موقع إسرائيلي: الحضري..رجل لا ينتهي

عصام الحضري ومحمد صلاح بعد الفوز على بوركينا فاسو

“الأسطورة" و"اللاعب الذي لا ينتهي" و "رجل المستحيل" و"الملهم" كلها ألقاب لاطلقها موقع "walla” الإسرائيلي في تقرير مطول عن عصام الحضري حارس مرمى المنتخب المصري.

 

 

إلى نص التقرير..

لم يكن كواكو كوفي، حارس مرمى بوركينا فاسو البالغ من العمر 20 عاما قد ولد بعد عندما لعب أسامة الحضري للمرة الأولى في المنتخب المصري. بالأمس تواجها وجها لوجه في ضربات الترجيح بنصف نهائي بطولة إفريقيا- الفتي الصغير أمام أكبر حراس المرمى في القارة على مدى العصور، الذي احتفل قبل أسبوعين بعيد ميلاده الـ44.

 

صحيح أن كوفي صد الركلة الأولى لمصر، ووقف ليصوب الركلة الرابعة، في وقت كان الصعود للنهائي أقرب من أي وقت. كان قرارا غريبا من قبل المدرب باولو دوارتا، لكن البوركيني كان واثقا من نفسه مع ابتسامة بسيطة على وجهه. سحقه الحضري بصدة كبيرة. كذلك تصدى للركلة الخامسة لـ برتران تراوري، لاعب تشيلسي الموهوب، الذي يلعب هذا الموسم على سبيل الإعارة في أياكس، وتمنى أن يكون بطل الكأس. بدلا من ذلك، ليس هناك سوى بطل واحد. الحضري.

 

قصة الحضري نادرة للغاية. لا تحدث سوى مرة واحدة- ليست هناك سابقة لها في تاريخ كرة القدم العالمية بأسره. فقد نعوه منذ فترة طويلة. اللاعب المخضرم لم يكن جيدا حتى في التصفيات المؤهلة لبطولة إفريقيا السابقة عام 2014، وقتها فشل الفراعنة في مهمتهم للمرة الثالثة على التوالي.

 

لكن، الحضري وضع لنفسه هدفا في الحياة- فهو يؤمن أنه سيلعب في كأس العالم، الذي شارك فيه المنتخب للمرة الأخيرة عام 1990، ومنذ ذلك الوقت مني بالفشل في التصفيات. لكن الحارس حقيقة لم يفقد الأمل. “أريد أن ألعب في روسيا 2018” عاد وأكد الحضري في السنوات الماضية.

 

كاسياس الصغير تعلم منه

هذه ليست مزحة على الإطلاق، وقوة إرادته قادرة على كسر كل الحواجز. أحد الجوانب الأكثر إذهالا في مسيرة الحضري يتعلق بأنه لم يكن معجزة، وإنما صعد من أسفل بصعوبة. لعب للمرة الأولى بقميص المنتخب وعمره 23 عاما، واضطر بعد ذلك للجلوس على دكة البدلاء ومشاهدة آداء نادر السيد الذي كان في نفس عمره، واعتبر أكثر موهبة منه.

 

رغم فوزه بالبطولة تلو الأخرى بقميص الأهلي الذي التحق به عام 1996، لم يحصل على كثير من الفرص للعب بقميص المنتخب. في عام 1998 حصل الحضري على أول ميداليا ذهبية في بطولة إفريقيا، لكنه لم يشارك في البطولة على الإطلاق، كانت هذه الفترة محبطة في الغالب، لكنه لم يتراجع أبدا.

 

التحول الأهم حدث في أغسطس 2001، عندما توج الأهلي بلقب نادي القرن الـ 20 في إفريقيا، واستضاف في إطار الاحتفال ريال مدريد. قدم الحضري عرضا مذهلا بين الثلاث خشبات، ومنح فريقه الفوز 0:1، رغم أن الإسبان لعبوا بتشكيلهم الكامل والبراق.

 

لوضع الأمور في نصابها الصحيح، علينا أن نعرف- أن زين الدين زيدان أكبر عمرا من الحارس المصري بستة شهور فقط. ولويس فيجو أكبر منه بشهرين. روبرتو كارلوس وكلود ماكيليلي أصغر منه، ولن نتحدث عن راؤول وميشيل سلجادو. . ينتمي الحضري لعصر آخر تماما. وقتها جلس إيكر كاسيوس الصغير في القاهرة على الدكة، وتفاعل مع آداء معبود الأهلي. “منذ ذلك الوقت أصبح قدوة لي أحاول تقليدها. تعلمت أسلوب لعب الحضري كي أتطور". قالها الرجل الذي أصبح بمرور الوقت أحد أعظم حراس المرمى في كل العصور.

 

الخصم اللدود لدروجبا

ذلك العرض الكبير، إلى جانب الفوز بدوري أبطال إفريقيا في 2001، حسن من وضع الحضري في المنتخب، ولعب للمرة الأولى في بطولة إفريقيا 2002 وعمره 29 عاما. ورث القميص رقم "1” بشكل نهائي وحصري فقط في عام 2005، عندما اعتزل نادر السيد المشاركات الدولية بعد 110 مباراة. وبذلك، مُهد طريق الحضري للنجومية في طريق الفوز بأول لقب قاري حقيقي له، بعد إثارة كبيرة.  

استضافت مصر بطولة إفريقيا عام 2006، لكن الفريق الأكثر شعبية كان ساحل العاج الذي ضم ديدييه دروجبا، إيمانويل إيبوي والإخوان توريه. صعد الفريقان للنهائي في القاهرة، وتفوق الحضري على نفسه، وأغلق مرماه على مدى 120 دقيقة من التعادل السلبي، وقتها تصدى لركلة دروجبا في ركلات الترجيح. “لم ألعب أبدا أمام غريم صعب بين الثلاث خشبات، أكثر من الحضري"، قال مهاجم تشيلسي، وكان هذا بمثابة إطراء كبير لرجل يكبره بخمس سنوات.

 

في سن 33 وصل الحضري لقمة مجده. بالنسبة لآخرين، ربما كان هذا هو التوقيت المناسب للاعتزال في القمة. هكذا كان حال المهاجم الأسطوري حسام حسن، ملك أهداف مصر على مر العصور، الذي غادر المنتخب في سن 39. من كان ليصدق أن الحارس كان وقتها في البداية فحسب؟ لا أحد، باستثناء البطل الرائع وحده.

 

مر عامين، ومجددا قاد الحضري مصر للفوز ببطولة إفريقيا. هزم الفراعنة هذه المرة ساحل العاج 1:4 في نصف النهائي، بينما أوقف الحارس في النهائي كافة محاولات صموئيل إيتو لتفوز مصر 0:1 على الكاميرون.

 

استمر هذا الزخم في 2010 بالحصول على ثالث لقب إفريقي على التوالي، ورابع لقب في مسيرة الحضري. هذه المرة أيضا حصن مرماه، وفازت مصر في النهائي بهدف مقابل لا شيء لغانا الذي كان ضمن نجومها أسامواه جيان وكانت تحظى بشعبية جارفة.

 

بشكل عام، حافظ الحضري على مرمى نظيف على مدى 300 دقيقة في ثلاثة نهائيات متتالية. وجرى اختياره بالطبع كأفضل حارس مرمى في البطولات الثلاثة المتتالية. هذه الإنجازات لا يمكن استيعابها، خاصة بالنسبة لحارس عمره 37 عاما. لكن حتى هذا، اتضح أنه لم يكن النهاية.

 

 

كوبر لم يسده معروفا بل فعل القدر

لأن مصطلح "متأخر جدا" ليس موجودا في قاموس الحضري. فقد وقع للمرة الأولى نادي أوروبي وعمره 35 عاما عندما غادر بشكل مدو الأهلي بعد 12 عاما وانضم لسيون السويسري. واصل الإيمان من كل قلبه بحلم المونديال، حتى عندما واصل المنتخب الفشل في التصفيات، وأيضا عندما تدهورت كرة القدم المصرية للحضيض في أعقاب مذبحة بورسعيد عام 2012، وعندما توقف استدعائه قبل أكثر من عامين. اللاعب الذي لا ينتهي تنقل بين الكثير من الأندية خلال السنوات الماضية، وفيها كلها أصبح زعيما، ومصدر إلهام لجيل الشباب. في نهاية الأمر، لم يبق لدى هيكتور كوبر خيار.

 

المدرب الأرجنتيني، الذي عُين من قبل الاتحاد المصري في مارس 2015 لم يدرج الحضري في خططه الأولى، لكن في مارس استدعاه وفي يونيو منحه القميص رقم "1” في تصفيات بطولة إفريقيا مع تنزانيا. “لم يكن عصام ضمن القائمة الأصلية، لكن لياقته البدنية في فريقه وادي دجلة أقنعتنا. كان مدرجا كحارس مرمى رابع حتى وقت قصير، الآن هو الحارس الأول". قال أحمد ناجي مدرب حراس المرمى.

 

تميز الحضري أمام التنزانيين، واستمر في لياقة رائعة في وادي دجلة، هناك يدربه المهاجم المعتزل المثير للجدل ميدو، الذي يصغره بأكثر من 10 سنوات. ميدو الذي كان لاعبا هائجا للغاية بشكل متشدد، يمتدح اليوم- صدقوا أو لا تصدقوا- احترافية الحضري.

 

رغم ذلك، لم ينو كوبر إسداء الحارس المخضرم صنيعا في البطولة الحالية. اعتقد المدرب أن أحمد الشناوي 25 عاما من الزمالك هو الأنسب لحراسة المرمى في التشكيل، وهو ما حدث في المباراة الأولى من دوري المجموعات ضد مالي. لم يكن القدر قادرا على تحمل ظلم كهذا، فأصيب الشناوي بعد 25 دقيقة فقط.

 

دخل الحضري مكانه، وأصبح أكبر حارس مرمى في تاريخ بطولة إفريقيا. حتى عندما كان جالسا على دكة البدلاء، قام بتوجيه زملائه الشباب. أخبرهم بتجاربه منذ 1998، 2006، 2008، 2010. “معظم اللاعبين هنا لم تسبق لهم المشاركة في بطولات كبرى. يحبون الاستماع للماضي، يمحنهم هذا حافزا". قال الحارس.

 

خلافا للخطط، استدعي للعب. من الواضح أنه كان مستعدا. لا أحد أكثر استعدادا منه. “في النادي أيضا هو دائما أول من يبدأ بالمران، وآخر من ينهيه". يقول ميدو. وقتها حصن الحضري مرماه مجددا، وكسر رقما قياسيا جديدا.

 

الطيران إلى روسيا أقرب من أي وقت مضى

حتى أمس كان الهدف الأخير الذي دخل في مرمى مصر في بطولة إفريقيا في الدقيقة 27 في ربع النهائي أمام الكاميرون عام 2010. أنهى الحضري تلك البطولات مع 273 دقيقة دون أن تهتز شباكه، واستمر في 2017 مع 65 دقيقة أمام مالي بلا أهداف، ثم انتصارات 0:1 على أوغنده وغانا والمغرب. حتى كسياس تحمس مجددا وأرسل تهنتئه على تويتر "كل الاحترام للحضري"، كتب الإسباني لمعبوده. “شكرا إيكر الغالي، هذا شرف كبير لي ولبلادي للحصول على إطرائك".

 

كان الحضري يأمل إنهاء البطولة كلها بدون أن تهتز شباكه، لكن التتابع الجنوني توقف بعد 681 دقيقة عندما سجل أريستيد بانسيه  هدف التعادل للمنتخب البوركيني. كان هذا محزنا للمصريين وللحارس، لكن بعد ذلك تبين أن الأمر ينطوي على مميزات. أصبح الحضري البطل العظيم لركلات الترجيح.

 

الآن ينتظر الحضري لمعرفة المنافس في النهائي يوم الأحد، والأمر لا يقلقه كثيرا. فلو كانت غانا، فقد فاز عليها في 2010. ولو الكاميرون انتصر عليها في 2008. هذه أمور صغيرة بالنسبة له في سن الـ 44، بعد 152 مباراة دولية، شاهد خلالها كل شيء. باستثناء كأس العالم- لكنه أيضا يبدو أقرب من أي وقت مضى.

 

 

بعد انتصار المنتخب المصري على غانا 0:2 في التصفيات بشهر نوفمبر، واللاعب الأسطوري يقف بين الثلاث خشبات، فإن وضع الفراعنة جيد للغاية، وبدأوا يحلمون بحذر بالطيران إلى روسيا. إذا ما وصل الحضري إلى هناك، فسوف يصبح أيضا أكبر لاعب في تاريخ كأس العالم.

 

 

الخبر من المصدر..

 

 

مقالات متعلقة