على وقع الجوع والفقر.. الصوماليون ينتخبون الرئيس

الانتخابات الرئاسية في الصومال

 

وسط إجراءات أمنية مشددة تبدأ اليوم الأربعاء 8 فبراير في الصومال الانتخابات الرئاسية والتي يعول عليها كثير من الصوماليين من أجل عودة الأمن للبلد الذي يشهد حربًا أهلية مستمرة منذ سنوات.

 

رئاسية الصومال تأتي في وقت تعيش فيه البلد الفقير حالة مجاعة خطيرة تشبه مجاعة عام 2011. حيث بدأ  الآلاف من المواطنين في مختلف المناطق الصومالية يواجهون موتًا حتميًا.

 

ويتنافس في الانتخابات الرئاسية الصومالية 23 مرشحًا، أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته حسن شيخ محمود والرئيس الأسبق شيخ شريف شيخ أحمد، للفوز بولاية رئاسية من 4 سنوات، في ثاني انتخابات رئاسية تجري في البلاد منذ انهيار الحكومة المركزية واندلاع الحرب الأهلية عام 1991.

 

كما يخوض الصومال حربًا منذ سنوات ضد حركة "الشباب" التي تأسست مطلع 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكريًا لتنظيم "القاعدة".

 

 ويتكون مجلس الشيوخ في البرلمان الصومالي من 54 عضوًا بالإضافة إلى 275 نائبًا لمجلس الشعب، ليصبح العدد الإجمالي في البرلمان الصومالي بغرفتيه 329 نائبًا.

 

الملف الأمني قاسم مشترك بين المرشحين  

وألقى المرشحان لانتخابات الرئاسة الصومالية برامجهم السياسية أمام البرلمان؛ حيث سيطر الملف الأمني على جميع البرامج نظرًا للوضع الأمني المتردّي الذي يعيشه الصومال منذ سنوات، وهو ما قد يتخذه المرشحون كفرس رهان في المنافسة.

 

وكان الرئيس المنتهية ولايته حسن شيخ محمود، تعهد في حال فوزه بولاية ثانية، بمواصلة جهود المصالحة الوطنية التي على أساسها تشكلت الولايات الفيدرالية المحلية في إطار تطبيق النظام الفيدرالي في البلاد.

 

محاربة الإرهاب  

وفيما يخص الأمن، تعهد شيخ محمود بـ"استكمال بناء هيكلة الجيش الصومالي، وتوفير جميع إمكانياته من أجل ضمان أمن البلاد لمحاربة الإرهاب" في إشارة إلى حركة "الشباب المجاهدين".

 

وفي السياق ذاته، أكد الرئيس السابق شريف شيخ أحمد، أنه سيعطي الأولوية للملف الأمني، وبناء الجيش.

 

وأشار إلى أنّه "في حال فوزه سيعمل في إيصال البلاد عام 2021 إلى انتخابات شعبية يستطيع المواطن انتخاب رئيس الصومال، بدلًا من النظام الحالي حيث ينتخب الرئيس عبر البرلمان".

 

إرساء قيم المصالحة  

من جهته، تطرق المرشح جبريل إبراهيم عبدلي، إلى أهمية الملف الأمني الذي فشلت الحكومات السابقة في تحقيقه، متعهدًا بـ"طي صفحة الخلافات بين أبناء الصومال من خلال إرساء قيم المصالحة الوطنية التي ستشمل على جميع أطياف الصوماليين".

 

أما المرشح زكريا محمود النائب في البرلمان الصومالي، فأكد حرصه على "أهمية الجلوس على طاولة المفاوضات مع حركة الشباب في حال نبذت العنف وألقت السلاح، وسيعمل على دمجها في المجتمع الصومالي"، معتبرًا ذلك "جزءًا من سياسته نحو مصالحة وطنية أكيدة".

 

يشار إلى أن الانتخابات الرئاسية في الصومال تم تأجيلها لأربع مرات لأسباب لم تُعلن، غير أنَّ مراقبين أرجعوها إلى أسباب فنية ومالية.

 

وكان من المفترض أن تعقد الانتخابات الرئاسية في البلاد في الثلاثين من شهر نوفمبر الجاري، وفق الموعد الذي حددته لجنة الانتخابات في وقت سابق.

 

استيعاب الشباب  

بدوره، قال المحلل السياسي مصطفى زهران، إنّ الانتخابات الرئاسية اليوم في الصومال فريدة من نوعها؛ حيث سيكون البرلمان الصومالي لأول مرة له مجلسان أحدهما مجلس النواب والآخر للأعيان، وذلك لاختيار رئيس للبلاد.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الغالبية من المرشحين يركزون على الملف الأمني ذلك لكسب تأييد بعض النواب لصالحهم ليس إلا، لافتًا إلى أنّه لابد أن تكون هناك نية حقيقية لمعالجة الوضع الأمني في الصومال.

 

وأوضح أنَّ حديث بعض النواب عن إعادة النظر في الحركات الإسلامية ودمج حركة شباب المجاهدين أو بقاياها في المجتمع أمر إيجابي يحتاجها شمال أفريقيا أكثر من الغرب، مؤكدًا أنَّ ذلك بداية حقيقة لاستيعاب الشباب وعدم تركهم فريسة لتنظيم داعش الذي يسعى للتمركز في الصومال بعد تراجعه في سوريا والعراق.

 

وأشار إلى أن الصومال لديه العديد من المشاكل على رأسها الملف الأمني المتدهور،  في حين تشارك الدول الغربية في تشكيل العملية السياسية الصومالية من خلف الكواليس .

 

  تحديات الصومال  

بدورها قالت أسماء الحسيني الباحثة المتخصصة في الشؤون الإفريقية إن الصومال أمامه فرصة كبيرة لتحقيق ذاته من خلال انتخابات رئاسية يراها الشعب الصومالي أنها أملا يلوح في أفق بلد دمرته الحروب الأهلية.

 

وأضافت في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الصومال عاش أكثر من 20 عاما منذ ضياع دولته المركزية بسبب الحروب الأهلية وتدخلات القوى الدولية والإقليمية والتي تسببت في وصوله إلى الهاوية ليصبح عنوانًا للجوع والفقر .

 

وأوضحت أنَّ الصومال الآن يواجه الكثير من التحديات التي قد تكون عائقا لفرصة حقيقية يحدد من خلالها مصيره، أهم تلك التحديات عدم وفاء المجتمع الدولي بالمساعدات التي فرضها على نفسه للصومال، والوضع الأمني المذري، والوضع الاقتصادي المتدني، وعدم وجود توافق سياسي، وغياب الدعم العربي.

 

وأشارت إلى أن أخطر تلك التحديات هى عدم التوافق السياسي في ظل نظام انتخابي غير مباشر لن يفرز منتج انتخابي قادر على التغيير للأفضل، وذلك لأن المحاصصة السياسية ستكون هى الهدف بين الفرقاء السياسيين وليس البحث عن مستقبل أفضل.

 

يذكر أن الصومال تعيش حالة مجاعة خطيرة تشبه مجاعة عام 2011. وبدأ  الآلاف من المواطنين في مختلف المناطق الصومالية يواجهون موتا حتميا في وقت ينشغل السياسيون بالانتخابات الرئاسية والتي تجرى اليوم.

 

وحذرت الأمم المتحدة في تقرير لها، من وقوع مجاعة في الصومال خلال العام الجاري، إذا لم يتم تعزيز المساعدات الإنسانية بصورة كبيرة خلال الأسابيع المقبلة.

وأفاد التقرير  الأممي بأن التقديرات الحديثة تشير إلى أن 6.2 مليون شخص سيعتمدون كليا على المعونات الإنسانية في حياتهم حتى شهر يونيو المقبل، محذرة من وقوع مجاعة في الصومال خلال العام الجاري.

 

وأضاف التقرير أن ما لا يقل عن 360 ألف طفل صومالي يعانون من نقص حاد في التغذية، سبعون ألفا منهم مهددون بالموت فعليا ويحتاجون بصورة عاجلة إلى علاج طبي.

 

مقالات متعلقة