بزيادة نحو 43% عن العام الماضي، وتوقعات بوصول الدين الخارجي إلى 80مليار دولار يونيو المقبل، وسط تحذيرات سياسية من مخاطر الزيادة وتشبيهات بين الوضع الحالي وما عاشته مصر خلال فترة حكم الخديوي إسماعيل في الفترة بين ( 1830-1895)، بسبب الديون .
متخصصون تحدثت إليهم " مصر العربية" اختلفوا حول المخاطر السياسية للديون الخارجية، متوقعين سوء الأحوال في الفترة المقبلة بينما يري مؤيدون للنظام الحاكم أن الإجراءات الاقتصادية الحالية قادرة على الإيفاء بمتطلبات القروض مستقبلا والتغلب على عجز الموازنة.
وقفز الدين الخارجي لمصر إلى 60 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر 2016 وفقا لبيانات البنك المركزي، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع إلى 102.4 مليار دولار في عام 2020-2021.
معدلات تطور الدين الخارجي المصري
الاشتراطات السياسيةفي ورقة بحثية أصدرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بعنوان "بواعث القلق.. الدين الخارجي في مصر ” حذرت من الاشتراطات السياسية التي يمكن أن تفرضها القوي الدائنة، والتي صاحبت السياسات التقشفية وقتها والتي حرمت البلد من خلق الوظائف من أبسط الحقوق في الصحة وفي التعليم.
وقالت الدراسة التي دعمت وجهة نظرها بالرسوم البيانية، إن بواعث القلق من الدين الخارجي في مصر"، تكمن في أن تكلفة الاستدانة من الخارج بالدولار تبدو بديلا "رخيصا" أمام الحكومة لتمويل نفقاتها مقارنة بالاستدانة من السوق المحلي، لكنها بديل يتجاهل المخاطر المتعلقة بسعر صرف الجنيه.
وبينت أن الاستدانة الخارجية من أجل تخفيض تكلفة الاقتراض الحكومي تفترض سعر صرف ثابت وغير متغير للعملة المحلية، وهو الأمر غير المتحقق بالنسبة لمصر، إذ تتوقع المبادرة أن يستمر الجنيه في الانخفاض أمام الدولار خلال الستة أشهر المقبلة على الأقل.
غياب الرؤية
يقول محمد موسي أمين اللجنة الاقتصادية بحزب العدل إن الديون تأكل حوالي ثلث الموازنة العامة حاليا، بسبب عدم وجود عوائد دولارية يمكن سد فوائد القروض منها، بسبب التراجع الاقتصادي الحالي.
وأضاف أن حجم الدين المحلي يصل إلى 100% من حجم الناتج القومي وبالتالي هذا المؤشر خطير خصوصا مع غياب الرؤية السياسية والاقتصادية للسلطة الحالية.
وأوضح أن الحكومة المصرية ستكون مطالبة بسد دفعات هذه القروض في القريب العاجل، إضافة لمتطلبات سد الاحتياجات الداخلية للبلاد والتي تعتمد على الاستيراد في توفير قرابة 60% منها.
ولفت إلى أن التخوف الأكثر سيكون مستقبليا فلن تستطيع مصر الحصول على قروض مستقبلا، كما أن الأجيال المقبلة ستتحمل أعباء سداد هذه القروض في ظل غياب الشفافية المطلوبة.
وبحسب موسي سيتسبب زيادة الدين الخارجي لهروب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة المتطلبات الدولارية التي تحتاجها الحكومة، إضافة لخطر الإفلاس الذي يهدد الدولة المصرية.
تقرير ترامب
وفي السياق ذاته كشف تقرير سري تسلمه مكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وانفردت "مصر العربية "بنشره ، أن "مصر معرضة لحالة إفلاس".
ذكر التقرير الذي أعده مجلس العلاقات الخارجية -وشارك فيه خبراء من الكونجرس والمخابرات الأمريكية ومستشارين للبيت الأبيض- أن "مصر تواجه أزمة اقتصادية طاحنة".
ولفت التقرير إلى أن عدم وجود استقرار سياسي رغم إجراء انتخابات الرئاسة والبرلمان، مع وجود خليط من السياسات الاقتصادية المهترئة، ينذر باستمرار التدهور الاقتصادي، وقد يخلق هذا دوائر لا تنتهي من عدم الاستقرار السياسي والعنف والتدهور الاقتصادي بما يزيد النكبة الاقتصادية، ويؤدي بالتالي لمزيد من الاضطرابات السياسية التي تتضمن مظاهرات حاشدة، وقمعا أكثر عنفا وصراعات على القيادة واحتمال تفسخ سلطة الدولة".
رسم توضيحي للديون المصرية الخارجية
التنمية قادرة على سد العجزلكن النائبة سولاف درويش عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب ترى أن بعض خبراء الاقتصاد يقدمون نظرة تشاؤمية مؤكدة أن الواقع الحالي يشير إلى أن المستقبل الاقتصادي لمصر جيد .
وقالت لـ"مصر العربية" لا توجد مخاطر من الزيادة التي طرأت على الدين الخارجي، ﻷن الدولة تنفذ مشروعات تنموية قادرة على سد القروض التي حصلت عليها الحكومة إضافة لسد عجز الموازنة مستقبلا.
وأضافت أنه يجب الالتفات لحجم التنمية التي نفذت في مصر خلال الفترة الأخيرة سواء في البنية التحتية أو البنية الأساسية، منوه إلى أن مشروعات الطرق والكباري التي نفذت مهمتها فتح المجال لدخول استثمارات أجنبية وخلق بيئة جاذبة للاستثمار.
وألمحت إلى أن هناك محور آخر يقوم به مجلس النواب لخلق بيئة استثمارية عالية هو التشريع فبحسب النائبة المنضمة لائتلاف دعم مصر صاحب الأغلبية فإن قانون الاستثمار القديم \طارد للاستثتمار، مشددة على أن اللجنة بصدد الانتهاء حاليا من القانون الجديد الذي سيراعي كل العيوب التي تواجدت في القانون القديم.
وألمحت إلى أنهم حاليا يضعون اللمسات النهائية لقانون حماية المستهلك بهدف القضاء على الاحتكارات في السوق المصري وخلق بيئة تنافسية شريفة تراعي الأبعاد الاجتماعية.
نظرة تشاؤميةوأثنت سولاف درويش على القرار الحكومي الصادر مؤخرا بضخ 50مليون جنيه للاستثمار في جنوب الصعيد، مشيرة إلى أن تنمية بلدان الصعيد تساعد في حل ثلاثة أرباع المشكلة الاقتصادية بمصر.
ورفضت عضوة لجنة الاقتصاد بالبرلمان ما يثار إعلاميا بشأن تعرض مصر للإفلاس مشيرة إلى أن الأوضاع السياسية والاقتصادية حاليا مستقرة أكثر من الفترة التي أعقبت الثورة المصرية، خصوصا بعد 30 يونيو التي تزامن معها حصار دولي على الاقتصاد المصري.
سيطرة اليمين المتطرف
لكن يختلف معها الدكتور رائد سلامة الخبير الاقتصادي والقيادي بتحالف التيار الديمقراطي قائلا:"لا أدري ما هي المشروعات تلك التي يتحدثون عنها ويمكنها أن تكفي لسداد الدين الخارجي”.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن هناك إنخفاض طبيعي في حركة التجارة العالمية، متوقعا تراجع أكثر خلال الفترة المقبلة بسبب ما أسماه تنامي الخطاب الشعبوي المنغلق لكل من الحكام علي شاطئي الأطلسي بعد نجاح دونالد ترامب المتطرف، بحسب وصفه.
ولفت سلامة إلى أن التوقعات تشير إلى أن مزيد من المتطرفين الأوروبيين المنتمين لليمين، سيصلون للحكم في بلدناهم مثل مارين لوبان في فرنسا.
وتابع أن كل هذا سيؤدي إلى الإنغلاق و التقوقع الداخلي و من ثم إلى مزيد من خفض حركة التجارة العالمية و هو ما سيعود بشكل مباشر علي إنخفاض إيرادات قناة السويس بسبب نقص حجز السفن المارة بها. و هو مصدر الدخل القومي الحقيقي بالدولار من مشاريع مصر في ظل إنخفاض معدلات السياحة أيضاً.
وتسائل المحلل الاقتصادي عن كيفية توفير دخول يمكن من خلالها سداد تلك الديون إلا إذا كانت الدولة ستطرح مزيد من الشركات والبنوك للبيع للأجانب، قائلا:”أظن أن هذا هو ما تخطط له الحكومة”.
أزمة سياسات
وحذر سلامة من خطورة مثل هذه الخطوة سياسيا مستدلا بما طُرح موخرا من السندات في السوق العالمية التي عادت بـ4 مليار دولار، والتي اشتراها أمريكيين و أوروبيين، معتبرا ذلك مثال واضح على السيطرة السياسية علي قرارات مصر من خلال الإغراق في الديون.
ونبّه إلى أن الديون وصلت إلى مستويات لم يشهدها تاريخ مصر الاقتصادي من قبل حيث وصل الدين الخارجي في نهاية سبتمبر 2016 حسب آخر تقرير للبنك المركزي إلى 60.2 مليار دولار أي ما يعادل تريليون و 114 مليون جنيه (بسعر تحويل 18.5 جنيه للدولار) خلافاً لحجم دين داخلي وصل حسب نفس التقرير إلى 2 تريليون و 758 مليار جنيه و هو ما يعني أن نصيب المواطن المصري من إجمالي الدين الداخلي و الخارجي هو حوالي 42 ألف جنيه بإفتراض أن التعداد الحالي هو 92 مليون نسمة.
وأوضح أن حجم الديون الخارجية يعادل تقريباً نحو 40% من حجم الناتج العام، إضافة للدين الداخلي الذي إن حدث بسدادها اي إخفاق فستكون هناك أزمة كبري لن يحتملها أحد.
وقال إن المشكلة في غياب سياسات عامة تسعي لتنمية مستقلة غير تابعة، و الغرق في وحل الديون من شأنه أن يعود بنا إلي عصر لجان الدائنين التي كان لها الحق في ادارة الاقتصاد الوطني لصالحها و استيفاء ديونها.