بعد قرارات اقتصادية قاسية.. هل نجحت الحكومة في جذب الاستثمارات ؟

عدم الاستقرار السياسي هو أهم معوقات الاستثمار في مصر

في أغسطس الماضي، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاحه مصنعًا لـ"البتروكيماويات" في الأسكندرية: "كل القرارات الصعبة التي تردد كثيرون على مدى سنوات طويلة في اتخاذها والناس خافت أن تتخذها، لن أتردد ثانية في اتخاذها".

 

ولمحاولة جلب استثمارات للاقتصاد المصري، وافق المجلس الأعلى للاستثمار في مصر، أوائل نوفمبر الماضي، على 17 قرارًا تهدف لدعم الاستثمار، منها تمديد تجميد الضريبة على أرباح النشاط في البورصة المصرية لمدة ثلاث سنوات.

 

وتتضمن القرارات الموافقة على الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمشروعات استصلاح الأراضي الزراعية التي تنتج محاصيل رئيسية، وأقر أيضًا الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة خمس سنوات للمشروعات الجديدة.

 

قرارات صعبة

 

قرارات الاصلاح الاقتصادي التي تتبناها الحكومة المصرية، كانت أكثر صعوبة على محدودي الدخل والفقراء، والذين يمثلون قرابة 30% من إجمالي عدد المصريين وفقاً لأرقام جهاز الإحصاء المصري، والتي جاء بعضها في إطار اشتراطات مؤسسات التمويل الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي،

 

أما جملة القرارات الصعبة التي أنهكت المصريين، فقد شملت قرارات تقنين الاستيراد وما تبعه من قرارات لضبط فاتورة الواردات المصرية، إلى أن أصدر البنك المركزي المصري القرارات الأكثر تأثيرًا في حياة المصريين، والتي تمثلت في تحرير سوق الصرف وتعويم الجنيه وذلك في نوفمبر الماضي.

 

كما قررت الحكومة وفي إطار دعم شركات الدواء التي طاردتها الخسائر بسبب أزمة الدولار، رفع أسعار الدواء بنسب تتراوح ما بين 20 و30%، ورغم ذلك مازالت الشركات تواجه خسائر حادة خاصة أن الزيادة في أسعار الأدوية لا توازي حجم الزيادة في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري.

 

تسبب إقرار الحكومة وموافقة مجلس النواب على قانون ضريبة القيمة المضافة عاملًا مباشرًا في زيادة معاناة المصريين من أزمة الأسعار، وجاءت نسبة الضريبة الجديدة في حدود 13% في العام الأول من صدور القانون ترتفع بعد ذلك إلى 14%.

 

من جانبها استبعدت صناديق استثمار عالمية قدوم استثمارات أجنبية عاجلة إلى مصر رغم قرار التعويم، وأكدت أن الاستثمارات تعاني مشاكل عدة داخل السوق المصرية، من بينها اضطرابات سوق الصرف وتفاقم مشكلة السوق السوداء للعملة، بحسب "رويترز".

 

مؤشرات عالمية

 

وبحسب مؤشر التنافسية العالمية لعام 2016-2017، الذي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، اعتبر 21% من المستثمرين الذين تم استطلاع آرائهم أن عدم الاستقرار السياسي هو أهم معوقات الاستثمار في مصر، مقابل 8.4% رأوا السياسة الخاصة بسعر الصرف من أهم المعوقات.

 

وكانت توقعات بنوك الاستثمار ومؤسسات الأبحاث الأكثر تفاؤلا إلى بلوغ النمو الاقتصادي 4% في العام المالي الجاري، بينما يصل بعضها إلى حدود 2%، مثل كابيتال إيكونوميكس، وكلها توقعات أقل من النمو المحقق في العام المالي الماضي والبالغ 4.3%.

 

وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الاستثمار، أن هذا الأسبوع شهد تأسيس 344 شركة جديدة طبقا لقوانين الاستثمار المصرية بمعدل تأسيس يومي بلغ 69 شركة، وذلك بإجمالي رأس مال مصدر 319.7 مليون جنيه مصري، وأضافت: "الشركات التى تأسست ستوفر1422 فرصة عمل للشباب المصري منها 787 فرصة عمل حرفية".

 

وأوضحت أن رأس المال المصري في تأسيس هذه الشركات بلغ 282.5 مليون جنيه، ورأس المال الأجنبي 26 مليون جنيه بينما مثل رأس المال العربي 11 مليون جنيه، تعمل هذه الشركات في القطاعات الزراعية والصناعية والسياحية والخدمية والإنشائية وتكنولوجيا المعلومات.

 

قرارات لم تُظهر نتائجها

 

من جانبه قال مصطفى السعيد، وزير المالية الأسبق، إن القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الفترة السابقة، من أجل النهوض بالاستثمار، لن تظهر نتائجها الآن، إلا بعد الإعلان عن حجم الاستثمارات التي دخلت البلد في الفترة الماضية.

 

وأشار في تصريحات لـ"مصر العربية"، إلى أن نجاح هذه القرارات من عدمه قائم على الأرقام التي ستعلنها الحكومة، فإن كانت الأرقام بالحجم المتوقع وجاءت كالخطة التي وضعتها الحكومة، فاذا هي قرارات ناجحه بامتياز، وان كان غير ذلك، فهناك خلل.

 

الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، أكد أنّ قرار تحرير سعر صرف الجنيه، من أفضل القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، وسيجلب العديد من الاستثمارات لمصر، في حال تم استغلال القرار بالشكل الصحيح.

 

وأضاف لـ"مصر العربية"، القرارات الاقتصادية في مجملها صحيحة، وستجني البلد ثمارها قريبًا، مضيفًا: "عيلنا ان ننتظر حتى نهاية عام 2017، وستخرج مصر من عنق الزجاجة، وسيعود الحال لطبيعته، وستنخفض الأسعار، ولكن علينا بالصبر".

 

وأوضح أن القرارات الحكومية بشأن الاصلاح الاقتصادي جريئة وجيدة جدا، بالمقارنة بقرارات الحكومات السابقة، التي اعتمدت على "تطفيش المستثمر".

 

الاستثمار يتفوق على الاستهلاك

 

وتفوق "الاستثمار" على "الاستهلاك" كمحفز للنمو في مصر، حيث انخفضت مساهمة "الاستهلاك" في النمو خلال الربع الأول إلى 2% مقارنة بنحو 6.2% في الربع ذاته من العام المالي الماضي بعد حالة من الانكماش جراء موجة الغلاء التي نجتاح البلاد.

 

وكان وزير التخطيط، أشرف العربي، قد قال في تصريحات له، إن مساهمة "الاستثمار" في النمو خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بلغت 1.8%، مقابل 1% خلال الربع المناظر.

 

وفي تصريحات سابقة لـ"مصر العربية"، أوضح شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن انخفاض نمو الاستهلاك في الربع الأول من العام المالي الجاري، كان أمرًا متوقعًا خاصة بعد موجة التضخم الهائلة الأخيرة، وأضاف "الطلب علي السلع واستهلاك المواطنين في انخفاض مستمر طالما هناك زيادة في الأسعار"، لافتًا إلى أن الاستهلاك بدأ في الانخفاض إثر تعويم الجنيه.

 

ولفت "الدمرادش" إلى أن زيادة مساهمة الاستثمار في النمو هو مؤشر جيد في المرحلة الحالية، لكن هناك تخوفات عقب انتاج المصانع لاستثماراتها ونزولها الأسواق، وتساءل "هل ستتعرض لانخفاض على العرض والطلب وتواجه مثل مشكلة الاستهلاك المحلي".

 

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الاستثمار لن يبقي بهذا الحال طويلًا، فسوف يتعرض إنتاجه للعرض والطلب ومن الممكن أن ينخفض، لذلك علينا ألا نعتمد عليه، ونلجأ لطرق مساهمة أخرى.

مقالات متعلقة