كشف تقرير أمريكي أسرار تراجع الدعم المالي الخليجي وبعض الدول المانحة لمصر؛ فقد أوضح التقرير الذي أعدته لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي ولجنة من مستشاري البيت الأبيض، عن وجود مشكلات "تتعلق بالسياسات الاقتصادية غير الرشيدة والمتضاربة" التي تتبعها الحكومة المصرية.
وأرجع التقرير الذي صدر عن اللجنة بدرجة "سري جدا" في 18 يناير 2017، واستلمه مكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، تمهيدًا لمناقشته، وتحديد أسلوب تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع مصر، في المرحلة المقبلة - التراجع في الدعم المالي إلى "استمرار سيطرة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد وصرف 29.67% من الموازنة على النفقات الحكومية، وتوجيه 1.5 مليار دولار شهريًا لدعم الغذاء والوقود".
مظاهرات سابقة ضد الغلاء بمصر
وبيَّن تقرير لجنة العلاقات الخارجية أن النفقات الحكومية لا تولد إيرادات كافية واكتشاف الجهات المانحة والداعمة لمصر أنّ استقبال المزيد من المساعدات "مجرد أقنعة لموارة مشكلات تتعلق بالسياسات غير الرشيدة والمتضاربة" وأنّ تمويل النفقات الجديدة من منح خليجية هو مجرد نقل المشكلات المالية إلى المستقبل القريب.
وأوضح التقرير وجود "فجوة سنوية تقدّر بنحو 15 مليار دولار تتعلق بتمويل العجز الحكومي، وأنّ المساعدات الخليجية لمصر لم تقدم إلا الحدّ الأدنى من الإغاثة لاقتصاد يتعرض حاليًا للإفلاس.
وبيّن التقرير أن "النظام المصري يقدِّم الدعم للمواطنين بهدف السيطرة السياسية، و خوفًا من انهيار الأمان الاجتماعي، مع ذلك سيكون من الصعب تنفيذ برامج الحد الأدنى للأجور الذي يناهز نحو 127 دولار شهريًا، وتقليص العجز في الموازنة، ويقف عثرة أمام السياسة المالية التوسعية التي تنتهجها الحكومة حاليًا، لعدم امتلاكها وسائل تمويل تلك البرامج..
الفقراء دائمًا يدفعون ثمن السياسات الاقتصادية الخاطئة
وذكر التقرير أنّ سياسة إصلاح الدعم وبخاصة المتعلقة بالطاقة والأغذية، ليس لها أهداف معينة "إلا التهدئة الوقتية بدلاً من تأسيس استدامة اقتصادية، وذلك لعدم قدرة القيادة على كبح جماح الانحدار الاقتصادي" وتفاقم مشكلة الاحتياطي الأجنبي مع حساسية مصر للتغيرات في أسعار السلع والنفط والغاز الطبيعي وكونها أكبر مستورد للقمح في العالم.
حذر التقرير من تعرض مصر لصدمات خارجية تتعلق بكوارث طبيعية وعدم الاستقرار السياسي بما يضيف أعباءً تمويلية تتكبدها، ومع ظروف أخرى محلية تتعلق بالانخفاض السريع في قيمة الجنيه المصري، وتقليص المساعدات الأجنبية أو إنهائها أو وقوع حدث سياسي غير متوقع، يدفع المصريين إلى تبديل جنيهاتهم بالدولار.
وشرح التقرير خطورة تلك الصدمات بتأكيده على أنّ "وجود احتياطي أجنبي محدود تحت تصرف الدولة سيجد البنك المركزي صعوبات كبيرة في الدفاع عن العملة، بما يرفع معدلات التضخم، وقد تضطر مصر إلى طبع الأموال بما يضاعف الضغوط التضخمية المرتبطة بانخفاض قيمة العملة".
وتناول التقرير توابع الأزمة المالية، بتأكيده أنّ أزمة الإفلاس التي تواجه مصر لن تقع من حدث واحد، بل" نتاج عوامل سياسية واقتصادية عديدة موجودة بالفعل".. مع عدم استدامة الدعم الخليجي على المدى الطويل، إذا ثبت أنّ الاحتياجات المصرية أكبر من التوقعات، حال تطور التصدعات السياسية، وتغير أولويات تلك الدول، واستمرار الضغوط على ميزانياتها المحلية، على غرار ما تتعرض له حاليًا.
مظاهرة سابقة ضد الفساد
وأكد التقرير أن اختزال أو تعليق المساعدات الخليجية والأجنبية لمصر سيُعجّل من وقوع "أزمة إفلاس" في مصر.
وشرح التقرير: أن أكثر العوامل إثارة للإفلاس في مصر تتعلق باستمرار السياسات الاقتصادية الراهنة التي تضع ضغوطًا ملحوظة على الأوضاع المالية، لا يمكن تحملها حتى النهاية، مع الاحساس الزائف بقدرة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتحويل الأمور إلى الأفضل، أعقاب فشل مشروع توسعة قناة السويس، واستمرار الحكومة في مواصلة سياسات مالية ونقدية غير متماسكة، وتدهور وضع الاحتياطي الأجنبي، بما يحول مصر إلى دولة مفلسة".
وشدد التقرير على أنه "رغم الطول الزمني اللازم لحدوث الأزمة، لكن الإحساس بعواقبها، قد يكون سريعًا، فلن يكون المصريون قادرين مجددًا على شراء الوقود والسلع الغذائية الأساسية وبعض المنتجات المهمة الأخرى كالأدوية، الأمر الذي قد يتسبب في خروج أعداد كبيرة من المواطنين إلى الشوارع اعتراضًا على الحكومة.
ونوَّه التقرير بأن "استخدام أجهزة الأمن القوة المفرطة كالعادة، في مواجهة تلك التظاهرات قد يشجّع المزيد من المواطنين على الانضمام لمظاهرات احتجاجية، قد تنتشر في أرجاء مصر، وأنّ مثل هذه القافلة الثورية قد تسحق الحكومة هذه المرة، وسيكون من الصعب على الجيش الحفاظ على استقرار البلاد، والسيطرة تقرير أمريكي يفسّر للرئيس ترامب: لماذا تتجه مصر لحالة الإفلاس؟
نص تقرير لجنة العلاقات الخارجية للرئيس ترامب: