صعود المنتخب المصري إلى نهائي كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم المقامة حاليا في الجابون، لم يسعد الجماهير المصرية فحسب، وإنما سرت عدوى الفرحة إلى جماهير عربية وفي مقدمتها التونسية، والتي تعلّق آمالا واسعة على الفراعنة بعد استبعاد منتخبها من الدور ربع النهائي.
ركلات ترجيحية منحت المنتخب المصري تأشيرة العبور إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية المقامة حاليا في الجابون، بعد تغلّبه على منتخب بوركينا فاسو.
وتغلب الفراعنة على بوركينا فاسو بركلات الترجيح بنتيجة 4-3 بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي بهدف لكل منهما، وتألق الحارس المصري عصام الحضري ليتصدى لركلتي ترجيح.
وبذلك، سيلعب المنتخب المصري المباراة النهائية للبطولة الأحد المقبل مع الكاميرون التي فازت أمس بهدفين دون رد على غانا في لقاء نصف النهائي الآخر.
صعود المنتخب المصري أثار موجة من الفرح العارم في صفوف الجماهير المصرية التي نزلت بكثافة إلى الشوارع، احتفالا بصعود منتخبها، وقلّص من منسوب الألم الطاغي على الأنفس في الذكرى الخامسة لأحداث ستاد بورسعيد التي راح ضحيها 72 من مشجّعي فريق الأهلي المصري.
الفرحة طالت التونسيين أيضا، لتقشع مرارة الخروج عقب هزيمة منتخبهم أمام بوركينا فاسو.. تلك الهزيمة التي أطاحت بمنسوب الأمل النابع في نفوسهم من انتصار فريقهم في الدور الأول، أمام الجزائر ثم زيمبابوي.
ولأنّ أنظار عشاق كرة القدم في تونس لا تزال متوجّهة نحو الغابون، فقد تغذّى حماسهم هذه المرة من صعود "الفراعنة"، هذا المنتخب الذي استطاع بفوزه الأخير أن يوحّد الجماهير التونسية والمصرية وحتى الجزائرية تحت راية واحدة.
التونسي محمد يعمل في مجال الخياطة، بدا متحمسا بفوز المنتخب المصري، وهو المشجّع حتى النخاع لمنتخب بلاده ولفريق الترجي الرياضي التونسي.
"سأشجّع مصر"، هتف بصوت عال، "بما أنها البلد العربي الوحيد المتبقّي في السباق" بعد خروح المغرب والجزائر أيضا.
من جانبه، أبدى الصحفي المصري جاسر عيد، والذي يعمل حاليا بإذاعة "إكسبرس أف أم" التونسية، قناعة شبه راسخة بأن الفراعنة سيمضون بأدائهم إلى النهاية.
وقال "عيد": "قبل انطلاق المنافسة الكروية، انتابني شعور بالخوف من أن أجد نفسي في موقف محرج مع أصدقائي التونسيين في حال حدثت مواجهة بين منتخبي تونس ومصر".
واستدرك متابعا: "لكن مشاعري اليوم مبعثرة بين أمرين؛ فمن جهة شعرت بمرارة كبيرة لمغادرة المنتخب التونسي البطولة، ومن جهة أخرى، اعتراني فخر لا يوصف لصعود مصر إلى الدور نصف النهائي" ثم إلى النهائي.
ومبتسما: "أصدقائي من التونسيين سيشجعون مصر، ولقد وعدوني بذلك".
عيد قال إن أكثر ما كان يخشاه هو مباراة منتخب بلاده ضدّ المغرب (في دور الثمانية وانتهت بفوز مصر)، "غير أن الحضري وزملائه رفعوا راية مصر عاليا، ودافعوا عن سمعة مصر، هذه الأمة التي لها تقاليد عريقة في كرة القدم، ومنتخبنا سيعرف كيف سيتمكن من نيل اللقب القاري".
"صحيح أن التشكيلة الحالية"، يضيف مستدركا"، تضم عناصر لا تمتلك الخبرة الكافية، لكن تتملكهم الرغبة في الفوز، ولذلك أنا على ثقة بأننا سنمضي بعيدا بإذن الله".
** تقاليد عريقة في كرة القدم
التونسي محمد يرى أن المنتخب المصري يمتلك الإمكانات اللازمة للقيام بما عجز نظيره التونسي على فعله، بما أن"مصر كانت البلد الوحيد الذي لم يقبل أهدافا في شباكه خلال الدور الأول للبطولة الإفريقية، إنها أمة تمتلك تقاليد عريقة في كرة القدم، والحضري لديه من الخبرة ما يكفي للإحاطة بزملائه"، على حدّ تعبيره.
وأضاف: "بطبيعة الحال، سأشجّع مصر، الدولة العربية الوحيدة التي ستصعد على المنصّة".
أما صديقه معز الذي يعمل حلاقا، وهو من عشّاق فريق النادي الإفريقي التونسي، فأعرب عن خيبته لاستبعاد "نسور قرطاج" منذ الدور الأول.
وقال للأناضول إن "كأس الأمم الإفريقية فقدت الكثير من بريقها بالنسبة لي منذ خروج النسور، لكني تابعت مع ذلك مباراة مصر وبوركينا فاسو مساء أول أمس الأربعاء في مقهى الحي".
وتابع: "أشجّع المصريين، وأتمنى لهم أوفر الحظوظ للفوز باللقب القاري".
** شهر عسل على إيقاع البطولة الإفريقية
زوجان جزائريان في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية، والتي اختاراها لقضاء شهر العسل، وبما أن الحدث الكروي يفرض نفسه في المدينة التونسية، فإن الزوجان يتابعان باهتمام كامل مباريات البطولة القارية.
الزوجة؛ وتدعى بشيرة لم تتردّد كثيرا لدى سؤالها حول البطولة الإفريقية، وقالت: "زوجي يواصل متابعة المنافسة حتى عقب استبعاد الجزائر، ويشجع المنتخب المصري".
الزوج، من جهته، كان ينصت لما تقوله زوجته مبتسما، مؤكّدا كلامها بإيماءة خفيفة من رأسه.
"نحن الرجال مصابون بجنون كرة القدم"، يقول ضاحكا، "وحتى في شهر العسل، لا نفوّت على أنفسنا متابعة المباريات".
وتابع: "أترك لزوجتي كامل اليوم للتجوّل بين المدينة العتيقة وسيدي بوسعيد (ضاحية شمالية بالعاصمة التونسية)، ولا أطلب منها سوى سويعات قليلة لمشاهدة المباريات، وبما أن مصر هي من يلعب، فأنا أشجّعها".