بعد الحملات التى أطلقتها صفحة "أنقذوا الثقافة" عبر وسائل التواصل الاجتماعى لسحب الثقة من وزير الثقافة حلمي النمنم خلال 2016، جاء التعديل الوزاري في حكومة المهندس شريف إسماعيل، مخيبًا لتوقعات وآمال أصحاب هذه الحملات .
ورغم افتتاح عدد كبير من الأماكن والفعاليات، شهدت الساحة الثقافية مؤخراً تراجعًا كبيرًا في الأداء الثقافي في كافة ربوع الوطن بناء على رأى المثقفين.
الذين وصفوا إنجازاته بـ"الفنكوش"، وأجمع عدد كبير من المثقفين على ضرورة تجديد دماء الثقافة بمثقف مهموم بمشاكلهم ويملك مشروعا قوميا يخرج بمصر من المنحدر الذي تغوص فيه، ولا يكون مجرد أداة لتنفيذ أوامر الحكومة.
وكان آخر ما شهده الوسط الثقافي، تعرض متحف الفن الحديث للسرقة في 12 يناير 2017 لتختفي 5 لوحات للفنان العالمي محمود سعيد. وهذا بالإضافة إلى أن فترة تولي حلمي النمنم الوزارة الثقافية، والتي امتدت قرابة العامين والنصف، شهدت العديد من السقاطات التي جعلت رصيده يتقلص للصفر.
وكان أولها الإطاحة بمشروع وزارات المجموعة الثقافية وبروتكولات التعاون التي وقعها وزير ثقافة سابق مع15 وزارة وجهة لعمل منظومة ثقافية حقيقية، كما أوقف مشروع "صيف ولادنا" والـ1000 كتاب تراثي. وتوقفت في عهد "النمنم" الأعمال الإنشائية وأعمال الترميم في المتاحف والمسارح وقصور الثقافة بحجة عدم وجود تمويل.
كما ندّد الشاعر سعدني السلاموني، بالمبالغ التي تدفع للمتفرغين المثقفين، خارج مصر وداخلها، والتي تقدر بـ10 آلاف جنيه في الشهر. وتسأل "أين تذهب ميزانية قصور الثقافة التي تقدر بـ250 مليون جنيه سنويًا؟" لافتًا إلى الدعم المقدم بمئات الآلاف لمجموعة من دور النشر، التي تهتم بطبع مؤلفات الكتاب العرب، في الوقت الذي تهمل وتهمش فيه المصريين.
ولن ينسى التاريخ، صمت "النمنم" عن حبس عدد الكُتاب في قضايا حرية الرأي والتعبير وازدراء الأديان، ومنهم إسلام البحيري الذي حكم بحبسه 5 سنوات، لاتهامه بازدراء الإسلام، وخفف الحكم لعام واحد، وقرار بحبس الكاتبة فاطمة ناعوت لمدة 3 سنوات، بتهمة ازدراء الأديان، وذلك عقب تدوينتها عن عيد الأضحى على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وصفتها بأنها "أهول مذبحة يرتكبها الإنسان".
كما تعرض الكاتب أحمد ناجي للحبس لمدة عامين، بعد أن نشر فصلا من روايته بجريدة "أخبار الأدب"، وذلك بتهمه نشر مواد أدبية تخدش الحياء العام.
أما مواقف حلمي النمنم، من تيارات الإسلام السياسي، واضحه للعيان وضوح الشمس، وكتبه وتصريحاته شاهدة على معاداته لهم، ليطلق كتابا لحسن البنا عبر موقع "الكتب خانة" التابع لوزارة الثقافة، وهو كتاب "رسائل الجهاد"، ليتسبب في ثورة عارمة من قبل المثقفين، معللين ذلك بأنه لا يجوز لدولة تحارب الإرهاب أن تدعو لأفكار هدامة والتفرقة بين الرجل والمرأة والمسلم والمسيحي.
وفي عهده أصبحت ميادين وشوارع القاهرة، مرتعًا لمدعي الفن والنحت، حتى تحولت إلى متحف كبير مليء بالتماثيل المشوهة، امتدت بعد ذلك لتشمل محافظات الجمهورية، ومنها تمثال الملكة "نفرتيتى" في مدخل مدينة سمالوط بمحافظة المنيا، وتمثال عباس العقاد في أسوان، ليطول التشويه تمثال الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، بحي باب الشعرية. كما امتدت أيادي القبح -مؤخرًا- إلى تمثال كوكب الشرق أم كلثوم، المتواجد في ساحة ميدان أبو الفدا بالزمالك، والذي شوه عبر طلائه باللونين البني والذهبي، وكذلك تمثال الزعيم أحمد عرابي الموجود في مسقط رأسه بقرية "رزنة" بالزقازيق، بعد أن رممه المسؤولون، وطلوه باللون الأخضر.
ومع هذا، ظلت وزارة الثقافة في صمتها، ولم تتحرك لإيجاد الحل بالرغم من وجود قطاعين يهتمان بذلك ضمن مؤسساتها وهما قطاع "الفنون التشكيلية" و"التنسيق الحضاري". وهذا نهيك عن الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تقيمها الوزارة لا تلقى أي إقبال أو مردود جماهيري، ولعل ذلك كان بارزًا في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 48، الذي انتهى منذ أيام، وبالرغم من وجود برنامج ثقافي حافل إلا أنّ عدد الحضور كان محدودًا ويقتصر على فئة معينة.