باريس الجميلة نُزفت دماؤها مرات عدة طيلة الأشهر الماضية، في هجمات دامية صبغة سواد ليلها بلون الدم، فبعد ضربات الملعب والمسرح والمطاعم وأمان أخرى، سقط فيها المئات، فاستفاقت صباح الجمعة على وقْع هجومٍ آخر "لم يكتمل".
هناك في متحف اللوفر، وبينما يقف أحد الجند يؤدي خدمته، أطلق النار على من قيل إنَّه كان مسلحًا بسكين، مهاجمًا به القوات، فسقط هو مصابًا ولم تكتمل عمليته، بينما أصيب جندي، جراحه خطيرة.
من مكانٍ ما، ومن موقع يبدو أبعد ما يكون عن الذهن، يعود أصل منفذ الهجوم "عبد الله الحماحمي"، فحسب مصدر أمني تحدَّث لـ"الأناضول"، فهو من الدقهلية وتحديدًا من مركز المطرية، ويبلغ 29 عامًا من العمر.
ساعة الصفر
كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحًا بتوقيت باريس "التاسعة بتوقيت جرنتيش" عندما تقدَّم المهاجم المتهم "عبد الله الحماحمي"، لمركز تسوق بمتحف اللوفر الفرنسي، ممسكًا بيده سلاحًا أبيض "سكين"، وجَّهه صوب أحد الحراس المكلفين بتأمين المكان، مردِّدًا "الله أكبر".
السكين الذي وجهه "المهاجم" قوبل رصاصة أطلقها جندي فرنسي عليه ليرقد بعدها جريحًا، وينقل بعد إلى المستشفى.
لحظة اشتباه
سريعًا، وبعد بضعة ساعات على الهجوم، لم يتأخر الاشتباه في تحديد الهوية، بدأ الأمر من الجانب الباريسي، إذ أكَّدت مصادر مقربة من التحقيقات أنَّ المهاجم "مصري"، في عامه الـ29.
أجهزة الأمن في مصر لم ترد - على الصعيد الإعلامي - على هذا الاشتباه، إلا أنَّ مصدر أمني بوزارة الداخلية قال إنَّ السلطات المصرية تلقَّت معلومات من نظيرتها الفرنسية عبر قنوات دبلوماسية، ورد بها أنَّ المشتبه به في الهجوم على متحف اللوفر بالعاصمة باريس "مصري".
المصدر تحدَّث رافضًا ذكر اسمه لـ"الأناضول"، فأوضَّح أنَّ المتهم يدعى عبد الله الحماحمي، 29 سنة، من مواليد مركز المطرية بمحافظة الدقهلية، وأكَّد أنَّ الأجهزة الأمنية لا تزال تتحرى عنه.
تويتر الحماحمي
البحث عن اسمه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، توصَّلت "مصر العربية" إلى صفحةٍ بهذا الاسم، منشور بها تغريدات قيل إنَّها تعكس ولاء المنفِّذ لتنظيم الدولة "داعش"، إذ يدعو للجهاد ضد ما قال إنَّه هدرٌ لكرامة الإسلام في الغرب.
"لا تفاوض، لا مساومة ، لا مداهنة .. ثبات لا تراجع ، حرب لا هوادة فيها ..." كانت هذه آخر ما كتبه على صفحته، وتحديدًا قبل دقائق من تنفيذه للهجوم.
إحدى تغريداته على "تويتر"، سخر فيها من الرئيس الأمريكي، فهو قال إنَّ اسمه لم يعد دونالد ترامب من الآن بل يسميه "دونالد بطة".
ابن الدقهلية.. في باريس
المدعي العام الفرنسي فرنسوا مولان قال - في مؤتمر صحفي عقب الحادث - إنَّهم تعرفوا على هوية "الحماحمي" منفذ الهجوم من هاتفه المحمول.
وأكَّد أنَّه ليس له سجلات بعمليات سابقة، وقدم إلى باريس عبر دولة الإمارات بعد حصوله على تأشيرة الدخول من دبي لمدة ستة أشهر.
وأضاف أنَّ المهاجم استأجر شقة واشترى خنجرين بعد وصوله باريس في 26 ينايرالماضي.
تصريحات "المدعي العام" لها ما يؤكِّدها على حساب "الحماحمي التويتري"، فتبيَّن أنَّه أعلن في 26 يناير الماضي سفره من دبي إلى باريس، وقال مازحًا عن مغادرته: "جايلك يا طاهره"، في إشارة "عاصمة النور".
صمت وتعليق
الجانب المصري لم يتحدث عن الأمر بشكل معلن رسمي، ولم يصدر تعليق من وزارة الداخلية، ولم يتسنَ لـ"مصر العربية" التأكَّد من مصدر رسمي بالوزارة بشأن الواقعة.
وبعد الحادث، علَّق ترامب - في تغريدة له على "توتير" قائلًا: "إرهابي إسلامي متطرف جديد هاجم للتو متحف اللوفر بباريس، فرنسا تعيش على أعصابها مرة أخرى".
وطلب ترامب من السياح أن يختبئوا، قائلًا: "يتعين على الولايات المتحدة أن تكون ذكية".
رئيس الوزراء الفرنسي برنارد كازنوف وصف الهجوم بأنَّه "ذو طبيعة إرهابية".
الفزع يضرب الغربيين
معلوماتيًّا، أعلن متحدث باسم وزارة الداخلية الفرنسية أنَّ شخصًا ثانيًّا اعتقل على إثر الهجوم، دون أن يتبين على وجه التحديد مكان اعتقاله أو هويته.
المسؤول أضاف - بحسب تقارير إعلامية - أنَّ قوات خاصة بمكافحة الإرهاب تتولى حاليًّا التحقيقات وتباشر فحص الأدلة الجنائية المتوفرة.
وقت الحادث، اضطر السياح المتواجدون باللوفر للاختباء داخل مباني المتحف، ودعت وزارة الداخلية الفرنسية المواطنين إلى الامتناع عن نقل ونشر الأخبار الكاذبة التي تتزامن عادةً مع مثل هذه الهجمات، وبدلاً عن ذلك، طلبت منهم تتبع الحسابات الرسمية للحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي.