تعليقات غير رسمية، وألفاظ عفوية ربما تفتقر للدبلوماسية، وتظهر سطحية الأداء الحكومي، تتضح في أحاديث كبار المسؤولين عبر تعليقهم على الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب.
قبل أيام، قدم اللواء محمد علي مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية مبررًا لارتفاع الأسعار الذي يضرب الأسواق المصرية بأن زوجته هي الأخرى تشتكي من هذه الموجة.
وقال الوزير في حوار متلفز له الخميس الماضي، إن السبب في الأزمة التي تضرب معظم السلع الاستراتيجية هو التجار، مؤكدا أن الرصيد الحالي يكفي لخمسة أشهر مقبلة.
لكن تصريح المصيلحي عن شكوى زوجته لم يكن الأول لمسؤولين بحكومة المهندس شريف إسماعيل ففي مطلع نوفمبر الماضي استدل محافظ البنك المركزي على سرور المصريين من قرار التعويم الذي تسبب في فقدانهم لنصف عملتهم بسبب قرار تعويم الجنيه مقابل الدولار الأمريكي.
وقتها قال عامر في مؤتمر صحفي إن زوجته مسرورة من قرار التعويم ﻷن عوائد الوديعة الخاصة بها ستزيد بعد رفع أسعار الفائدة.
وبعيدا عن الأوضاع الاقتصادية التي لم يستطع كلاهما مواجهتها فسر عدد من الخبراء استشهاد الوزراء بأحوال زوجاتهم لتبرير مواقفهم بأنهم نوع من الخطاب الشعبوي الذي يهرب بها المسؤول من مواجهة الموقف، مؤكدين أن ذلك ربما يتسبب في غضب جماهيري يصعب السيطرة عليه.
فيصف الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية أن هذه التصريحات بـ الشعبوية، يقصد بها ترويج لسياسات حكومية غير مرغوب فيها من باب أن المسؤولين يشعرون بالناس حتى إن زوجة وزير التموين تشتكي.
وقال في تصريحات لـ مصر العربية، إن مثل هذه التصريحات حاليا ليست مقنعة في ظل الظروف السياسية والانفتاح الإعلامي والحداثة المطبقة في غالبية دول العالم.
واتفق معه الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، في أن مثل هذه التصريحات شعبوية يقصد بها فرض تكتيك معين، وهو أنه حتى زوجات المسؤولين يعيشون في المعاناة مع الناس.
وقال عودة في تصريحات لـ مصر العربية، إن مثل هذه التصريحات يمكن أن تتسبب في غضب جماهيري وغير مقنعة أبدًا، ويمكن إقناع الناس بسرد معلومات فنية وتفاصيل أكثر عمقًا بدلا من اللجوء لمثل هذه التصريحات السطحية.
وأضاف أستاذ السياسة أنه كان على الوزير أن يتطرق لسرد عمليات توزيع السلع على مستوى الجمهورية، بين المواطنين ويدعم فكرته بأن هناك عدالة في التوزيع بين الطبقات.
ويؤيد حسين عبدالرازق القيادي بحزب التجمع رؤية سابقيه بأن التصريحات الوزارية تخرج في بعض الأحيان من شخصيات غير مسؤولة.
وقال لـ مصر العربية، إن وزارة التموين هي المسؤولة عن توفير السلع الأساسية للمواطنين، كما أن البنك المركزي هو المسؤول عن حالة العملة المحلية وقدرتها على الصمود.
وأضاف أن وزير التموين يبرر عجزه في توفير السلع الأساسية المطلوبة منه بأن زوجته هي الأخرى تشتكي، مشيرًا إلى أن الوزارة أصبحت هي الأخرى تمارس نفس الممارسات التي يقوم بها التجار.
وأشار إلى أن كل السلع التي ارتفعت أسعارها خارج بطاقة التموين وزادت بشكل جنوني حتى الموجودة في التغطية التموينية زادت أسعارها للضعف.
وألمح إلى أنه في غالبية الدول الرأسمالية هناك قوانين لمواجهة الاحتكار، وحماية المستهلكين من جشع التجار وفق آليات السوق، لكن حاليا لا يوجد أي رقابة حكومية على السلع.
وأكّد أن مثل هذه التصريحات تزيد من حدة الغضب بين المواطنين، مشيرًا إلى أن الغضب الحالي ينذر بانفجار لا يعرف موعده أو ما حجمه بسبب سوء الأحوال الاقتصادية.