جنود مجهولة لم يظهروا في المواجهة أمام القضاء خلال جلسات نظر بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تقضي بالتنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للأخيرة، لكنهم فضلوا أن يكونوا في الخطوط الخلفية لمساعدة هيئة الدفاع بالقضية.
ونجح هؤلاء الجنود في العمل وجمع الأدلة التي تثبت مصرية تيران وصنافير من كل دول العالم، معلنين استعدادهم لاستكمال المعركة في حالة اللجوء للتحكيم الدولي.
تقادم الخطيب، الباحث المصري، أحد هؤلاء الجنود، بدأ دوره من مكتبة برلين التي اعتاد زيارتها لإعداد رسالته للدكتوراة، فبمجرد الإعلان عن توقيع الاتفاقية توجه في اليوم التالي للمكتبة بقسم الخرائط.
برلين البداية
رغبة تقادم في الوصول للمعلومات وإتاحتها كانت محركه في عملية البحث، التي انتهت بالحصول على عدد من الخرائط مختومة بختم المكتبة لتقديمها للمحكمة.
ويروي تقادم لـ"مصر العربية"، ما حدث خلال اليوم الأول من بحثه، عندما ذهب لقسم الخرائط طالبا من رئيس القسم خرائط عن تيران وصنافير، ليفاجأ بأنه يؤكد أنها مصرية وأنه يعلم خريطة سيناء جيداً لزيارتها من قبل في بعثة علمية.
أخرج رئيس القسم العديد من الخرائط التي تضم تيران وصنافير، والتي يعتبرها كسر للسرديات التي نسجتها السلطة وحاولت إقناع المجتمع بها.
لم تشمل الخرائط التي حصل عليها تقادم فترة واحدة، ولكنها كانت بداية من القرن الثامن عشر وحتى الآن، بل امتد بعضها لما قبل الميلاد ومنذ عام 1455 وحتى 2005، والتي كانت تؤكد معلومة واحدة أن تيران وصنافير مصرية.
7 خرائط حصل عليهم الباحث المصري، الأولى لسيناء أثناء حملة نابليون على مصر عام 1798، شملت حديث المستشرق الألمانيwildermuth عن جزر مصر داخل البحر الأحمر، الخريطة الثانية كانت لمصر التي رسمها ( Radefeld, Carl Christian fant 1788-1874) بها اسم تيران وتقول إنها تابعة للسيادة المصرية، والثالثة لحدود دولة مصر (1872-1915)والحجاز كان تحت السيادة المصرية.
الخريطة الرابعة كانت عبارة عن عدد من الخرائط المصرية المحفوظة ببرلين تثبت مصرية تيران وصنافير، والخامسة الخريطة الروسية رسمها الروس لمصر، وضع بها كود جزيرتي تيران وصنافير رقم10 ذلك الكود المطابق لرقم مصر على الخريطة.
الخريطة السادسة كانت لمصر قبل الميلاد وجدها تقادم بأطلس تاريخ العالم بالألمانية، وتوضح أن الأراضي المصرية امتدت إلى ما بعد البحر الأحمر، فضلاً عن أطلس العالم لامتدادت مصر الجغرافية والتي شملت الجزيرتين أيضا.
ويعتبر تقادم، أن أهمهم كانت خريطة هيئة المساحة المصرية لعام 1943 الخاصة بمنطقة جنوب سيناء، والتي حضر خالد علي، المحامي الحقوقي لبرلين للحصول على نسخة منها.
ولم يحاول الباحث المصري، في البداية الحصول عليها لوجودها في مصر ويسهل الحصول عليها، لكنه حصل على نسخة منها بعد رفض هيئة المساحة خروج نسخة منها لهيئة الدفاع على الرغم من تصريح المحكمة له.
ملحمة
"ملحمة" هكذا يعتبر مالك عدلي، عضو هيئة الدفاع، عملية جمع الوثائق والمستندات التي تمت في القضية، موضحاً أن قرارات السلطة في بعض الأحيان تكون مستفزة للناس فتجعلهم قادرين على تنظيم أنفسهم ضدها بدون اتفاق.
ويتابع :"ما حدث وقت توقيع الاتفاقية، أن الجميع اتجه لكافة دور الحفظ التي تحتوي وثائق مرتبطة بمصر وأرسلوها لنا، وعندما أعلنت هيئة الدفاع عن حاجتها لمترجمين متخصصين لترجمة تلك الوثائق وجدنا من تطوع في ذلك، وعندما طلبنا مساعدة في فرز الوثائق وجدنا متطوعين ومتخصصين في القانون الدولي، كل ما طلبته هيئة الدفاع وجدت متطوعين شديدي التنظيم عملوا بشكل مبهج يستحيل على الشخص أن ينساه".
مصر ولادة
لم يجد طارق العوضي، عضو هيئة الدفاع، ما يتحدث عنه عن جمع وثائق تيران وصنافير سوى ما قاله أحمد فؤاد نجم: "مادامت مصر ولادة، وفيها الطلق والعادة هتفضل شمسها طالعة برغم القلعة والزنازين"، معلقا:" مثلما كان هناك من يسهل عليه بيع الجزيرتين، كان هناك من صعب عليهم أن يروا عملية البيع".
لا يستطيع العوضي، وصف الكم الهائل من الباحثين عن الوثائق والمستندات في تلك الفترة، ونجاحهم في ذلك، فالقضية لم تكن فريق الدفاع فقط ولكنها مجموعة من الباحثين والخبراء والمتخصصين في الداخل والخارج.
ويقول: " هناك من ذهب للمكاتب العالمية كمكتبة برلين والتي حصلنا منها على خريطة أشارت المحكمة لها في حكمها وهى خريطة القطر المصري سنة 1937 والتي غيرتها الحكومة في طابعة حديثة ونزعت تيران وصنافير منها، وهناك من كانوا في القوات المسلحة وكان لديهم أطلس للقوات المسلحة وكان أول مستند قدم للمحكمة".