"قصعة وفحْم وعربَة خشبية".. هكذا تُشوى الذُرة، تسالي الشتاء، ورزق الغلابة، فَبَيْنَ جنبات الحدائق العامة والمتنزهات بالإسماعيلية، هنا يبحث الباعة المتجولون عن زبائنهم.
بضع جنيهات، ثمنًا لواحدة من الذُرة المشوية، تُسلي المارة، وتسد رمق أسرة، فوراء كل بائع قصة كفاح وحكاية مأساوية دفعته ليمارس عملاً لا يدر له دخلا مناسبًا لموجة الغلاء وارتفاع الأسعار، متحملاً صعاب التجوال في الشارع ومضايقات المرافق والأجهزة الحكومية، على حد تعبير أحدهم.
عكاز من حديد تساند عليها عم "محمد السيد" 55 سنة ليتمكن من الوقوف على قدميه، ويمارس عمله في شَيّ الذرة .ناصبًا أدواته على ترويسكل يستأجره يوميًا ليتنقل عليه.
ويقول عم محمد لـ "مصر العربية" "كنت أعمل بيّاض محارة لأكثر من 30 عامًا ومن 6 شهور تقريبًا أصبت بالغضروف وعرق النسا، وهو ما أقعدني عن العمل ودفعني لبيع الذرة المشوي.
وتابع "أنا عندي 6 أولاد وساكن في بيت بإيجار بـ 300 جنيه ومعنديش أي مصدر دخل و بأجر الترويسكل ده ب25 جنيه في اليوم وبشتغل عليه في بيع الذرة المشوية".
وأضاف عم محمد: "يدوب المكسب بيغطي تكاليف إيجار الترويسكل ومصاريف البيت والعيال بالعافية .العيشة غالية والحياة صعبة " معلقًا"كل اللي نفسي فيه أشتري ترويسكل بالقسط عشان أشتغل عليه ويكون بتاعي ".
على بعد عشرات الأمتار من نصبة عم محمد كان مصطفى الصبي الذي لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره يقف على منضدة من خشب متحركة صنعها ليتمكن من بيع الذرة المشوي عليها في منطقة الحدائق بنمرة 6 .
ويقول مصطفى لـ "مصر العربية" "نزلت أشتغل وخليت دراستي منازل عشان أقدر أساعد أبويا في تربية إخواتي، أنا ممكن كل يوم أشتغل حوالي 12 ساعة من غير إجازة ولا راحة.
وتابع "أنا بكسب في كوز الذرة جنيه، أنا بشتري الكوز ب2.5 جنيه وببيعه للزبون ب3.5 جنيه غير تكاليف النقل والفحم وغير المضايقات اللي بتقابلنا كل شوية من الحكومة والمرافق"
وأضاف "موسم الشتا نايم مش زي موسم الصيف" والذرة في الصيف طعمها أحلى ومسكرة عن الذرة في الشتا .بس الناس بتحب تاكل الذرة السخنة عشان تتدفى في البرد ".
وفي منطقة وسط البلد التجارية تعتلي أم محمد عربة كارو تقوم من عليها بشوي الذرة الساخنة، وتقول أم محمد "انا وجوزي شغالين في شوي الدرة .هي ده شغلتنا اللي منعرفش غيرها، شغالين طول اليوم من الساعة 1 الظهر لحد 12 بليل في مناطق وسط البلد.
لكن الحال اليومين دول مش كويسة، الناس تعبانة ومش معاها تشتري، كوز الدرة زمان كان تسلية للناس اللي بتتسوق في الشارع لكن دلوقتي لا في حد بيتسوق ولا في حد معاه يتسلى ".