في ذكرى إحراقها| حماة.. الشاهد الصامت على إجرام آل الأسد

مجازر الأسد في حماة

كثيرة هي أوجاع وآلام السوريين، لم يمرّ يوم عليهم إلا ويشاهدون فيه أشلاء أبنائهم تفترش الشوارع، أو يتذكرون فيه دماء أجدادهم إبان حكم الأسد الأب، وهو ما بدأ في مثل هذا اليوم في الثاني من فبراير لعام 1982، وما يعرف بمجزرة حماة شرارة حرب عائلة الأسد ضد الشعب السوري الأعزل.

 

"حماة" هي أكبر مجزرة شهدها العالم العربي في العصر الحديث, فسكان تلك المدينة كانوا على موعدٍ مع مذبحة لم يعرفوا كل تفاصيلها لكنهم لن ينسوا ما أدركوه منها من دماء ورعب أدخلهم إلى حجرات الخوف لسنوات عديدة.

 

"بشاعة المجزرة" بحسب رؤى البعض، وصراخ النساء والأطفال لم يشفع لهم من بطش الأسد الأب الذي أحرق ودمر مدينة كاملة على رؤوس ساكنيها، فلا تخلو عائلة في حماة إلا وفيها قتيل أو مفقود أو مهاجر جراء تلك المجزرة، بالإضافة إلى غضب النظام على هذه المدينة وأهاليها، إذ قام بعد تلك المجزرة بتهميشها والتشديد على أهاليها ومعاملتهم كخونة ومنبوذين.

وتعود بدايات تلك المجزرة إلى الثاني من فبراير عام 1982، شنّ الجيش السوري حملة عسكرية واسعة، ضد ما سماه عصيان جماعة الإخوان المسلمين في المدينة، واستمرت 27 يوماً، ارتكب خلالها مجازر عدة، فقد طوّق المدينة وقصفها بالمدفعية والدبابات والطيران، ومن ثم اجتاحها برياً، ليقضي على عشرات الآلاف من المدنيين من أهالي المدينة بدون ذنب.

 

ورغم بشاعة جرائم عائلة الأسد، إلا أن ما حدث بحماة يعتبر الأكثر مرارة وقسوة ضد المدنيين قياساً إلى حملات أمنية مشابهة في ذلك الزمان، فقد استخدمت حكومة حافظ الأسد سرايا الدّفاع بقيادة شقيق الرئيس رفعت الأسد، واللواء 47/ دبابات، واللواء 21/ ميكانيك، والفوج 21/ إنزال جوي (قوات خاصة)، فضلاً عن مجموعات القمع من مخابرات وفصائل حزبية مسلّحة، كما منح النظام القوات العسكرية الصلاحيات كاملة لضرب المدينة، وأبيدت وذبحت حماة بصمت.

وفي الخميس 4 فبرابر، ارتكبت قوات الأسد المجزرة الجماعية الأولى في المدينة، في حي جنوب الملعب الواقع بالقرب من مدخل حماة الجنوبي، رغم سيطرة النظام على هذا الحي بالأصل.

 

ووفقًا لشهود عيان، قتلت القوات المقتحمة، ومعظمها من "سرايا الدفاع" بقيادة رفعت الأسد، حوالي 1500 نسمة من سكان هذا الحي، وقضت فيه عوائل بأكملها بالإعدام الميداني.

 

وفي الاثنين 8 فبراير، شكل هذا اليوم منعطفًا في المعركة غير المتكافئة بين شباب المدينة والجيش، إذ سقطت منطقة السوق بمعظمها، فضلا عن بعض جيوب المقاومة.

ونفذت قوات الأسد في هذا اليوم نحو عشرة مجازر متفرقة في أحياء السوق، قتل خلالها نحو ألف مواطن في مناطق متفرقة، وأبرزها مجازر حي الباشورة والسوق الطويل.

 

وفي الخميس 11 فبراير، بدأت أحياء الحاضر بالسقوط، فسيطرت قوات الأسد على حيي المناخ والأميرية، واشتد الحصار على حي البارودية الأثري، وفي ذات اليوم، بدأت باستهداف حي الكيلانية العريق في حماة، فأحرقت ودمرت قصوره ومساجده.

 

وفي الثلاثاء 23 فبراير، سيطرت قوات الأسد على آخر معاقل المقاومة الشعبية في حماة، وهو حي البارودية الأثري في المدينة، ويعد المعقل الرئيسي لـ "الطليعة المقاتلة" في حماة.

 

وفي الجمعة 26 فبراير، وبعد أن فرضت قوات الأسد سيطرتها الكلية على حماة، اقتحمت منازل المدينة وساقت نحو 1500 مواطن إلى منطقة زراعية على أطراف المدينة الجنوبية، وأعدمتهم ميدانيًا، بإشراف مباشر من رفعت الأسد. بحسب شهود عيان. وأجبر الأهالي، عقب المجازر، على الخروج بمسيرة تأييد لحافظ الأسد، في شارع  8 آذار وسط حماة، هتفوا فيها  بالروح بالدم نفديك يا حافظ.

 

وتختلف الروايات في إحصاء عدد ضحايا مجزرة حماة، فاللجنة السورية لحقوق الإنسان أكدت أن عدد الضحايا يتراوح بين 30- 40 ألف نسمة، فيما يرى آخرون أن القتلى أكثر من ذلك.

السياسي السوري أحمد المسالمة وصف الثاني من فبراير لعام 1982 باليوم الأسود الذي يمر بالذاكرة، فهو الشاهد على مجازر الأسد  الأب التي أورثها إلى الأسد الابن الذي هو أجرم، فالأب هو من قتل والابن استجلب الأجنبي لمساعدته على القتل واستباح دماء السوريين بأيدي الروس والإيرانيين.

 

وأوضح لـ"مصر العربية" أن هذه العائلة الدموية تعيش على الدماء وتجلس على كرسي ملطخ بالدماء بل غارق بالدماء، فما حدث بحماة هي مجزرة ارتكبها جزار العصر وإله الجوع الأسد الأب، والآن يكمل مسيرة المجازر ابنه الأسد الذي يتعيش على الدماء ويكمل أيامه بالقتل برفقة روسيا وإيران.

 

وتابع: "المجزرة تتكرر كل يوم في سوريا والأسد مستمر لبقائه بالكرسي بهذه المجازر، "تمر هذه الذكرى بالألم على السوريين عندما يتذكرون شبابا قتلوا بدم بارد".

 

 

مقالات متعلقة