بالصور| الجفاف يلتهم الأخضر ويفتك بالماشية ويشرّد الصوماليين

الجفاف في الصومال

اشتدت حالة الجفاف التي ضربت أقاليم الصومال الجنوبية، إثر نضوب مياه نهر "شبيلي"، العابر لمناطق وسط وجنوب ذلك البلد العربي؛ ما أدى إلى نزوح مئات الأسر، هربا من ويلات الجفاف، الذي فتك بماشيتهم، بعد أن التهم كل ما هو أخضر.

 

موجة الجفاف التي تهدد نصف سكان البلاد، دفعت بعشرات الأسر إلى الهروب من مناطقهم، والنزوح إلى مخيمات في ضواحي العاصمة مقديشو، بعد رحلة شاقة في ظروف قاسية، لعلهم يجدون ما يروي ظمأهم.

بينما تعد الشاي لأولادها الأربعة، قالت زهرة أحمد "نزحنا وتركنا كل شئ خلفنا (..) لا أستطيع التعبير عن الظروف الإنسانية التي واجهناها خلال رحلتنا، فالماشية تسقط (تموت) تباعا، وكذلك البشر".

 

ومضت قائلة: "لم نر مثل هذا الجفاف منذ زمن، فقدنا كل ماشيتنا التي كنا نعتمد عليها ونرتزق بها، أصبحت عالة بعد أن أهلك الجفاف جميع ماشيتي، وهي حوالي 400 رأس غنم".

حياة صعبة

سكان أقاليم "هيران" و"شبيلي السفلى" و"شبيلي الوسطى" يدفعون ثمنا باهظا جراء نضوب نهر شبيلي، الذين كانوا يعتمدون عليه بعد الجفاف، الذي ضرب الصومال، فحول المراعي إلى أرض قاحلة.

 

حريدة حسين، قالت "انتهى بنا المطاف في هذا المخيم (مخيم "كاه")، الذي لا يتوفر فيه أي شئ (..) أطفالنا يعانون أمراض معدية ولا نملك أية أدوية. نواجه حياة صعبة، ونخشى أن يزداد وضعنا سوءا".

 

الأم الصومالية تابعت بقولها: "مزرعتي تحولت إلى شبه صحراوية؛ بسبب نضوب النهر، الذي كان يرويها، فلجأت إلى الفرار؛ خوفا على حياة أطفالي، بعد أن سقطت ماشيتي تباعا أمام عيني".

 

ثلاثة أيام بلياليها تستغرقها رحلة الفارين من الظمأ إلى مقديشو، بعضهم يلقي حتفه ظمأ، ومعظمهم أطفال دون سن الخامسة وكبار في السن، أما الباقون فيصلون بالعشرات يوميا إلى المخيم، الذي يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.

ماء فقط

مدير مخيم "كاه"، حاج عمر، قال: "استقبلنا عددا كبيرا من النازحين من أقاليم هيران وشبيلي الوسطى وشبيلي السلفى، بسبب الجفاف الذي ضرب تلك الأقاليم، ومعظمهم نساء وأطفال دون سن السادسة".

 

وحول وضع المخيم، أوضح عمر أن "المخيم لا يتوفر فيه إلا الماء (..) جمعنا مواد غذائية من الأسر المقيمة في المخيم، وتتمثل في السكر والأرز والزيت، ووزعناها على النازحين الجدد ليسدوا رمقهم".

 

ومحذرا من "كارثة إنسانية إن لم تتدخل الجهات المعنية"، دعا مدير المخيم، الهيئات الإنسانية إلى "تقديم مساعدات عاجلة للنازحين في المخيم، الذين يزداد عددهم يوما بعد آخر بسبب ويلات الجفاف".

تقشف حركة الشباب

برميل واحد من الماء في الأسبوع، هي طريقة تقشف جديدة فرضتها حركة "الشباب" المتمردة، التي تقاتل ضد القوات الحكومية، على سكان مدينة دينسور في إقليم باي (جنوب غرب)؛ بسبب سوء الأوضاع الإنسانية في الأقاليم الجنوبية، في ظل أزمة جفاف توسعت رقعتها شمالا وجنوبا.

 

وبحسب مسؤول في المخيم، فضل عدم ذكر اسمه، فإن "حركة الشباب (تتبنى تفسيرا متشددا للشريعة) اتخذت هذا القرار بعد نضوب الأحواض المائية المتبقية، بسبب تأخر موسم الأمطار لمدة عامين متتاليين. لذا يسمح لكل أسرة باستخدام برميل واحد فقط من الماء أسبوعيا".

 

مسلمة محمد، وهي من النازحين في قرية كلانجو بإقليم باي، قالت إن "سكان القرية يواجهون واقعا مريرا بعد أن فرضت عليهم حركة الشباب عدم استخدام أكثر من 500 لتر من الماء؛ ما أدى إلى نفوق عدد كبير من ماشيتهم بسبب الظمأ".

 

النازحة الصومالية أوضحت، في حديث، أن "القرويين في القرى والبلدات، يعتمدون على الأحواض المائية لسقي ماشيتهم، إلا أن الأمر الأخير ضاعف معاناتهم؛ ما دفع الكثير منهم إلى الهروب من سكناهم بحثا عن الكلأ والعشب".

نصف السكان

الجفاف ضرب أجزاء كبيرة من الصومال، بدءا من الأقاليم الشمالية الشرقية، مرورا بالأقاليم الوسطى، ووصولا إلى الأقاليم الجنوبية، التي بدأ سكانها النزوح إلى معسكرات مقديشو، بعد جفاف شبيلي، أطول نهر في البلد، والذي ينبع من الأراضي الإثيوبية.

 

لكن خبراء صوماليين، لا يرون أن الجفاف هو السبب الوحيد وراء جفاف نهر شبيلي، الذي ينبع من مرتفعات داخل إثيوبيا، إذ يتهمون أديس أبابا ببناء سدود في مناطق على ضفاف النهر بشكل منفرد؛ ما ساهم في جفافه.

 

وأياً كان السبب، ووفقاً لتقرير أصدرته الأمم المتحدة، في ديسمبر الماضي، فإن نحو خمسة ملايين صومالي (من أصل 10.8 ملايين نسمة) يواجهون نقصا حادا في المواد الغذائية؛ جراء تأخر موسم هطول الأمطار في الصومال.

 

ومشددةً على ضرورة تجنب أن يتحول الوضع إلى مجاعة، ناشدت الأمم المتحدة الدول والهيئات المانحة لتقديم مساعدات إنسانية للفارين من الجفاف.

 

ولا تبدو نهاية وشيكة لتلك المأساة، فأقرب موسم لهطول الأمطار في الصومال، بحسب هيئة الأرصاد الجوية في إقليم بونتلاند (شمال شرق)، سيأتي في أبريل المقبل، ما يثير مخاوف من تحول الوضع إلى كارثة إنسانية.

 

مقالات متعلقة