4 أسباب لانخفاض سعر الدولار.. وبنوك استثمار: سيرتفع مجددًا

عميل في إحدى شركات الصرافة

تراجع سعر الدولار أمام الجنيه بقيمة بلغت نحو 100 قرش حتى ختام تعاملات اليوم الجمعة في هبوط يتواصل لليوم الرابع على التوالي ليسجل 17.75 جنيه.

 

"الدولار رايح فين؟".. وهل الأسعار هتنخفض؟" السؤالان الأكثر تداولا بين المصريين بعد انخفاض العملة الأمريكية أمام الجنيه.. "مصر العربية" تحاول وضع إجابة منطقية خلال التقرير التالي.

 

انخفاض السعر عالميًا

شهد سعر الدولار انخفاضا أمام العملات الكبيرة خلال الأسابيع الماضية بسبب مخاوف تتعلق بسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث سجل في شهر يناير الماضي أسوأ معدل تراجع له في 30 عاما، بحسب رويترز.

 

لكن انخفاضه عالميا لا يؤثر بشكل كبير على سعره في مصر وإنما يتحكم في ذلك الدولارات الداخلة إلى أو الخارجة من مصر، فسعر الدولار  مرتبط بعوامل داخلية بنسبة كبيرة كعودة السياحة، والاستثمارات الأجنبية، وارتفاع إيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، وزيادة الصادرات وانخفاض الواردات.

 

 الصرافة

هاني توفيق، أحد أصحاب شركات الصرافة الكبرى وسط القاهرة، قال إن الطلب على شراء الدولار أصبح قليلا بعد تراجع المستوردين وتجار السيارات والدواجن والهواتف وهم يمثلون الشريحة الأكبر في الطلب على الدولار.

 

وأوضح أن المعروض من الدولار يزداد خاصة مع إقبال الأفراد وعائلات المصريين العاملين بالخارج على التصرف فيما يملكون خشية انخفاضه أكثر.

 

وأشار إلى أن الدولار في اتجاه هبوطي وقد يستمر هذا الهبوط خلال الفترة المقبلة ولكن بشكل بطيء.

 

 

تحويلات المصريين

 سعد إبراهيم، أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، قال إن زيادة النقد الأجنبي في مصر يعتمد على عوامل منها حجم الصادرات والسياحة وعوائد قناة السويس والاستثمارات الأجنبية بالإضافة إلى تحويلات المصريين بالخارج.

 

وأضاف، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن أي تغيّر إيجابي في أحد هذه العوامل يكون تأثيره إيجابيا على قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، واصفًا زيادة تحويلات المصريين بالخارج بمثابة "قبلة حياة" للجنيه الفترة القادمة.

 

ورأى أن ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار اليوم مؤشر جيد، والسبب فيه انخفاض الواردات الترفيهية بشكل كبير وانتعاش السياحة إلى حد ما بالإضافة لزيادة التحويلات، مطالبًا الدولة ببعض التحفيزات لتشجيع العاملين في الخارج للتحويل عن طريق النظام المصرفي الرسمى الفترة المقبلة.

 

وأكد إبراهيم  أنه لا يمكن الحديث عن نجاح التعويم في الوقت الحالي حتى بعد انخفاض الدولار وزيادة التحويلات، ولكن الحكم عليه بذلك يكون عند استقرار الدولار على سعر عادل وطبيعي أمام الجنيه، وهذا السعر يفترض أن يتراوح بين 13 و14 جنيه.

 

وأعلن البنك المركزى ارتفاع إجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج، خلال شهر ديسمبر 2016، لتصل إلى نحو 1.6 مليار دولار مقابل نحو 1.4 مليار دولار خلال شهر ديسمبر 2015، بمعدل زيادة 15.4٪.

  وبهذا يرتفع إجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج في الربع الأخير من 2016  إلى 4.6 مليار دولار، بزيادة 11.8% من 4.1 مليار دولار في الفترة نفسها من العام 2015، منها 3.3 مليار دولار في شهرى نوفمبر وديسمبر، أي بعد تعويم الجنيه.

 

الاستثمارات الأجنبية

" آلان سانديب"، رئيس الأبحاث لدى نعيم للوساطة في الأوراق المالية في القاهرة، قال لرويترز إن  "الجنيه يرتفع لأن الطلب على الدولار يتباطأ وبخاصة من مستوردي السلع غير الأساسية. كان لدينا الكثير من المتأخرات حتى نهاية العام الماضي لكن تلك المتأخرات تنحسر الآن."

 

وقال مصرفيون إن هذا الأسبوع شهد أيضا إقبالا كبيرا على شراء أذون الخزانة المصرية من قبل اﻷجانب وهو ما انعكس على سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

 

وقال أحد المصرفيين لرويترز ": هذا الأسبوع كان الإقبال الأجنبي على أذون الخزانة ضخما. إنهم يقبلون على الشراء وبكميات كبيرة. يشترون أذون الخزانة التي أجلها ثلاثة وستة وتسعة أشهر وعام. إنهم يشترون كل شيء."

 

وسجل العائد على أذون الخزانة المصرية التي أجلها ستة أشهر وعام انخفاضا حادا بلغ نحو نقطتين مئويتين حسبما أظهرت بيانات البنك المركزي اليوم الخميس مع اتجاه مزيد من الأجانب لشراء أدوات الدين المصرية.

 

وقال سانديب "انخفاض العائد يشير إلى زيادة الطلب من الأجانب الذين اشتروا بالفعل أذون خزانة بقيمة 1.15 مليار دولار والرقم مرشح للزيادة."

 

وتابع: "لقد حرروا سعر صرف الجنيه ويخفضون الدعم ويفعلون كل ما هو صحيح كما ينص عليه الكتاب بشكل أساسي وبما يتماشى مع شروط صندوق النقد الدولي. إنهم يتحركون في الاتجاه الصحيح."

 

وكان كثير من الأفراد قد لجأوا قبل تعويم الجنيه إلى الدولار كملاذ آمن لحفظ أموالهم من التآكل، بفعل التضخم المرتفع، وضعف الجنيه المستمر أمام العملة الأمريكية في السوق السوداء مع تثبيت سعره الرسمي في البنوك.

 

السياحة والدولار الجمركي

مدحت نافع، الخبير الاقتصادي اعتبر أنّ العامل المشترك في انخفاض سعر الدولار في البنوك هو تثبيت سعر الدولار الجمركي التي قامت به وزارة المالية خلال الأيام الماضية.

 

وتوقع نافع، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، استقرار أسعار الدولار نسبيًا بالتزامن مع تحرك السوق السياحي، مؤكدا أن السياحة عامل أساسي في ارتفاع الدولار أو هبوطه.

 

ورفعت دول كثيرة حظر السفر عن مواطنيها إلى شرم الشيخ، بدأت بتركيا سبتمبر الماضي ومن ثم ألمانيا وأمس النرويج والدنمارك وغيرها من الدول الأوربية، ومن ثم عودة السياحة جزئيا وتدفق العملة الخضراء.

 

الاستيراد والركود

 أسامة جعفر، عضو شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، قال إن من أهم أسباب تراجع سعر الدولار أمام الجنيه هو انخفاض نسبة استيراد السلع من الخارج بنسبة 95% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

 

وقرر الاتحاد العام للغرف التجارية التوقف تماما عن شراء العملات الأجنبية لمدة أسبوعين ومن ثم ترشيد الاستيراد لـ 3 أشهر، وقصره على احتياجات الأسواق الفعلية فقط من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج للمصانع التى ليس لها مخزون أو بديل محلى، بهدف الحد من الطلب على العملات الأجنبية والمعاونة فى استقرار أسعار الصرف.

 

كما تسود الأسواق المصرية حالة من الركود أجبرت الكثيرين على خفض الأسعار ومنها صناعة الحديد حيث خفضوا أسعار المنتجات 3 مرات متتالية خلال شهر واحد لكى تستطيع تصريف المخزون الموجود لديها.

 

العطلات الصينية

وأضاف عضو شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية أن توقف الشركات الصينية عن العمل لمدة شهر بسبب إجازة رأس السنة فى الصين، والتى انقضت الإثنين الماضي، قلل من الطلب على العملة الخضراء.

 

زيادة طفيفة وأوضح عضو شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية أن مصر تستورد حوالى 85 % من احتياجاتها من الخارج والأغلب يكون من الصين، موضحا أن الشركات فى الصين ستبدأ عملها من الأسبوع القادم، وهناك احتمالية في زيادة جديدة طفيفة فى أسعار الدولار.

 

موسم رمضان

أحمد العادلي، الخبير الاقتصادي، إن هناك عدة عوامل اجتمعت مع بعضها فتسبب في الانخفاض الحالي في سعر الدولار إلا أنه مع موسم استيراد السلع الرمضانية سيعاود الدولار الارتفاع إلا أنه رجح عدم تعديه مستوى الـ 20 جنيها كما يروج البعض.

 

وأوضح أن تحويلات المصريين في الخارج وزيادة استثمارات الأجانب في الأوراق المالية والعودة الجزئية للسياحة أحد أهم الأسباب لانخفاضه حاليا واستقراره مستقبلا. القروض والسندات

وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تدفق مليارات الدولار ما بين قروض وسندات أهمها قرضا صندوق النقد الدولي، والصين وبيع 4 مليارات سندات.

 

وحصلت مصر منذ بداية العام المالي الجاري على عدة قروض وتسهيلات مالية من الخارج، منها 2.75 مليار دفعة أولى من قرض صندوق النقد الدولي، الذي تبلغ قيمته الإجمالية 12 مليار دولار تقدم على مدار 3 سنوات، و2 مليار دولار  من قرض البنك الدولي، و500 مليون دولار من بنك التنمية الأفريقي.

 

كما حصلت على 2 مليار دولار وديعة من السعودية، ومليار دولار وديعة من الإمارات، و2.7 مليار دولار من خلال اتفاق تبادل للعملة مع الصين، تم توقيعه قبل نهاية 2016. كما باعت مصر سندات دولارية في الأسواق الدولية بقيمة 4 مليارات دولار قبل أسبوعين

 

9 مليارات

وأوضح العادلي أنه بعد ارتفاع سعر الدولار في البنوك، جذب قطاعا عريضا من الدولارات التي لدى الأفراد والموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، ما كون محصلة كبيرة استخدمتها البنوك لتوفير احتياجات المستوردين.

 

ومؤخرًا، قال رامي أبوالنجا وكيل محافظ البنك المركزي المصري إن إجمالي التدفقات على النظام المصرفي في مصر بلغ 9 مليارات دولار منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي.

 

أسعار السلع

العادلي قال إن الانخفاض الحالي في سعر الدولار  لن ينعكس سريعا على الأسعار؛ لأن غالبية التجار اشتروا بضاعتهم على السعر الأعلى للدولار، إلا أن بعض السلع المرتبطة به ارتباطا مباشرا كالذهب ستشهد انخفاضا.

 

ارتفاع الدولار مجددًا

التحسن المتوقع في قيمة الجنيه على المدى القريب مرهون بقدرة خطة الحكومة للإصلاح الاقتصادي، حسب تقارير لبنوك الاستثمار أشارت إلى مخاطر ارتفاع الدولار على المدى المتوسط، رغم انخفاضه المنتظر في وقت قريب.

 

فبينما يتوقع بنك استثمار بلتون فاينانشال، في تقريره السنوي، أن يتراجع الدولار بنهاية العام المالي الجاري إلى 15.5 جنيه، فإنه يرى أيضا أنه سيعود للارتفاع مجددا ليصل إلى 18.5 جنيه في 2017-2018 ثم إلى 21 جنيها في العام المالي 2018-2019.

 

كما توقع تقرير أصدره بنك بي إن بي باريبا يوم الثلاثاء الماضي، أن يتراجع سعر الدولار في نهاية العام الجاري إلى 14.6 جنيه، وارتفاعه مجددا إلى 16.5 جنيه في 2018.

 

أما بنك استثمار فاروس فتقديراته تشير إلى عودة الدولار للارتفاع بداية من عام 2019 ليصل إلى 17.90 جنيه، ثم 19 جنيها في 2020، و20.10 جنيه في عام 2021.

مقالات متعلقة