في ظل غياب التوافق على مشروع موحد اتسعت دائرة الخلاف بين جميع المكونات السياسية في لبنان حول قانون الانتخابات النيابية الأمر الذي يدفع المشهد السياسي إلى المزيد من الشحن والتصعيد بشكل يهدد لبنان بفراغ جديد بحسب مراقبين.
وبعد إنجاز استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية فرضت الانتخابات النيابية نفسها على الواقع اللبناني بقوة وتبلور الجدل حول القانون الانتخابي الأفضل للانتخابات النيابية، ليطفو على السطح 3 قوانين هم قانون الستين و النسبي والأرثوذوكسي.
قانون الستين
وقانون الستين هو الذي أقيمت الانتخابات النيابية السابقة على أساسه وهو نسبة إلى إقراره في العام 1960 ، واعتمد قانون الستين بعد إجراء بعض التعديلات عليه في عدة دورات انتخابية نيابية واعتمد القانون القضاء دائرة انتخابية لكن بشكل مغاير عن القانون الأساسي.
وفي هذا القانون قسمت بيروت إلى ثلاث دوائر، الأولى تضم المزرعة، والمصيطبة، ورأس بيروت، ودار المريسة وميناء الحصن والمرفأ، والثانية تضم الباشورة، وزقاق البلاط، والرميل، والمدور والصيفي، والثالثة تضم الأشرفية.
قانون النسبية
ويهدف قانون النسبية إلى تمثيل كلّ حزب أو مجموعة سياسية بعدد مقاعد يوازي قوتها الانتخابية، أما فكرة التمثيل النسبي، فقد ولدت في أوروبا بهدف حماية الأقليات، واعتمدت أولاً في دول تتميز بتنوع ديني أو عرقي أو لغوي مثل الدانمارك وسويسرا وبلجيكا وفنلندا.
والآلية المقترحة لنظام الاقتراع النسبي تلحظ في طياتها خصوصية الواقع الانتخابي اللبناني لجهة تعقيداته المذهبية، وتؤسس لمجتمع مدني ينبثق عنه تكتلات سياسية وطنية ،تتنافس ديمقراطيا فيما بينها، دون أن يؤدي تنافسها للتنافر، وزرع معضلات تتفشى وتغدو قنابل موقوتة مرشحة للانفجار عند أول اختبار حقيقي.
وفي الترشح والاقتراع يهذا القانون يجري الترشح على أساس اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة ، واعتماد عدد معين من المرشحين من كل قضاء داخل اللائحة الواحدة.
القانون الأرثوذوكسي
يعتمد مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي الذي تبناه مسيحيو 8 و14 آذار توزيع المقاعد على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، بحيث ينتخب كل مذهب لائحة تضم نواب من مذهبه على مستوى كل لبنان، بمعنى أن تتشكل لوائح مذهبية تمثل جميع المناطق الانتخابية لمذهب واحد.
وعلى الرغم من أن مشروع اللقاء الأرثوذكسي من بين القوانين الأخرى قيد البحث في اللجنة النيابية المصغرة، لكن هناك إقرار ضمني بصعوبة إقراره في الهيئة أو حتى بصعوبة إقناع كل طرف مسيحي حلفاءه بتبنيه.
تهديد بفراغ جديد
بدوره قال الباحث السياسي بهاء الدين عياد إن احتدام الجدل حول قانون الانتخابات في لبنان لم يقتصر على هذا التشريع فقط بما له من أهمية، ولكنه يكاد يكون أدخل القوى السياسية اللبنانية في مقدمة حلقة صراع جديدة بعد أن ظن المتابعين أنها طويت بانتخاب الرئيس ميشال عون وإنهاء أزمة الفراغ الدستوري، فمن جهة يبدو الرئيس وتياره أكثر تفضيلا لحالة "الفراغ النيابي" رغبة في منع الذهاب لانتخابات وفقا للقانون القديم الصادر عام 1960.
واعتبر "عياد" أن خروج قانون الانتخابات عن الاتفاق والإجماع الوطني ربما يهدد حالة السلم والقبول بالقواعد الديمقراطية التي يشهدها الواقع اللبناني منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت عقد ونصف.
وشدد عياد، على القوى السياسية اللبنانية ترى أن التيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه الرئيس لديه رغبة في الخروج بقانون يجمع بين النظامين النسبي والأكثرية لتحقيق طموحات وتطلعات لتيار، بما سترى معه هذه القوى أن انتصار هذه الرؤية يمثل إلغاء لهم والمساس باتفاق الطائف والعودة إلى حالة الصراع مجددا.
وأشار الباحث إلى أن المقترحات الحالية لصيغة القانون تتركز حول تقسيم الدوائر ومدى القبول في تعديلها مما ينعكس على النتائج المتوقعة لكل كتلة سياسية ومدى كثافة وجودها جغرافيا وطائفيا وغيرها، فضلاً عن تأسيس القانون على قاعدة النسبية أم الأكثرية، حيث يسعى البعض للخلط بين النظامين بما يحقق مصلحته، فيما يجادل كثيرون بضرورة إما أن يكون قانون نسبي شامل أو قانون أكثرية، بينما تستمر المخاوف من قبول الرئيس بحالة الفراغ التي ستؤدي إلي تهديد الاستقرار السياسي في لبنان.
مسألة وقت
فيما قال الدكتور مختار غباشى ـ نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية، إن الساحة اللبنانية في هذا التوقيت ساحة توافقية في الأصل ما بين 3 تكلات وهم الكتلة الشيعية وزعيمها نبيه برى رئيس مجلس النواب اللبناني، ثم الكتلة السنية وزعيمها سعد الحريري رئيس الحكومة، ثم الكتلة المسيحية وتم التوافق معها بحيث يكون ميشيل عون رئيسا للجمهورية.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن هذا التوافق بين هذه الكتل الثلاث على 3 مناصب كان التوافق عليهم معقد وهم الرئاسة ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، لن يسمح بأي خلاف آخر على أي ملف أو قضية حتى وإن كان قانون الانتخابات الذي يعتبر حسمه مسألة وقت.
وأوضح أن لبنان تختلف عن أي دولة عربية لأن قضيتها ليست في قانون وإنما في التوافق بين المكونات السياسية، لافتاً إلى أن التوافق ربما يأتي على حساب طموح وأمال الشعب اللبناني الذي يطمح في جو سياسي عادل.