"ابني يدخل في نوبات غضب وبكاء مستمر ليحصل على ما يريد، وقد يجبرني كثيرا على تلبية رغباته، أما إذا أهملته فإنه يقوم بالبكاء بشكل أقوى وبصوت أعلى أو يضر إخوته.. فماذا أفعل؟" شكوى عابرة في حياة كثير من الآباء يبحثون عن حل مثالي للتعامل مع أطفالهم.
من الطبيعي أن يدخل الطفل في نوبات الغضب والبكاء رغبة في ابتزاز الآباء وكسب عطف الأمهات لتلبية رغباته المرفوضة مسبقا من قبل رب الأسرة، وسرعان ما يرضخ الآباء له هروبا من الصوت المزعج، أو خوفا على الأطفال الآخرين، أو بسبب الضغوط حال وجودهم في مكان عام.
ويرى الدكتور أشرف الصالحي أخصائي الطب النفسي أن نوبات الغضب تصيب جميع الأطفال بلا استثناء، لافتا إلى أنها أسلوب طفولي للتعبير عن شيء يريده الطفل، مطالبا الآباء بضرورة معرفة مطلب ورغبة الطفل الذي يجب أن يكون واضح لهم.
ونصح الصالحي الآباء بالتفكير في هذا المطلب ومعرفة أهميته، وبضرورة التفكير في أن يكون "بناء على تقييمهم لحاجات الطفل وليس للتخلص من بكائه وغضبه، وألا يكون التفكير انفعاليا، ولكن يجب أن يكون عقلانيا".
وقال أخصائي الطب النفسي: "على الأغلب فإن إلحاح الطفل على هذا الأمر يكون بعد رفض الأهل لطلبه من البداية، وهنا يجب على الأهل ألا يرضخوا لطلب طفلهم، وأن يقوموا بإهمال صراخه وبكائه، لا بل والقيام بالتمثيل كأنه لا يوجد أي طفل يبكي حولهم"، لافتا إلى أن "التربية تحتاج إلى الحزم أكثر من العواطف".
ونصح الصالحي الأم في تدوينة له عبر فيسبوك: "عليك أن تتوقعي أن يزيد طفلك من حدة البكاء أو أن يقوم بأعمال أخرى ليلفت انتباهك، وهنا عليك أن تراقبيه من بعيد دون إشعاره، وتحاولي الحفاظ على سلامته من أن يؤذي نفسه عند اللزوم بأن تبعديه عن حواف الأثاث مثلا دون الكلام معه، أو تقومي مثلا بحماية إخواته الصغار منه وتمنعيه من أن يؤذيهم، دون أن تكلميه وتتصرفي معه كأنه غير موجود".
وأضاف: "انتظري.. حتى يهدأ ولو طالت النوبة، انتظري ولا ترضخي لبكائه فإنه يبتزك عاطفيا ويعي ما يفعل تماما، وربما لاحظ نجاح هذا الأسلوب معك قبل الآن وقرر اعتماده كأسلوب للحصول على ما يربد".
واستطرد الصالحي: "ولو هدأ الطفل وحاولت مكالمته وبدأ بالصراخ مرة أخرى فأعيدي تركه لفترة أطول، ومارسي أعمالك العادية كأن تتفرجي على التلفاز وهو بجانبك لتوصلي له رسالة بأن هذا الأسلوب غير مجدي معك".
ونصح الأمهات: "عليك محادثته بعد أن تتأكدي من هدوئه تماما وتخبريه أنك تحبينه ولكنك غاضبة من سلوكه الأخير، وعليه أن يعتذر ويخبرك مستقبلا ماذا يريد بأسلوب هادئ حتى تلبي طلبه -إن كان بالإمكان- ولا تعديه أن تنفذي طلبه ولكن أخبريه أنك ستحاولين فعل ذلك".
وشدد الصالحي على ضرورة أن تخبر الأم طفلها لأنها لن تتحدث معه "إذا قام بإعادة نفس الكرة وقام بعمل نفس نوبات الغضب، وفعلا تقومي بالامتناع عن مكالمته والحديث معه ساعة من الزمان مثلا إذا أعاد نفس السلوك مجددا، وتوقعي أن تحتاجي لأكثر من محاولة للسيطرة عليه وعلى غضبه، وحاولي تمالك أعصابك وتذكري أنك الأم".
واختتم أخصائي الطب النفسي تدوينته قائلا": إذا وجدته قد غير من سلوكه فكافئيه فورا مع إبلاغه بسبب المكافأة وأنه قد أوقف نوبات الغضب، وأنك ستقومين بالاستماع إليه دوما بشكل أفضل عندما يطلب منك طلباته بهذا الشكل الهادئ".