من جديد عاد الفرقاء الليبيون للقاهرة، بحثا عن توافق لا يأتي، ومخرج لأزمة تشتد أكثر بمرور الوقت، فوصل لمصر أول من أمس الاثنين كل من فايز السراج رئيس حكومة الوفاق المدعومة أمميا للمرة الثانية خلال خمس أسابيع، وعقيلة صالح رئيس برلمان طبرق وخليفة حفتر قائد عملية الكرامة.
الرؤوس الثلاثة الأهم في الصراع الليبي التقى كل منهم على حدة الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري وسامح شكري وزير الخارجية وعدد من المسؤولين المصريين.
الإعلان عن تفاصيل المشاورات جاء من جانب المتحدث العسكري المصري العقيد أركان حرب تامر الرفاعي باتفاق أطراف الصراع على حقن الدماء الليبية ووحدة الأرض الليبية ووقف تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية والخدمية، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في موعد أقصاه فبراير 2018 بجانب مراجعة تشكيل وصلاحيات المجلس الرئاسي، ومنصب القائد الأعلى للجيش الليبي واختصاصاته، وتوسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة.
"إجراء تعديلات دستورية لتضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري بلمسات البرلمان، وتشكيل لجنة مشتركة من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وبحد أقصى خمسة عشر عضواً عن كل مجلس"، بنود إضافية تضمنها الاتفاق الذي أعلن عنه المتحدث العسكري.
دون لقاء مباشر
ولكن الاتفاق الذي كشفت مصر تفاصيله لم يجد وفاقا حقيقيا على الأرض بين أطراف النزاع إذ غادر الثلاثة أمس دون لقاء فيما بينهم، و وفقما كشفت وسائل إعلام ليبية فإن حفتر رفض الاجتماع بالسرّاج، طارحا شروطا تتعلّق بتعديلات واسعة في الاتّفاق السيّاسي الذي تم التوصل إليه في مدينة الصخيرات عام 2015.
ويسيطر خليفة حفتر وبرلمان طبرق على المعسكر الشرقي بينما تتخذ حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات طرابلس مقرا لها في الغرب، وينازعها هناك حكومة الإنقاذ الوطني السابقة بقيادة خليفة الغويل.
ونجحت قوات خليفة حفتر سبتمبر من العام الماضي في انتزاع السيطرة على الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي من قبضة قوات حرس المنشآت التي كانت تؤيد حكومة الوفاق الوطني، ووجه حفتر في وقت سابق نداء لقواته للاستنفار استعدادا لدخول طرابلس حيث مقر قيادة حكومة الوفاق والسيطرة عليها.
حوار سابقوقبل شهر ونصف من الآن استضافت مصر حوار في القاهرة بين الأطراف الليبية المتنازعة واتفقوا على "وحدة التراب، والجيش، وحرمة الدم، وقبول الآخر، والحفاظ على مؤسسات الدولة، ورفض التدخل الأجنبي" كان الخلاف حول كانت في الدعوة لتعديل الاتفاق السياسي وإعادة النظر في من يتولى مهام القائد الأعلى للجيش، وإعادة هيكلة المجلس الرئاسي وإعادة النظر في تركيب مجلس الدولة.
مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية قال إن القاهرة لو نجحت في الجمع بين خليفة حفتر وعقيلة صالح وخليفة الغويل وفايز السراج و عبدالله الثني رئيس الحكومة السابقة على طاولة واحدة تستطيع حل المشكلة الليبية المستعرة منذ سنوات.
خطوة مهمة
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية":" الواضح أن هناك استجابة لنداء تسوية الصراع بدرجة أو بأخرى"، معتبرا زيارة الثلاثي الليبي لمصر خطوة مهمة جدا في سبيل الحل.
وأفاد بأن الوفاق في الشأن الليبي ليس صعبا، لأن القضية الليبية أقل القضايا العربية تدويلا، والأطراف الدولية المتدخلة بقوة قليلة، لذلك يجري التأكيد كل مرة في جلسات الحوار الوطني الليبي في القاهرة على رفض التدخل الأجنبي.
وعن رفض الأطراف المشاركة لقاء بعضهما بشكل مباشر، رأى غباشي أن ذلك متوقع في اللقاء الأول ولكن في اللقاءات التالية ربما يكون الأمر أسهل وأيسر.
الوفاق ليس قريبا
من جانب آخر رأى الدكتور محمد سيد أحمد الخبير السياسي أنه لا يلوح في الأفق أن ثمة حل توافقي قريب للأزمة رغم المساعي والدعوات الحقيقية للم الشمل من دول الجوار خاصة مصر.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن الزيارة في حد ذاتها تمثل انفراجة، وخطوة هامة، خاصة أن مصر عنصر فاعل وطرف أصيل وقادرة على حلحلة المواقف التي يتبناها أطراف الصراع.
ولكن في الوقت نفسه استبعد أن يكون هناك حل في المدى القريب فالأمر بحسب ما يرى ليس بهذه السهولة.
الميليشيات الأخرىولفت سيد إلى أن المشكلة الأكبر أن هناك مناطق كثيرة في ليبيا لا يسيطر عليها المدعوين للقاهرة في ليبيا، فبعض المناطق يسيطر عليها إسلاميين متشددين ومليشيات تابعة لقبائل.
وتابع:" القوى الفاعلة على الأرض ليس لها تمثيل في الحوارات الليبية، وإن كان هناك ممثلين عنهم، هل تقتنع بهم دول الجوار".
وذكر الخبير السياسي أن الصراع الليبي يختلف عن السوري في أن الأخير بين حكومة مركزية يقودها بشار الأسد والمعارضة معروفة ومعروف تمثيلها، بينما في ليبيا معايير القوى غير معروفة وكذلك باقي الفصائل.