قال الدكتور مجدي عشماوي، الخبير الاقتصادي، إن هناك عدة عوامل ساعدت على هبوط سعر الدولار في البنوك، وما يحدث هو ردة طبيعية للمضاربات التي حدثت عقب تعويم الجنيه.
وأوضح عشماوي، خلال حواره مع "مصر العربية"، أن الاختبار الحقيقي للدولار عند بدءالاستيراد، مطالبا الحكومة بفرض الرقابة على الأسواق حتى يشعر المواطنون بالانخفاض الحالي لسعر الدولار رغم أنه حتى ينعكس على المواطن يحتاج أكثر من شهر على مستوى سعر ثابت، مضيفًا أن عدم وجود رقابة بالأسواق وجشع التجار عاملان من شأنهما استمرار ارتفاع الاسعار.
وأشار إلى أن هناك حالة من عدم التنسيق بين المجموعة الاقتصادية، فالبنك المركزي قرر رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم الحالي، فيما أثر رفع الفائدة على الاستثمارات والمشاريع المحلية.
وطالب الحكومة بالعمل على زيادة الإنتاج، مؤكدا أنه الحل الأمثل والوحيد للتعامل مع العجز في الميزان التجاري، واستغلال إيجابيات تعويم الجنيه في مقدرة السلع المصرية من منافسة السلع الأجنبية من حيث السعر والجودة.
إلى نص الحوار:
ما هو تقييمك للأداء الاقتصادي بعد مرور فترة على قرار التعويم؟
خلال الآونة الأخيرة، اتخذت الحكومة إجراءات غاية في الأهمية لوضع مصر اقتصادياً على المسار الصحيح، كان من أهمها قرار تعويم الجنيه، وتنظيم الإطار الضريبى والسياسات الضريبية، مثل قانون القيمة المضافة، ومع هذا أؤيد هذه القرارات فى جوهرها، لكن يزعجنى فى هذه القرارات المهمة والصعبة والجريئة، أنه لم تكن هناك إجراءات وتدابير للحد من آثارها الاجتماعية والاقتصادية، لأنه من المتوقع زيادة معدلات التضخم وارتفاع الاسعار لكن المشكلة تكمن في كيفية معالجة الآثار السلبية الناتجة عن القرارات الحكومية..
ما رأيك في سياسات البنك المركزي في كبح جماح التضخم؟
الدور الأساسي للبنك المركزي في أي دولة يتمثل في محاربة التضخم، ومع ذلك ارتفع معدل التضخم خلال أيام، ليضطر البنك المركزي اللجوء إلى رفع الفائدة على الودائع بالجنيه المصرى إلى 20٫16٪ للحد من ظاهرة الدولرة، ويشجع على الإيداع بالجنيه المصرى، إضافة إلى رفع أسعار الفائدة على أذون الخزانة كمحاولة منه لامتصاص الأثر السلبي لارتفاع معدلات التضخم، وهذا بلا شك أمر منطقى ومفهوم.
كيف تواجه الحكومة التضخم؟
استهداف التضخم لم يختصر على دور البنك المركزي والسياسة النقدية فقط، بل هو دور جميع فئات الشعب والحكومة معًا، لأن القوى البشرية تمثل ثروة ثمينة لكل دولة التي تنعكس على السوق المحلي من حيث زيادة الإنتاج والإرشاد في استخدام السلع المستوردة بسبب جودة المنتج المحلي، وبالتالي سيحدث هبوط في أسعار السلع والمنتجات.
تحاول الحكومة القضاء على التضخم بالسياسات النقدية ورفع سعر الفائدة، ولكن الوقت الراهن يتطلب تعاونا مشتركا من قبل الشعب والحكومة بالعمل عن طريق القضاء على البطالة وتوفير فرص عمل للمواطنين لزيادة الإنتاج ويستطع المنتج المصري بدوره منافسة المنتج الأجنبي على الساحة.
هل تتوقع انخفاض الدولار أكثر من ذلك الفترة القادمة؟
هبوط الدولار في البنوك بشكل مفاجئ كان أمرا متوقعا حدوثه، وذلك بسبب سعره المبالغ فيه خلال الفترة الأخيرة نتيجة المضاربات التي وقعت قبل قرار التعويم، وذلك الانخفاض طبيعي لتصحيح السعر وكان أهم عوامل انخفاضه أيضًا استجابة المستوردين لنداءات الغرف التجارية لترشيد استيراد السلع التي تمتاز بالرفاهية وتوجيه الاستيراد إلى المواد الخام التي تدخل في صناعة الأدوية أو الأغذية، فضلًا عن بوادر عودة السياحة من جديد، إضافة إلى إجازات رأس السنة للمورد الأساسي لمصر وهي الصين.
تعد العوامل السابقة بشاير للمصريين بتحسن الأحوال خلال الفترة القادمة واستمرار الدولار في العد التنازلي ، والاختبار الحقيقي مع بداية الاستيراد.
كيف يؤثر ذلك التراجع على السوق المحلي من حيث الأسعار؟
إذا اعتبرنا أن ارتفاع الأسعار المهولة خلال الفترة الماضية كانت بسبب ارتفاع الدولار في البنوك فانخفاضه يحتم هبوط الأسعار، ولكن الفترة الأخيرة ساد السوق المصري حالة من الجشع وعدم الرقابة التي يسرت للتجار رفع الأسعار على المستهلك بحجة ارتفاع الدولار الأمر الذي من شأنه عدم تراجع الأسعار بهذه السرعة.
لذا على الحكومة اتخاذ الإجراءات التي تأخرت كثيرًا بعد قرار تحرير سعر الصرف من فرض الرقابة على جميع الاسواق كي تستطيع السيطرة على السوق المصري ومحاسبة كل من يساهم في رفع الأسعار بنوع أو بآخر.
كيف تستيطع أن تتعامل الحكومة مع العجز في الميزان التجاري؟
الإنتاج هو الحل الأمثل والوحيد للتعامل مع العجز في الميزان التجاري، ومن إيجابيات تعويم الجنيه مقدرة السلع المصرية من منافسة السلع الأجنبية من حيث السعر والجودة، ولكن من الواضح أن الدولة ينقصها الهيكلة لتوزيع السلع التي تصدر إلى الخارج مع تنويع محفظة المنتجات.
هل المشروعات القومية تمثل عبئًا على الموازنة العامة ؟
بالطبع تمثل عبئًا كبيرًا في الوقت الراهن، ولكن لا يمكننا النهوض دون مشروعات قومية لأننا نحتاج إلى شبكة طرق لتقديم خدمات واستكمال الحركة العمرانية وتواصل حركة التجارة الداخلية لرفع العبء عن المواطنين والإصلاح على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
فتظهر نتائجها بعد وقت يكاد يكون كبيرا، لكننا نستفيد على المدى القصير من المشروعات القومية في تحسين الحد الأدنى للخدمات الموجودة، والتركيز على فرص العمل من خلال الاستثمار الداخلى للقطاع الخاص حتى ينمو ونوفر له التمويل لأن معدل البطالة بين الشباب وصل من 60 إلى 70٪.
ما رأيك في مؤتمرات الشباب التي تعقد شهريًا وما نتائجها على الوضع الاقتصادي؟
مشاركة الشباب في المؤتمرات تولد قيادات شابة مستقبلية جديدة، فضلًا عن تشجيع الشباب على الإنتاج ما ينعكس على الوضع الاقتصادي والسياسي للدولة التي عانت كثيرًا من غياب القيادات.
ما هي توقعاتك للاقتصاد خلال الفترة القادمة؟
بعدما وضعنا الخطوات الأساسية والبنية التحتية، ولذلك أتوقع زيادة الاستثمارات خلال الفترة القادمة بالسوق المحلي، مع ضبط الأسعار في الأسواق بسبب تصحيح سعر الدلولار في البنوك ولكن بشرط عمل الحكومة على مراقبة الأسواق لتفادي الآثار السلبية التي تنتج عن جشع التجار.