قمة السلم والأمن الإفريقي.. ملفات متعددة وأجندة متشابكة

اجتماع قمة للاتحاد الإفريقي

ملفات عدة وأجندة متشابكةٌ تنوعاً وتقاطعاً تنتظر قمة مجلس السلم والأمن الإفريقي التي تلتئم، اليوم الأحد، بمقر الاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على هامش قمة الاتحاد الـ28 المقررة يومي 30 و31 من الشهر الجاري.

 

وتعاني دول عدة في القارة السمراء صراعات وحروب أهلية أنهكت قواها وتهدد السلم والأمن الإفريقيين بالمزيد من الانقسامات، إضافةً إلى قضايا الصراع على السُلطة والثروة التي أخذت طابعاً دموياً ومسلحاً.

 

ظاهرة الإرهاب تفرض هي الأخرى نفسها كأهم ملف يُقلق ليس إفريقيا فحسب، ولكن العالم أجمع الذي أصبح ينظر إلى هذه القارة كـ"برميل بارود" مشتعل تزداد دائرة اتساعه يوماً بعد يوم، كذلك تلقي قضايا الاقتصاد والتنمية بظلالها على أمن القارة واستقرارها.

 

وتتداخل قضية الإرهاب مع ما تخلفه من فرار اللاجئين عبر حدود الدول الإفريقية المتجاورة، وتفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر القارة للوصول إلى أوروبا، وهو ما خلف على مدي سنوات ماضية آلاف الضحايا الذين غرقوا في مياه البحر الأبيض المتوسط.

 

وبحسب مفوض مجلس الأمن والسلم الإفريقي إسماعيل الشرقاوي، تتخلصُ الأجندة التي تحملها قمة مجلس السلم والأمن، في وضع حد للنزاعات والصراعات التي تهدد أمن واستقرار بلدان القارة، إلى جانب ملف ظاهرة الإرهاب، إضافة إلى تعزيز الديمقراطية وترسيخ الحكم الرشيد.

 

وأوضح الشرقاوي أنه سيقدم تقريراً للقمة عن مجمل قضايا النزاعات وسُبل تعزيز السلم والأمن، ورؤية القارة وقادتها لمكافحة ظاهرة الإرهاب، وتبني سياسة وقائية لمنع النزاعات.

 

وأشار إلى أوضاع اللاجئين والنازحين الذين تتزايد أعدادهم، والتي تعتبر "التحدي الأكبر" الذي تواجهه إفريقيا والمجتمع الدولي.

 

وشدد في الوقت نفسه على "أهمية توحيد جهود القارة في مواجهة الإرهاب العابر للحدود الذي يهدد السلم في إفريقيا"، لافتاً إلى "أهمية الإسراع في نشر قوات إفريقية في مالي لحماية اتفاق السلام، والقضاء على ظاهرة الإرهاب".

 

وإضافة إلى ملفات الإرهاب والهجرة غير الشرعية، تطل خريطة النزاعات الإفريقية على جدول أعمال قمة "السلم والأمن" الإفريقي والتي تشمل:

 

جنوب السودان

تعاني تلك الدولة صراع السلطة بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار، تحول إلى حرب بين قوات الطرفين، منتصف ديسمبر 2013، قبل أن توقع أطراف النزاع اتفاق سلام في أغسطس 2015، قضى بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ما تحقق بالفعل في 28 أبريل الماضي‪.

 

ورغم ذلك، شهدت جوبا في 8 يوليو الماضي، مواجهات عنيفة بين قوات سلفاكير ومشار، ‪ مما أدى إلى فرار الأخير إلى دولة الكونغو، ليتم تعيين وزير التعدين السابق تعبان دينق، بديلا عنه كنائب للرئيس

 

وتعتبر الأزمة في جنوب السودان، هي الأكثر تعقيدا على الخارطة الإفريقية حيثُ لاقت متابعة واهتمام المجتمع الدولي بعد فشل محاولات الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق إفريقيا "إيغاد"، في حل الأزمة نتيجة تمسك كل من الطرفين بموقفه.

 

وكان مجلس الأمن الدولي قد سمح بنشر قوة حماية إقليمية قوامها 4 آلاف جندي في جنوب السودان، لتكون جزء من بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الموجودة بالفعل على الأرض والمشكلة من قرابة 13 ألف عنصر.

 

ولاحقاً، رفضت حكومة سلفاكير نشر قوات الحماية الإقليمية التابعة للأمم المتحدة في محيط مطار جوبا الدولي، وهو ما سيزيد من الأزمة تعقيداً وإطالة لأمد الحرب.

 

منطقة بحيرة تشاد

تخوض دول هذه المنطقة تشاد ونيجيريا والكاميرون والنيجر حرباً شرسة ومتواصلة ضد تنظيم "بوكو حرام" الذي بايع تنظيم "داعش" الإرهابي في وقت سابق.

 

ومنذ 2009، ووفقا للأمم المتحدة، قتل ما لا يقل عن 14 ألف شخص على أيدي متشددين في نيجيريا وتشاد والكاميرون وتشاد، فيما نزح نحو 2.7 مليون شخص في هذه الدول من منازلهم.

 

ليبيا

لا تزال الأزمة الليبية تراوح مكانها مستعصية على الحل نتيجة خلافات الفرقاء، وعقب سقوط نظام معمر القذافي في 2011، إثر ثورة شعبية، دخلت البلاد في مرحلة من الانقسام السياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقاً .

 

ورغم مساعٍ أممية لإنهاء هذا الانقسام، عبر حوار ليبي، جرى في مدينة الصخيرات المغربية وتمخض عنه توقيع اتفاق في 17 ديسمبر 2015، انبثقت عنه حكومة وحدة وطنية (حكومة الوفاق الوطني) باشرت مهامها من العاصمة طرابلس أواخر مارس الماضي، إلا أنها لا تزال تواجه رفضاً من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان شرقي البلاد .

 

وإلى جانب الصراع على الحكم، تشهد ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي، فوضى أمنية بسبب احتفاظ جماعات مسلحة قاتلت النظام السابق بأسلحتها.

 

مصر

تواجه مصر هجمات إرهابية تشنها جماعات متطرفة ينسب البعض منها إلى تنظيم "داعش" حيث تعرضت مواقع عسكرية وشرطية وأفراد أمن، لهجمات خلال الأشهر الأخيرة في شبه جزيرة سيناء (شمال شرق)، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من أفراد الجيش والشرطة.

 

ومنذ سبتمبر 2013، تشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة المصرية حملة عسكرية موسعة، في عدد من المحافظات، وخاصة سيناء؛ لتعقّب ما تصفها بالعناصر "الإرهابية" أبرزها تنظيم "أنصار بيت المقدس" الذي أعلن في نوفمبر 2014، مبايعة تنظيم "داعش" الإرهابي، وغيّر اسمه لاحقًا إلى "ولاية سيناء". ‎‎

 

الصومال

وفي الصومال بشرق القارة، فهي الأخرى تعاني من وضع أمني هش بفعل نشاطات حركة "الشباب" المصنفة كجماعة إرهابية، إلى جانب محاولات تنظيم الانتخابات الرئاسية التي تأجلت لأربع مرات قبل أن يتم تحديد موعدا لها الشهر المقبل.

 

السودان

تناقش قمة السلم والأمن الإفريقي المفاوضات الجارية بين الحكومة السودانية في الخرطوم والحركات المسلحة التي تخوض بدورها صراعاً امتد لسنوات دون أن يضع حداً للاقتتال.

 

الكونغو الديمقراطية

في وسط القارة، تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية صراعاً بين الرئيس جوزيف كابيلا والمعارضة نتيجة تشبث الأول بالسلطة رغم انتهاء فترة رئاسته، ما أثار احتجاجات شعبية هناك حيثُ تعيش البلاد أجواءً سياسية متوترة، لاسيما بعد تأجيل الرئيس الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية إلى أبريل 2018 والتي كان من المفترض تنظيمها نهاية العام الجاري.

 

وتتهم المعارضة في البلاد كابيلا، الذي يتربع على عرش السلطة منذ 2011، بـ"محاولة البقاء في منصبه إلى ما بعد ولايته الرئاسية من خلال إرجاء موعد الانتخابات".

 

أزمات أخرى

وفي خضم هذه القضايا والأجندة المتداخلة، كشف مصدر دبلوماسي إفريقي للأناضول، طالباً عدم ذكر اسمه، أن أجندة قمة مجلس السلم والأمن الإفريقي سيتصدرها الوضع في كل من غامبيا والكونغو وليبيا وجنوب السودان وبوروندي والسودان والانتخابات في الصومال عبر تقارير رفعت بالفعل ووجدت اهتماماً ومتابعة من الاتحاد.

 

وتعيش بوروندي منذ أبريل 2015، على وقع أزمة سياسية على خلفية إعلان نكورونزيزا، حينها ترشحه لولاية رئاسية ثالثة يحظرها الدستور ورفضتها قوى المعارضة.

 

وبحسب تقرير صدر في نوفمبر 2016، عن الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، أسفرت الأزمة البوروندية عن مقتل أكثر من ألف شخص، وأجبرت 310 ألف آخرين على الفرار بحثا عن ملجأ آمن خارج البلاد.

 

أما في غامبيا، التي كانت ستتصدر ملفات القمة، ستتوارى قليلاً عن المشهد، بعد قبول الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامع، التخلي عن السلطة ومغادرة البلاد.

 

وجاء الإعلان عن قبول جامع التخلي عن السلطة، بعد مباحثات أجراها معه زعماء أفارقة لإقناعه بقبول نتائج الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي، وأسفرت عن فوز زعيم المعارضة أداما بارو.

 

تلك هي الأجندة الموضوعة على منصة جلسات مجلس الأمن والسلم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ورغم تشابكها وتنوعها وتعددها، إلا أن التفاؤل يسود أروقة الاتحاد من قدرة القادة والزعماء على الوصول لحلول تجنب القارة مزيداً من التصدع وزعزعة أمنها واستقرار شعوبها.

 

ويتكون مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي من 15 دولة، 10 منها غير دائمة العضوية، ويتم انتخابها بشكل دوري حسب التقسيم الجغرافي للقارة، وهناك 5 دول أخرى دائمة العضوية، ويتم انتخابها كل 3 سنوات.

مقالات متعلقة