في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها مصر، وضع مستشارو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة عاجلة للتدخل حال تعرض القاهرة للإفلاس أو الاضطراب السياسي خلال الفترة المقبلة.
تكشف" مصر العربية" في الجزء الثالث من تقرير أعده خبراء من لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس وهيئة مستشاري البيت الأبيض، صدر في 18 يناير الماضي تحت بند "سري للغاية"، الخطط الأمريكية المقترحة.
وتضمن التقرير الذي استلمه مكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي تمهيدا لمناقشته، عدة خيارات "حال عجزت مصر عن تسديد ديونها، للتخفيف من المواقف والحد من إمكانية الانهيار السياسي وما يرتبط بهما من مشاكل استراتيجية وإنسانية".
وتشمل الخيارات: "الدعم المشروط للجيش، وتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي إلى القيادات البارزة به، لمنع مصر من الانحدار لمصاف الدول الفاشلة، الاعتراف بأي حكومة جديدة قد تنجم عن هذه الاضطرابات واستخدام نفوذ واشنطن الدبلوماسي، مع الحلفاء في المنطقة وأوربا وآسيا لفعل ذلك بالمثل".
ووفقا للتقرير فإن "الدين الحكومي يبلغ 101.2% من الناتج المحلي الإجمالي، والدين الإجمالي يتخطى نسبة 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن الدين المحلي والعجز المالي يمثلان على وجه الخصوص مشكلة لمصر على مر السنوات، وتتكلف مصر أكثر في تسديد القروض وعجز الموازنة، ونتيجة لذلك تضطر مصر لسد عجز الموازنة من خلال الاقتراض المحلي من بنوك القطاع العام والبنك المركزي.
وطلب أعضاء لجنة إعداد التقرير، تقديم دعم اقتصادي إضافي لمصر، ودعم القوات المسلحة المصرية، وعدم تعويلها على "الطبقة السياسية المدنية في مصر، التي تنقصها الديناميكية، وإيوائها قدرا كبيرا من الفساد، والموارد المحدودة للوزارات".
وذكر التقرير أنه "حال حدوث إفلاس ستكون المؤسسة العسكرية المصرية الأكثر تنظيما نسبيا، والقادرة على عدم الانزلاق إلى الفوضى، وضرورة ضخ فوري لمساعدات مالية لمصر، وتشكيل مجموعة اتصال مصر بقيادة واشنطن تستطيع عبرها الدول الثرية مد نطاق مساعداتها للقاهرة".
وأشارت اللجنة إلى أن مجموعة الاتصال ستشمل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول أسيوية كبرى وبلدان خليجية، مؤكدة، أنه يتعين على "باقي دول العالم حشد المزيد من الموارد لإنعاش الاقتصاد المصري، في حالة مواجهته للإفلاس".
وطلبت اللجنة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تقريرها، عودة المساعدات الغذائية إلى مصر التي توقفت عام 1992، وبخاصة الأرز والقمح، مع تزايد نسبة عدم تحقيق الأمن الغذائي في مصر بنسبة 100%، خلال الفترة من 2009 إلى 2017، وترجيح أن يعمق الانهيار الاقتصادي من أزمة انعدام الأمن الغذائي في مصر.
وطرحت اللجنة في تقريرها عدة توصيات منها "استغلال الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية العظيمة التي تملكها الولايات المتحدة، لمساعدة المصريين، وأن تدفع الإدارة الأمريكية الجديدة، بمليارات الدولارات لتذليل الصعوبات الاقتصادية المصرية،لتخفيف المشكلات الاقتصادية الكامنة التي تضع مصر في خطر حدوث أزمة إفلاس".
وشدد التقرير على أهمية أن يتولى المصريون "إحباط النتيجة المؤدية للإفلاس، لأن حقيقة الأمر أن المصريين لم يفعلوا إلا القليل في ذلك الاتجاه، لذلك فإن حدوث أزمة إفلاس أمر يمكن تصديقه تماما".
وطالبت اللجنة ترامب بالعمل مع الكونجرس لدعم مصر بمساعدات إضافية، في ظل مقاومة الكونجرس زيادة المساعدات المدنية لمصر، والتي تقدر بنحو 250 مليون دولار فقط، بما "يمثل مبلغا هزيلا قياسا بالاحتياجات المصرية".
ونوهت اللجنة في تقريرها بأن المساعدات "ستمنح صناع السياسات المصريين، وقتا لتنفيذ بضع إصلاحات معطلة، ولكن الوضع المثالي أن تشترط الولايات المتحدة المساعدات الجديدة، مقابل ضرورة تنفيذ مصر إصلاحات ذات معنى".
ولم تجد لجنة العلاقات الخارجية في تقريرها غضاضة، بأن تطالب إدارة ترامب والكونجرس الأمريكي، بتجاهل برامج التحول السياسي في مصر قائلة في تقريرها: "رغم أهمية قضايا مثل أوضاع الأقباط والالتزام الحكومي بحقوق الإنسان والديمقراطية، والعلاقات المصرية مع إسرائيل، لكنها جميعا تبدو ثانوية أمام أزمة الإفلاس التي تهدد بانهيار مصر، الذي يؤثر بالتأكيد على القضايا التي عبر الكونجرس عن قلقه حيالها".
وأكدت على ضرورة تأسيس مجموعة مشتركة لمراقبة الأزمة في مصر، أو تزيد الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية " سي آي إيه" ووزارتي الدفاع والخزانة من مراقبتهم للاقتصاد المري من أجل إعداد أفضل للحكومة الأمريكية للاستجابة حال حدوث أزمة مصرية".
وأوضحت أن المجموعة المذكورة تكمن أهميتها بصفة خاصة نظرا لميول الحكومة المصرية في عدم التحلي بالصراحة فيما يتعلق الإدلاء ببيانات اقتصادية دقيقة، وأن تشارك الولايات المتحدة معلوماتها ونتائجها مع الحكومات الصديقة الملتزمة بمنع حدوث أزمة إفلاس مصرية.
ودعت اللجنة الولايات المتحدة إلى الاستعداد للحظة تطغى فيها مشكلات مصر الاقتصادية رغم المساعدات الخليجة، واستغلال نفوذها في أنحاء العالم لتأمين مساعدات إضافية لمصر.
وفي حالة امتناع أقطار في آسيا وأوروبا عن الالتزام بمساعدة القاهرة دون سياسة إصلاحات وشفافية يجب أن تستمر واشنطن في تشجيع المسئولين المصريين على إعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي ومقرضين آخرين، وأن يلعب الصندوق دورا هاما في مساعدة الحكومة الأمريكية الجديدة، على إعادة الاتفاق مع مصر بشكل مقبول سياسيا في الداخل ويحظى في نفس الوقت بدعم من سائر العالم.
وبينت اللجنة ضرورة تصور نظام يطور برامج الدعم في مصر، لتأسيس آلية شفافية منتظمة في تغيير نظام الدعم ويحد من استغلاله سياسيا، وأن تخفض الدول المانحة للدعم شروطها أسوة ببرنامج صندوق النقد الدولي، من أجل زيادة قدرة المصريين في التقدم في إصلاحاتهم على نحو أكثر تنسيقا وتماسكا.
وأكدت اللجنة أن المساعدات الأمريكية تستهدف الحفاظ على وجودها في منطقة الشرق الأوسط، وسهولة عبور قواتها لقناة السويس وفتح الأجواء أمام الطائرات الأمريكية في المنطقة.
صورة ضوئية من التقرير
الخلاصة
يذكر التقرير في خلاصته أن "مصر تقترب بشكل خطير من الإفلاس، وبالرغم من المساعدات الخليجية وقرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار لمدة 3 سنوات، لكن الاحتياجات الاقتصادية وإرث السياسات الاقتصادية المهترئة وعدم الشفافية في الماضي، واستمرار ذلك في الحاضر، والتحديات السياسية للإصلاحات الاقتصادية واحتمال حدوث صدمات اقتصادية خارجية يجعل حدوث أزمة إفلاس مرجحا".
وشدد على أنه "يجب على الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج العربي، وأوروبا وآسيا الاستعداد لتلك النتيجة، والاهتمام الزائد بهذه القضية بين صناع القرار والتخطيط لمنع أو تخفيف الآثار المترتبة على إفلاس مصر يتمحور بشكل أساسي في ضخ مساعدات إضافية.
وأشار إلى أن المساعدات الخارجية لن تحل المشكلة، لكنها على الأقل ستمنح صناع السياسات في مصر متنفسا وفرصة لتنفيذ الإصلاحات السياسية.
تحمل الوثيقة رقم FC09543J في أرشيف يحمل درجة "سري للغاية" في هيئة مكتب البيت الأبيض ولجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس.