يراهن قسم من الليبيين على سيطرة اللواء خليفة حفتر على الوضع في ليبيا لأنها في حاجة إلى قوة عسكرية تضمن بناء المؤسسات وتسيطر على الميليشيات. ويقول هؤلاء إنه في عام ٢٠١١ تم اختيار أضعف الشخصيات كرؤساء أركان ولهذا لم تشكل كتيبة واحدة للجيش.
ويتابعون أن حفتر خلق في الشرق انطباعاً ان هناك سلطة تضمن الأمن حتى سرت، كما أن لديه قوات في بنغازي ستسيطر على الوضع. ويحظى حفتر بتأييد مصر التي تسعى إلى تنظيم اجتماع بينه وبين رئيس الحكومة فايز السراج.
ولكن الذين يعتقدون بضرورة تسليم حفتر القوات العسكرية في ليبيا يقولون ان الاجتماع بينه وبين السراج لن يأتي بأي نتيجة. ويعتبرون السراج شخصية ضعيفة لا تمثل الواقع الليبي.
في المقابل تعتبر فرنسا والدول المعنية بليبيا انه ينبغي ان يكون الحل سياسياً في ليبيا وليس عسكرياً، على ان يشمل جميع الأطراف تحت مظلة مجلس رئاسي جديد ورئيس حكومة منفصلة عن المجلس الرئاسي الذي ينبغي ان يعاد تشكيله من شخصيات اكثر تمثيلية للغرب والشرق بمن فيها الإسلاميون.
إن من حق قسم من الليبيين ان يراهنوا على حفتر وعمله لبناء ليبيا تتمتع بأمن مستتب ولكن التخوف من السيطرة العسكرية في الدول العربية ان يعيد النظام الديكتاتوري فيها. فمن يراهن على حفتر يقول انه خلق وهماً بأن هناك سلطة وأمناً داخلياً في حين انه منذ عام ٢٠١١ في طرابلس اصبح ممنوعاً الحديث عن أمن داخلي وسلطة.
ويرد هؤلاء عندما يقال لهم ان التخوف هو ان يعيد حفتر ليبيا الى ديكتاتورية مثل ايام القذافي، ان عمره المتقدم (74 سنة) لن يسمح بذلك لأنه حتى يعيد بناء الدولة يحتاج الى سنوات، اي انه سيكون في الثمانينات عندما يتم ذلك. الا ان الدول التي تؤيد حفتر لا تريد حلاً عسكرياً وفي طليعتها مصر التي تعمل على ترتيب الاجتماع بين حفتر والسراج.
وذلك لأن كثيرين في الغرب يعتبرون ان اللواء حفتر خارج عن اي سيطرة وأن تسلمه السلطة من دون تقاسمها قد يؤدي الى العودة الى ايام القذافي. ويقول مؤيدو تسليم حفتر السلطة ان الإسلاميين في ليبيا يهددون امنها عندما يكونون في رأس الهرم فمثلاً عندما يقوم وزير الدفاع الليبي بفبركة جوازات للإرهابيين فإن هذا يهدد الأمن، وفي المجلس الرئاسي شخصيات معينة مباشرة من «الإخوان المسلمين» أو من الجماعة الليبية المسلحة.
يقول مؤيدو حفتر ان بإمكانه إخراج ليبيا من الفوضى وغياب الأمن. وهذا الأمر مشكوك فيه لدى عدد من الأوساط في الغرب التي هي غير مقتنعة بأن قدراته العسكرية قوية بما يكفي لضمان الأمن في هذا البلد. ومن أغرب ما يحدث في بلد تسوده الفوضى انه عاد إنتاج النفط الى مستوى ٦٥٠ الف برميل في اليوم وأن هدف الشركة الليبية التي يرأسها مصطفى صنع الله هو العودة الى مستوى ١.٢٥ مليون برميل في اليوم في نهاية السنة الحالية شرط ان يبقى دعم البنك المركزي الليبي لذلك، لأن الحكومة الليبية وعدت الشركة ولكنها تحتاج الى تعاون البنك المركزي ورئيسه الصديق عمر الكبير.
إن العاصمة الليبية اليوم تعاني من انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي ما يمثل فضيحة في بلد نفطي غني آخر على غرار العراق الذي يشهد مثل هذا النقص في طاقة أساسية للناس. فليبيا اليوم تحتاج فعلاً الى حكم قوي مع حكومة نافذة وجيش يساعد هذه الحكومة على عودة الأمن في البلد. ولكن القذافي دمر كل معالم المؤسسات وكان استبدلها بلجان شعبية في خدمته. مستقبل ليبيا على المحك وإبعادها عن الإسلاميين هو الأفضل ولكن ليس لحساب ديكتاتورية جديدة.