بعد أن حاصرهم لأكثر من 3 أشهر، تفنن خلالها في تقديم صنوف الموت لأهلها، فتارة قصفًا بالبراميل المتفجرة الحارقة، وأخرى حرقًا بالسارين السام، وثالثة بالقنابل الارتجالية، ورابعة براجمات الصواريخ والمدفعية، أصر النظام أيضًا على معاقبة معارضيه بالأسلحة الكيماوية المحرمة، والتي كشفتها تقارير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية.
فالأسد الذي أصرّ على قتل المدنيين بحلب، وهجر ما تبقى من أهلها، بدأت تطارده تقارير إدانات لمنظمات حقوقية، تارة باتهامه بتعذيب المعتقلين في سجونه، آخرها صيدنايا "المسلخ البشري"، وصولا لاستخدامه أسلحة كيماوية في حلب مؤخرا.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن قوات نظام الأسد شنت 8 هجمات كيميائية على الأقل، خلال الأشهر الأخيرة، على مناطق سكنية بمدينة حلب، شمالي سوريا.
هجمات كيمائية
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده مسؤولان في المؤسسة الحقوقية الدولية، بالمقر الرئيسي للأمم المتحدة، في نيويورك، بمشاركة عدد من الدبلوماسيين لدى الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية.
وقال مندوب "هيومان رايتس ووتش" لدى الأمم المتحدة، لوي تشاربنو: إن"قوات النظام شنت هجمات كيمائية ضد الجماعات المعارضة للنظام في مدينة حلب خلال الأشهر الأخيرة".
وأضاف: أن "هيومن رايتس ووتش، وثقت إلقاء مروحيات حكومية للكلور على مناطق سكنية في 8 مناسبات على الأقل بين 17 نوفمبر، و13 ديسمبر، 2016، ما أدى إلى مقتل 9 مدنيين على الأقل، منهم 4 أطفال، وجرح حوالي 200 آخرين".
وأردف قائلاً "وقعت هذه الهجمات في مناطق خططت قوات النظام للتقدم فيها (في حلب)، بدءاً من الشرق وسيراً نحو الغرب".
وأشار "تشاربنو" أن مجلس الأمن الدولي لم يتخذ حتى الآن أي إجراءات لمحاسبة المتورطين في استخدام الأسلحة الكيمائية، محذراً من أن هناك خطرا قائما الآن بإمكانية استخدام تلك الأسلحة مرات أخرى ضد المدنيين في سوريا.
محاسبة النظام
ودعا إلى ضرورة محاسبة مجرمي الحرب من قادة النظام المتورطين في استخدام أسلحة كيمائية ضد المدنيين في سوريا.
من جهته، قال نائب مدير قسم الطوارئ في "هيومن رايتس ووتش"، أولي سولفانغ إن "أسلوب استخدام مادة الكلور يظهر أن الهجمات الكيمائية ضد المدنيين كانت منسقة وفي إطار إستراتيجية عسكرية شاملة لاستعادة حلب، وليست مجرّد أعمال ارتكبتها بعض العناصر المارقة".
وأضاف "سولفانغ" أن "على مجلس الأمن أن لا يسمح لنظام الأسد أو أي طرف آخر استخدم الأسلحة الكيميائية أن يُفلت من تبعات أفعاله".
ودعا المسؤولان بـ "هيومان رايتس ووتش" النظام إلى "الكف فوراً عن استخدام المواد الكيميائية كأسلحة".
هجمات أغسطس
وفي السياق ذاته، قال المسؤولان بالمنظمة الحقوقية الدولية: إنّ "هيومن رايتس ووتش وثقت أيضًا استخدام تنظيم (داعش) غاز الخردل في هجماته، حتى أغسطس الماضي"، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
وبحسب "تقرير مختصر لهيومن رايتس ووتش"، فإن " الهجمات باستخدام مادة الكلور وقعت خلال الهجوم النهائي لقوات النظام وحلفائها لانتزاع السيطرة على شرقي مدينة حلب من جماعات المعارضة المسلحة".
وذكر التقرير أن " العدد الفعلي للهجمات الكيميائية على حلب بين 17 نوفمبر و13 ديسمبر الماضيين قد يكون أعلى من الـهجمات الثماني الموثقة خاصة وأن صحفيين ومسعفين وموظفين طبيين وآخرين قالوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي إن ما لا يقل عن 12 هجمة نفذت في تلك الفترة".
ولفت إلى أن جماعات تابعة للمعارضة ومسعفين وناشطين وصحفيين قالوا إن "القوات الحكومية شنت هجمات كيمائية أيضًا على مواقع أخرى في سوريا خلال نفس الفترة".
المقدم إبراهيم الطقش الخبير العسكري السوري قال إن النظام ارتكب آلاف المجازر واستخدم فيها الأسلحة الكيماوية المحرمة، مضيفا أن حلب ليست المدينة الأولى التي هاجمها النظام بالكيماوي.
وأوضح لـ"مصر العربية" أن عشرات القضايا اتهم فيها الأسد باستخدام الأسلحة المحرمة، وللأسف كلها لم تتحرك وألقيت في الأدراج، لافتا أن الجميع خذل الشعب السوري.
صنوف الأسلحة
وأشار إلى أن المدنيين في حلب، وهو واحد منهم، ألقي عليهم صنوف الأسلحة من طائرات النظام والروس وإيران، وانتهكت آدميتهم، قتل الأطفال واغتصبت النساء وحرق الشباب والرجال، ناهيك عن الإعدامات الجماعية.
على الجانب الآخر، استبعد الدكتور مصطفى السعداوي أستاذ القانون الجنائي، محاكمة رأس النظام السوري بشار الأسد على جرائم حرب ارتكبها في سوريا، رغم وجود دلائل على تورطه.
وأوضح السعداوي لـ"مصر العربية" أن الروس يقفون إلى جانب الأسد، وهم من أبقوا عليه حتى الآن، لذلك لن توافق موسكو على محاكمته، قائلاً: "حين أعلن الروس انسحابهم من ميثاق الجنائية الدولية قبل أشهر، كان دعمًا وغطاءً للأسد لاستكمال مجازره دون محاسبة.
وتابع: "صنوف الأسلحة المحرمة وغير المحرمة استخدمها الأسد ضد المدنيين، وللأسف لن يستطيع أحد إيقافه.
ويشار إلى أن مجلس الأمن الدولي، اعتمد في 7 أغسطس 2015، بالإجماع القرار رقم (2235) الذي أنشأ آلية التحقيق التي "تتولى إلى أقصى حد ممكن تحديد الأشخاص أو الكيانات أو الجماعات أو الحكومات التي قامت باستخدام المواد الكيميائية".
وفي 21 ديسمبر 2016، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بإنشاء آلية للمساعدة في التحقيق في الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في سوريا منذ عام 2011.