتحصل على الرشوة، كما أنه رغم تعدد الأجهزة الرقابية بمصر إلا أنها لا تقوم بدورها ويجب تفعيلها.
وتابع أن حال مصر لن ينصلح إلا بمحاربة الفساد، وهذا يأتي بالبدء فوراً في إصلاح الجهاز الإداري للدولة وعدم تحميله موظفين أكثر من طاقته، وكذلك إصدار قوانين جيدة، مشيراً إلى امتلاك مصر لترسانة تشريعية تحتاج لغربلة.
أما أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، فأرجع انتشار ظاهرة الفساد في عدد كبير من قطاعات الدولة والمؤسسات وبين المجتمع بشكل عام؛ إلى غياب الرقابة، خاصة أن مصر تمتلك ترسانة من القوانين والتشريعات التي تحارب الفساد بجميع أشكاله، ولكن تبقى الرقابة هى المعول الأساسي في القضاء على الفساد.
وقال أبو العلا لـ" مصر العربية"، إن البيروقراطية وزيادة الأسعار والرشاوى والروتين اليومي في عدد من المؤسسات شكل من أشكال الفساد، ولابد من القضاء على هذه الصور السلبية جميعها، مطالبًا الحكومة بعرض استراتيجيتها في القضاء على الفساد والتصدي له في المستقبل؛ لأن الفساد يُعطل التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات.
وتابع أن تقرير "الشفافية الدولية" رسالة سيئة للأوضاع بمصر، في وقت تحتاج لجذب الاستثمارات وإعادة السياحة مرة أخرى.
ومن جانبهـ قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، إن الحكوم مُطالبة بوضع استراتيجية شاملة ومتكاملة لمواجهة الفساد خلال العام الجديد، بما يشمل كل المؤسسات والوزارات دون استثناء، مؤكداً أن انتشار الفساد في المجتمع ينشر اليأس ويعيق مسيرة التنمية والبناء والتطوير داخل الدولة.
وأضاف صادق، لـ" مصر العربية"، أن تقرير "الشفافية الدولية" خير مثال على الصورة الذهنية المتكونة عن مصر بالخارج، مُشيراً إلى أن هذا الوضع يؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية ويُعيق جذب المستثمرين؛ لأن المستثمر يخاف من البيروقراطية والفساد.
وأرجع أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، انتشار الفساد بمصر، إلى عدم قيام الأجهزة الرقابية بدورها، وكذلك عدم الاهتمام بتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وخاصة التي خرجت في عهد المستشار هشام جنينة، الذي أكد على إقالته بمرسوم رئاسي كان سبباً في هذه الصورة السيئة عن مصر.