على مدار عامين ونصف منذ إعلان إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، شهدت مفاوضات تنفيذ المشروع العديد من المحطات، والتي تميزت بالارتباك، والتخبط، وانسحاب الشركات من المشروع واحدة تلو الأخرى، آخرها شركة csces الصينية.
الأمر الذي وصفه بعض الخبراء بأنَّه إشارة سلبية إلى العالم، بانسحاب الشركات الأجنبية من المشروعات بمصر، وأنَّ الدولة غير قادرة على توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروع في ظل عدم مشاركة شركات أجنبيه به.
إعلان إنشاء عاصمة إدارية جديدة
بدأ الأمر، في يوليو 2014، عندما أعلن المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء آنذاك الوقت، عن تنفيذ عاصمة إدارية في المنطقة المحصورة بين طريقي القاهرة/ السويس، والقاهرة/ العين السخنة شرق الطريق الدائري الإقليمي مباشرة، أي بعد القاهرة الجديدة ومشروع مدينتي، ويبعد الموقع المقترح حوالي ٦٠ كم من مدن السويس والعين السخنة، على أراض تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بوزارة الإسكان.
مذكرة تفاهم مع الشركة الإماراتية
أعلنت الحكومة في المؤتمر الاقتصادي في شهر مارس 2015، توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "كابيتال سيتي بارتنرز" وصاحبها رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، لتنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة، خلال فترة من 5 إلى 7 سنوات.
إلغاء مذكرة التفاهم مع الشركة الإماراتية
وفي مطلع سبتمبر 2015، ألغت الحكومة مذكرة التفاهم التي تَمَّ توقيعها مع "العبار"، وكات السبب الرئيسي في الإلغاء هو تغيير رأي الحكومة في بعض بنود الاتفاق، بحسب تصريحات العبار،، ولأنَّه كان يرغب في الحصول على تمويل من البنوك المصرية لتنفيذ المشروع، وهو ما رفضته الحكومة.
مذكرة تفاهم مع شركة "csces" الصينية
وقع أشرف سالمان، وزير الاستثمار، في 2 ديسمبر 2015، مذكرة تفاهم مع "csces" الصينية، للمشاركة في العاصمة الإدارية الجديدة، وتم الاتفاق على أن يكون التمويل بنك ICBC الصيني "3 مليارات دولار" من ، وذلك على هامش زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الصين وقتها.
تحالف مصري صيني لتنفيذ المشروع
في 3 يناير 2016، وقّعت وزارة الإسكان ممثلة في شركة المقاولون العرب، مع شركة "csces" الصينية مذكرتي تفاهم لإنشاء تحالف الشركات المصرية الصينية؛ لتنفيذ مشروعات بالعاصمة الإدارية، لتنفيذ الحي الحكومي.
وقع المذكرتين كل من المهندس محسن صلاح، رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب، والمهندس محمد الشيمي، رئيس مجلس إدارة شركة بتروجت، ونائب رئيس شركة "csces" الصينية، وهى إحدى أكبر شركات المقاولات في العالم، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
كما وقع الدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، 7 مذكرات تفاهم، بشأن تنفيذ مشروعات بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع نائب رئيس شركة "csces" الصينية.
"اتفاق نوايا" مع شركة "CSCEC"
وقعت شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، في 19 أغسطس 2016، "اتفاق نوايا" مع شركة "CSCEC" الصينية، للبدء في تنفيذ الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة.
عن الجانب المصري، وقع اللواء محمد عبد اللطيف، العضو المنتدب لشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، وعن الجانب الصيني تشانج ويكاي، المدير العام بشركة "CSCEC" الصينية.
إلغاء الاتفاق مع الشركة الصينية
أعلن المهندس أيمن إسماعيل، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، في بيانٍ رسمي، يوم الاثنين الماضي، الموافق 6 فبراير 2017، عدم التوصل إلى اتفاق نهائي مع شركة (CSCEC) الصينية، بشأن تنفيذ الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة، بشأن سعر تنفيذ المتر المربع، وأنَّه سيتم تنفيذه بشركات المقاولات المصرية.
وقال "إسماعيل" في البيان، إنَّه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي يرضى الطرفين بشأن سعر تنفيذ المتر المربع، والسعر النهائي الذى تم التوصل إليه حصلت شركة العاصمة على أسعار أقل منه من شركات المقاولات المصرية، خاصة أن الشركة الصينية لم تستكمل جهازها التنفيذي بمصر، وكانت ستعتمد على شركات مقاولات مصرية، وهو ما رفع قيمة عرضها، عن التفاوض مباشرة مع شركات المقاولات المصرية، وبالتالي سيتم الاعتماد فى تنفيذ الحي الحكومي على شركات المقاولات المصرية بوجه عام.
ممدوح حمزة: المشروع وهمي المهندس الاستشاري، ممدوح حمزة، رأى أنَّ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، تنموي عقاري يهدف الربح، ما عدا الحي الحكومي بالمشروع، مشيرًا إلى أنَّ المباني الحكومية هي المشكلة الأساسية بالمشروع، إضافة إلى عدم توفر التمويل اللازم لدى الحكومة، وهو ما أدى إلى انسحاب الشركة الإماراتية والشركة الصينية.
وأضاف "حمزة"، في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، أنَّ الشركات المصرية قادرة على تنفيذ المباني الحكومية، بثلث الأسعار التي عرضتها الشركة الصينية، ولكن المشكلة تكمن في توفير التمويل للمشروع، مؤكدًا أنَّه كان يجب الاكتفاء بالمباني الحكومية الموجودة في القاهرة.
مصطفى إبراهيم: قرار متأخر
وأكد الدكتور مصطفى إبراهيم، نائب رئيس مجلس الأعمال المصري الصيني، أنَّ قرار إلغاء الاتفاق مع الشركة الصينية، بشأن المشروع، جاء متأخرًا، مشيرًا إلى أنّ الخطأ الرئيسي كان يتعلق بإدارة الملف والتفاوض، وأنَّه كان يجب الاتفاق من بداية المشروع، وليس بعد مرور فترة طويلة، واستغراق وقت طويل في التفاوض.
وأضاف "إبراهيم"، في تصريحات خاصة، لـ"مصر العربية"، أنَّ من أهم أسباب إلغاء الاتفاق هو المبالغة في التكلفة، ولجوء الشركة الصينية للشركات المصرية، لافتَا إلى أنَّه يمكن توفير العديد من وسائل التمويل للمشروع، إضافة إلى أنَّه يمكن إعطاء المستثمرين فرصة للمشاركة، بتمويل من البنوك المصرية.
وائل النحاس: المشروع بدون رؤية وأشار الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، إلى أنَّ الدولة كانت تستطيع إنجاح المشروع، وجعله مشروع قومي حقيقي وليس وهميَّا، ولكن التخطيط للمشروع كان خطأ، وبدون رؤية أو جدوى، وأيضًا اللجوء إلى الجانب الصيني خطأ، والذي أرسل رسالة سلبية إلى دول العالم بانسحابه من المشروع.
وأضاف "النحاس"، في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، أنَّه كان الأصح اللجوء إلى شركات مصرية من بداية التفكير في المشروع، مؤكدًا أنَّ مشروع الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية فكرة غير صحيحة، وغير مفيدة للدولة.