في ظل الحديث عن تعديل وزاري مرتقب، يبقى لمجلس النواب الكلمة المطلقة بالموافقة على الوزراء المرشحين من الحكومة أو رفضهم، فهكذا منحهم دستور 2014 تلك الصلاحية، ليبقى السؤال حول المعايير التي يحكم بها البرلمان لمنح الثقة للوزراء الجدد؟.
المادة 147 من دستور 2014 تنص على :"لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ولرئيس الجمهورية اجراء تعديل وزارى بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لايقل عن ثلث أعضاء المجلس.
في البداية قال علاء عابد، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، إنه إلى الآن لم يعرض على البرلمان أي شيء عن التعديل الوزاري المرتقب، ولا حتى الأسماء المطروحة والمتداولة في وسائل الإعلام المختلفة.
وتُجري الحكومة حاليا مشاورات مع بعض الشخصيات لتقلد مناصب وزارية في التعديل الوزاري المرتقب، وقال السفير أشرف سلطان، المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء، إن الإعلان عن التعديل الوزاري الجديد سيكون الأسبوع المقبل.
وأضاف عابد، لـ "مصر العربية"، أن مجلس النواب هو المنوط به بحسب المادة 147 من دستور2014، الموافق أو رفض الوزراء المرشحين من الحكومة، والمفترض طرحهم على الجلسة العامة للبرلمان، بشرط حضور هؤلاء المرشحين ليكشفوا أمام النواب رؤيتهم وخططهم الاستراتيجية لمعالجة الأوضاع الخاص بالوزارة المقرر قيادته لها.
وأشار، إلى أنه من أهم المعايير التي يجب أن تتوفر في الوزراء الجدد هو القدرة على اتخاذ القرار، موضحا أنه طالما أن الوزير يده مرتعشة ويخشى من المسؤولية لا يمكنه أبدا إحداث تغيير.
وتابع عابد:"الدولة العميقة بتخوف الوزراء"، موضحا أن العاملين في الوزارات على مختلف المستويات قد يهددون عمل الوزير ويفسدون الوزارة مما يعيق قدرته على إحداث التغيير المطلوب.
وشدد، أنه لابد من تفويض كل الصلاحيات للوزراء في اتخاذ كل القرارات، ومنحه فرصة حتى عامين ومن ثم محاسبته على ما قدم، مطالبا الوزراء الجدد بمنحهم كل الصلاحيات قبل أداء اليمين، منوها إلى أن الإعلام أيضا يمارس ضغط على الوزارء، والشعب "مستعجل"، بحد تعبيره.
واستطرد: أنه من المعايير أيضا التي يجب أن تتوافر في الوزراء الجدد لمنحهم الثقة "الخبرة في مجال الوزارة، والسيرة الذاتية ونجاحاته السابقة، حسن السير والسلوك، الطموح، تفرغه للعمل في الوزارة لمدة 24 ساعة"، مضيفا أن الأهم من كل ذلك أن يكون وزير سياسي يدير الوزارة بشكل سياسي ويترك الاختصاصات للوكلاء والمستشارين.
ورأى عابد، أن التعديل الوزراي لن يؤت ثماره، إلا إذا صاحبه تغيير في الرؤية والسياسات والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة، وفي الوقت نفسه منح فرصة للوزراء لمدة عامين ثم محاسبتهم بعد ذلك.
في حين رأى محمود يحيى، وكيل الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، أن فكر وأداء حكومة المهندس شريف إسماعيل غير مريح ولا يجدي نفعا في حل الأزمات العديدة التي تواجه البلاد، معتبرا أن التعديل الوزاري المرتقب مجرد "ترقيع".
وأضاف يحيى، أن الأزمات التي تواجه البلد أكبر من مجرد تعديل وزاري، في ظل ظروف اقتصادية طاحنة وحروب داخلية وخارجية، وبالتالي لا يمكن حل هذه المشاكل باستبدال أسماء بالوزارة بأشخاص آخرين، في حين تستمر السياسات التي بالتأكيد ستؤدي لنفس النتيجة.
وأبدى، تعجبه من طرح أسماء لتولي حقائب وزارية بعينها، قائلا:" وكأن بقية الوزرات تعمل جيدا!"، مؤكدا أن هناك الكثير من الوزراء غير المطروح اسمائهم في التعديل المرتقب لم يثبتوا كفاءة وهناك ضرورة من رحيلهم، مستشهدا بوزير المالية عمرو الجارحي، متسائلا:" ما النجاح الذي حققه حتى يستمر في الوزارة؟".
ونوه يحيى، إلى أن رفض بعض الشخصيات لتولي الحقائب الوزراية، يعني أن الحكومة ستأتي بشخصيات أقل كفاءة وخبرة، مبررا سبب رفض هؤلاء بخوفهم من الفشل في ظل صعوبة الأوضاع الحالية، مشيرا إلى أن هناك بعض الوزارات التي حققت نجاحات الفترة الماضية وهي "الشباب والرياضة والداخلية والدفاع".
وعن دور البرلمان في اختيار الوزراء، قال يحيى، إن مهمة مجلس النواب هي الموافقة على الأسماء المرشحة من الحكومة أو رفضها، بعد طرحها خلال الجلسة العامة للمجلس، مشيرا إلى أنه من المقرر طرحها على البرلمان يوم الأربعاء القادم.
وأشار، إلى أن هناك عدة معايير بناء عليها إما يوافق على الوزراء المرشحين من الحكومة أو رفضهم، وأهمها:" أن يكون صاحب أفكار وحلول غير تقليدية، ورؤية واضحة للنهوض بالدولة، وصاحب قرار حقيقي".
ورأى النائب أحمد طنطاوي، عضو تكتل 25-30، أن مجلس النواب حتى يستطيع تقييم الوزراء الجدد ويقرر منحهم الثقة أو رفضهم، فلابد من طلب حضور المرشحين للحقائب الوزارية في جلسات استماع بلجان البرلمان، لعرض رؤيتهم وتصورهم عن مشاكل البلاد وكيفية حلها.
وأضاف طنطاوي، أنه في حالة أن تكون الرؤية والخطة من الوزراء المرشحين تتضمن سياسات جديدة قادرة على إحداث تغيير حقيقي، فلن يوافق عليهم، أما إذا طرحوا سياسات بديلة للحالية تخرج البلاد من أزمتها الحقيقة، فسمنحهم الثقة.
وأشار، إلى أن مجلس النواب هو المسؤول عن إقرار الخطط والسياسات العامة وهو من يرسمها ثم يعرضها على الحكومة لتطبقها، ويراقب أدائها فإذا قصرت في تنفيذ السياسات تُسحب الثقة منها، مستدللا بنص المادة 101 من دستور 2014.
وتنص المادة 101 على :"يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين فى الدستور.
وأعرب طنطاوي، عن أمله في أن يكون لمجلس النواب الحالي فرصة لتصحيح الصورة المنطبعة عنه لدى البعض بأنه يوافق على أي شيء للحكومة دون مناقشة.