كاتب بريطاني: ديكتاتورية مصر آيلة للسقوط

"ديكتاتورية مصر آيلة للسقوط" .. تحت هذا العنوان سعى الكاتب البريطاني جاك شينكر لتسليط الضوء على اﻷوضاع التي تعيشها مصر، ومحاولة نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي تثبيت أركان حكمه بشتى الطرق.

 

وقال الكاتب في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" اﻷمريكية:" إن مشروع العاصمة الجديدة الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي من بعض الزوايا يظهر قوته وتناسقه، إلا أنه  يبدو وكأنه مجموعة أشياء متهالكة، يمكن أن تنهار جراء أي عاصفة غير متوقعة من الرياح".

 

وفيما يلي نص المقال:

 

مستقبل مصر الكاذب أصبح علامة مكتوبة في اﻷقواس على طريق الصحراء الشرقية، إنه مشروع كبير ملفوف في بضع قطع من القماش المشمع في وسط صحراء هائلة، المشهد جزء من الخيال العلمي للواقع المرير، وكأنه جزءا من الغرب المتوحش.

 

"هدفنا بناء مصر الجديدة".. قالها عبد الفتاح السيسي - الجنرال العسكري الذي تحول لديكتاتور - في الأمم المتحدة بعد وصوله للسلطة في 2014. وفي قلب مصر الجديدة - كما يتصور قادة البلاد - العاصمة المصرية الجديدة، التي شيدت في الكثبان الرملية شرقي القاهرة.

 

حتى الآن ليس هناك الكثير الظاهر في المدينة الجديدة، ولكن الخطوط العريضة لمجمع المطاعم، وأساسات المركز تجاري، والفندق المملوك للجيش قائمة، ويعمل على إنشاء هذه الوحدات مجموعة مختلفة من الشركات.

 

ومن بعض الزوايا، أساسات المشروع صلبة وتظهر قوتها وتناسقها مع ما حولها، ومع ذلك يبدو وكأنها مجموعة أشياء متهالكة، يمكن أن تنهار جراء أي عاصفة غير متوقعة من الرياح.

 

بعد 6 سنوات من ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، ووضعت - أكبر دول العالم العربي سكانا-  في حالة من الاضطراب، حيث المؤسسات المصرية أقل قوة مما قد تبدو للوهلة الأولى.

 

صحيح أن مظاهر استبداد المدرسة القديمة ظاهرة حاليا أكثر من أي وقت مضى - من 60 ألف سجين سياسي يعتقد أنهم وراء القضبان، مرورا بموجة من حالات الاختفاء القسري، والحملة التي تشنها الحكومة على الكتاب و الصحفيين ورسامي الكاريكاتير، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وليس أنتهاءً بقانون التظاهر، وقانون مكافحة الإرهاب وغيرها الكثير.

 

بالتأكيد بالنسبة لحلفائه الغربيين، بمن فيهم الرئيس ترامب - الذي وصف نظيره المصري بأنه "رجل رائع"- السيسي يظهر على أنه الرجل القوي في الشرق الأوسط.

 

لكن الواقع مختلف، ثورة يناير 2011 لم تكن انحراف يمكن حاليا دفنه تحت أطنان من الأسمنت، بل أول مظهر من مظاهر لحظة تاريخية استثنائية في مصر، و نقطة صراع حول ما إذا كانت السياسة سوف تبقى حكرا على النخب، أو ما إذا كانت يمكن أن تحدث موجة ثورية جديدة، وهذا الصراع له جذور عميقة، وأصبح الآن ظاهرا بقوة، وسوف يستمر في أشكال مختلفة ولسنوات عديدة قادمة.

 

مشروع السيسي يبدو مستقر،  إلا أنه غير ذلك، ويترنح من أزمة إلى أخرى، وكل المشاكل الجديدة تكشف بنية السلطة السياسية، والتي يرافقه مستويات جديدة من العنف الرسمي كجزء من محاولة غير مجدية للتغلب على اﻷوضاع الصعبة.

 

النظام يزرع القومية الشوفينية بهدف زيادة شرعيته، ولكن في نفس الوقت يعتمد على الدعم المالي من الحلفاء الإقليميين، إلا أن واحد من هؤلاء الحلفاء، السعودية، تطالب بتسوية نزاع على الأرض من خلال نقل جزر في البحر الأحمر لسيادتها، واذعنت للحكومة - مما دفع الآلاف من المصريين إلى النزول للشوارع في حالة غضب.

 

ويصر النظام من التضييق على الحريات بسبب الحرب ضد المتطرفين، ولكن لا تزال هناك ثغرات أمنية، والحاجة الدائمة إلى شيطنة بعض أكثر الشخصيات العامة شعبية،وأحدثها أسطورة كرة القدم محمد أبو تريكة - الذي وضع في نهاية المطاف على قائمة الإرهاب.  

يحاول نظام السيسي أن يثبت للمجتمع الدولي أن مصر مفتوحة لرجال الأعمال، ولكن بعد ذلك يتخبط في مستنقع من نظريات المؤامرة، وخير شاهد ما حدث لجوليو ريجيني الطالب الإيطالي الذي وجد في حفرة وجثته عليها علامات تعذيب واضحة.

 

الناشط الشاب "طارق حسين" قال لي أواخر العام الماضي :" المستقبل يبدو غامضا جدا .. ولكننا لن نتخلى عن الكفاح من أجل الحرية".

 

لا أحد يعرف ما التقلبات والمنعطفات والاضطرابات القادمة في مصر ، ولكن من الواضح أن الركود ليس خيارا على المدى الطويل، لهؤلاء الأطفال، كانت الثورة الأم الجديدة، الأمر الذي جاء بهم إلى عالم الكبار.

 

الرابط اﻷصلي

مقالات متعلقة