الجدار الحدودي بين أمريكا والمكسيك.. سؤال وجواب

أفرد موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريرا تناول فيه احتدام الجدل حول اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البدء فى إنشاء جدار حدودي فاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك بطول 1900 ميل أى ما يعادل 3100 كم، هى طول المسافة الحدودية بين البلدين.   وطلبت "بي بي سي" من القراء طرح أية تساؤلات، وأجاب عليها مراسل واشنطن "أنتونى زورتشر".   وكان أول تساؤل تلقاه الموقع يتناول مدى إمكانية زيارة الولايات المتحدة من قبل المكسيكيين أو المواطنين الأمريكيين الذين يرغبون بزيارة عائلاتهم وأصدقائهم على الجانب الآخر.   ورغم تأكيد ترامب خلال حملته الانتخابية عزمه بناء الجدار الحدودى مع المكسيك، إلا أنه ذكر مرارا أن هذا السياج سيكون له بوابة جميلة وواسعة.   ورغم استخلاص استنتاجات من حديث ترامب إبّان حملته الانتخابية ليس آمنا تماما إلا أنه قد  يسمح بحرية التنقل بين البلدين للقيام بأنشطة سياحية أو للقيام بزيارات عائلية.

يأتي ذلك في ظل تقارير حول حظر الولايات المتحدة منح تأشيرات السفر لبعض البلدان ذات الأغلبية المسلمة إلا ان لم يتم الحديث عن خطوة كهذه مع المكسيكيين الذين يزورون الولايات المتحدة وبالتالى فإن المكسيكيين الذين يعيشون  على حدود الولايات المتحدة بإمكانهم فى الوقت الراهن الحصول على بطاقة عبور الحدود والذي يسمح بمرور غير مشروط داخل الاراضي الأمريكية مسافة 25 ميلا خلال فترة تصل إلى 10 سنوات.   سؤال آخر تلقّاه الموقع حول الجهة المصدرة لمواد بناء الجدار الحدودى وما إذا كان الصلب ومواد البناء الأخري قادمة من الصين.   ويجيب التقرير بأنه فى وقت سابق خلال هذا الاسبوع وقع الرئيس ترامب إجراء تنفيذيا يقضي بإعادة تفعيل إجراءات الموافقة على عدة مشاريع خطوط أنابيب كان قد تأخر تنفيذها كما أنه أصدر قرار بتنفيذ تلك المشاريع باستخدام الفولاذ الأمريكي الصنع.   كما قد يحدد ترامب متطلبات مماثلة  لتكلفة الجدار الحدودى تشير تقديرات مستقلة أنها تقدر ب14 مليار دولار أمريكي   وإحدى العقبات المحتملة التى قد تواجه خطط ترامب بناء الجدار العازل هو أن الاحتياجات المطلوبة لتنفيذ المشروع تعد خرقا لاتفاقيات وقعتها الولايات المتحدة لمنظمة التجارة العالمية بموجبها يصبح التمييز ضد البضائع الأجنبية بعد إزالة الرسوم الجمركية غير مسموح به.   تساؤل آخر يتعلق بمرحلة ما بعد استكمال بناء الجدار وما إذا كانت الهجرة وإمكانية  دخول الولايات المتحدة عبر الحدود أكثر صعوبة على جنسيات أخرى حول العالم مثلما هو الحال مع المكسيكيين.   ويجيب التقرير إن المسألة تعتمد على الجهة التى يأتى منها راغبو دخول البلاد.   فلو أن مواطنا قادما من العراق أو إيران أو اليمن أو سوريا أو السودان أو الصومال أو ليبيا افصح عن رغبته فى الدخول للبلاد فقد يكون الأمر صعبا أو ربما مستحيلا فى ضوء التقارير التى تحدثت عن إمكانية حظر السفر لبعض الجنسيات.   وعلى صعيد متصل فقد أعلن ترامب عن اعتزامه القيام باستثمارات هائلة فى هيئة الهجرة والجمارك الأمريكية تشمل زيادة التمويل وكذا طاقم العاملين فى الهيئة.   ضخ المزيد من الموارد فى هذا المجال يعنى توافر إمكانية أكبر للقيام بإجراءات مراقبة ومراجعات أمنية فى جميع نقاط الدخول إلى الولايات المتحدة خاصة تلك التى تنذر بصعوبات بالنسبة لبعض الذين يحاولون الدخول الى البلاد.

 وأثير تساؤل آخر مفاده : هل يخطط ترامب لبناء سياج حدودي للحيلولة دون تدفق  راغبى الهجرة من الكنديين وإذا كان حقا ما يثار انهم يشغلون وظائف هى من حق المواطن الأمريكي.   ويجيب التقرير : يبدو أن الجانب الأمنى على الحدود الكندية الأمريكية لا يثير حفيظة ترامب فهو أقل قلقا بهذا الشأن بيد أن الحدود الجنوبية للبلاد هى التى تشكل مصدرا للقلق.

  وأثناء خطاب إعلان حملته الانتخابية أشار ترامب بأصابع الإتهام للمهاجرين المكسيكيين للإتجار بالمخدرات ونشر الجريمة فى أوساط المجتمع الأمريكي وهى تهم لم يوجهها الرئيس الامريكي للكنديين.

يستلزم بناء السياج الحدودى المرور عبر أراضي يمتلكها القطاع الخاص وهنا ينتابنا الفضول حول كيف سينجح الرئيس الامريكي فى خطوة كهذه؟                                      وعلى الأرجح قد تستخدم الحكومة الاتحادية سلطاتها للحصول على الاراضي المملوكة ملكية خاصة اللازمة لبناء الجدار وفقا لسعر السوق العادل من خلال " حق الامتلاك العام للدولة "   ويعتبر هذا نوعا من السلطات التى تتيح للدولة الحصول على أرض تخصص لأنابيب النفط وبرامج إعادة تطوير المجتمع ومشاريع البنية التحتية.   ولعل من المفارقات العجيبة أن هذه السلطة موضع انتقاد داخل الأوساط  المحافظة رغم أن  ترامب دافع عن مثل هذه السياسات فى الماضي.

 

هل تستلزم أعمال الصيانة الجارية والاعتبارات الأمنية  الخاصة ببناء الجدار تحويل ميزانيات مخصصة لخدمات اخرى ؟    بالطبع جدار يبلغ طوله 2000 ميل يحتاج للحراسة وللإصلاحات لذا ينبغى أن يكون هناك نوعا من المخصصات المالية المتكررة بمجرد استكمال بناء الجدار   كما أن اعتماد نفقات كهذه ستكون من مسئولية الكونجرس الأمريكي الذي سيتوجب عليه إما إعادة تخصيص أموال من جوانب أخرى فى الميزانية الاتحادية أو إيجاد سبيلا  يمكن من خلاله تحصيل التكاليف الجارية من جانب الحكومة المكسيكيية أو على الارجح تمويل المشروع من خلال زيادة النفقات حال عجز الميزانية   ماهى الإجراءات التى يتعين تنفيذها لوقف محاولات البعض الحفر أسفل الجدار ؟   إنه من شبه المستحيل استبعاد احتمالية حفر أنفاق أسفل جدار تم إنشاؤه ورغم ذلك فإن أية محاولات للالتفاف أو للتحايل فى هذا الشأن ينبغى أن يتم التعرف عليها والتصدي لها من قبل قوة حرس الحدود الأمريكي   إبّان حملته الانتخابية قال ترامب إنه يعتزم استخدام تطبيقات تكنولوجية فوق وتحت الأرض قادرة على كشف الانفاق رغم أن الأنظمة الحالية لا يمكن الاعتماد عليها   هذا وقد تمكن رجال المباحث الفيدرالية منذ العام 1990 وحتى الآن من اكتشاف 200 نفق تحت الجدران الحدودية القائمة والتى غمرت فيما بعد بالخرسانة   تساؤل آخر بخصوص إمكانية استكمال بناء الجدار الحدودى فى غضون  فترة ولاية الرئيس ترامب.   يتوقف الأمر كثيرا على تصميم الجدار وكذلك حجم الموارد المخصصة لبنائه بيد أن مشروعا ضخما كهذا من المستبعد إنجازه فى غضون أربعة أعوام كون السلطات الامريكية تسعى لبناء حاجزا منيعاً قابل للصمود وعصيّ على الاختراق يبغ طوله أكثر من 2000 ميل.

وبناء على ماسبق فستحتاج الولايات المتحدة لأكثر من 6 أعوام لبناء 700 ميل فقط من الجدار الحدودى مع المكسيك.   ويتساءل التقرير : فى أى اتجاه يمكن أن يؤثر مشروع الجدار الحدودى الذي يعتزم ترامب تنفيذه على القطاع الزراعى  وأيضا من سيتولى الوظائف المضنية التى كان يشغلها  المهاجرون ؟؟   تساؤل متميز يجيب عليه التقرير فى ضوء اعتماد قطاع الأعمال الأمريكي خاصة فى الزراعة والصناعة والصناعات الغذائية على العمال الغير شرعيين لانتظامهم ولكونهم عمالة منخفضة التكلفة يمكن أن تتوسع أو تتعاقد استنادا على ظروف الاقتصاد أو على احتياجات الأعمال   وفى حال غياب عمالة فإنه يتعين على الشركات البحث عن العمالة المحلية وعلى الأرجح سينبغى عليهم دفع أجور أعلى لجذبهم , ثمة خيار آخر هو زيادة الاعتماد على التشغيل الألى بالنسبة لبعض الشركات.   وفى كلتا الحالتين من المتوقع أن تؤدي إجراءات كهذه إلى ارتفاع  تكاليف الإنتاج والتى ستنعكس على أسعار السلع المقدمة للمستهلك داخل الولايات المتحدة.   وتساءل التقرير عن كيف يمكن لترامب أن يحمل الجانب المكسيكي على دفع المستحقات المالية اللازمة لبناء الجدار وماذا لو امتنعت عن الدفع ؟   بدا السيد ترامب غامضا إزاء كيفية التزام الحكومة المكسيكية بدفع تكاليف بناء الجدار رغم أن حملته قد روجت لبعض الأطروحات بهذا الشأن مثل فرض الضرائب على التحويلات المالية المرسلة من قبل افراد فى الولايات المتحدة إلى المكسيك أو بفرض مزيد من رسوم عند عبور الحدود.   دفع آخرون بمقترحات مفادها تمويل  الجدار عبر إعادة توجيه المساعدات المقدمة إلى الجانب المكسيكي حاليا رغم تقليص الدعم الموجه لصالح برامج مكافحة المخدرات والتى قد تحمل تبعات غير مرغوب فيها على أمن الحدود   وقد يتم طرح موضوع تمويل الجدار على مائدة مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية " نافتا " رغم تأكيد الرئيس الأمريكي إنريك بينا نيتو مرارا أنه لا ينتوى المساهمة فى بناء الجدار الحدودى العازل.   وقال الرئيس المكسيكي أثناء الإدلاء بخطاب لشعبه : " أن المكسيك لا تؤمن بسياسة بناء الجدران وأنها لا تعتزم تمويل الجدار الحدودى مع الولايات المتحدة "   وطرح التقرير فى الختام تساؤلا عن إمكانية التكهن بمدى نجاح الجدار العازل فى القضاء على تهريب بالمخدرات والمزيد من الأنشطة غير الشرعية    ويجيب التقرير : حتى فى حال ضرب سياج على طول الحدود الامريكية المكسيكية فإن ذلك ربما لا يفلح فى وقف نشاط تهريب المخدرات   ووفقا لتقييم أجرته حكومة الولايات المتحدة عام 2015 حول أثر المخدرات على البلاد فإن القسم الأكبر من المخدرات غير المشروعة تدخل البلاد عبر نقاط التفتيش الحدودية ونقاط الدخول مخبّأة وسط 5.5 مليون شاحنة تجارية تعبر الحدود الأمريكية المكسيكية كل عام   الهجرة غير الشرعية هى قصة مماثلة حيث ان معظم المكسيكيين الموجودين داخل الولايات المتحدة قد دخلوا بطريقة غير قانونية رغم اتباعم لوسائل قانونية ثم انتهت صلاحية تأشيراتهم وليس عن طريق عبور الحدود بصورة غير مشروعة وهو الغرض الذي أنشأ من أجله الجدار العازل الحدودي.  

مقالات متعلقة