وجوه تبدو متماثلة، ومرجعية اقتصادية تظهر وكأنها مدرسة واحدة، وأعمار في سن متقاربة.. بهذه العبارات يقيم خبراء اقتصاديون التعديل الوزاري الجديد بحكومة شريف إسماعيل، والذي تضمن 9 وزارات منها وزارة التموين والتخطيط واندماج وزارة الاستثمار مع التعاون الدولي فيما يخص المجموعة الاقتصادية.
واعتبر خبراء أنّ أزمة مصر هي الاستمرار في اتباع السياسات الخاطئة وأن التعديل الوزاري الجديد لا يحمل جديدًا، ولن يكون إضافة إذا لم يصاحبه تغيير فى السياسات وبرنامج واضح الملامح تعمل الحكومة من خلاله.
وصوّت مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبدالعال، الثلاثاء، على تغيير 9 وزراء، إضافةً إلى تعيين 4 نواب لوزيري الزراعة والتخطيط.
وفي المجموعة الاقتصادية، تم تعيين علي مصيلحي وزيرا للتموين والتجارة الداخلية، وأستاذة الاقتصاد هالة السعيد وزيرة للتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، وضم وزارة الاستثمار لوزارة التعاون الدولي بقيادة الدكتورة سحر نصر.
ويعد هذا التعديل هو الثالث في حكومة شريف إسماعيل والتي تولت المسؤولية في سبتمبر 2015، إذ سبق أن أجرت تعديلًا في مارس2016 شمل حينها 10 حقائب وزارية، بجانب تغيير وزير التموين الأسبق خالد حنفي في سبتمبر بموافقة برلمانية.
وتواجه الحكومة الحالية انتقادات واسعة، بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، والتي انعكست على ارتفاع ملحوظ في أسعار كافة السلع، لا سيما بعد قرار تحرير سعر صرف العملة المحلية في نوفمبر 2016.
وتعاني مصر من تراجع معدل النمو وسط تفاقم عجز الموازنة وارتفاع معدلات التضخم وتراجع إنتاج الشركات والمصانع وندرة العملة الأجنبية وتراجع إيرادات وأعداد السائحين والاستثمارات الأجنبية وإيرادات قناة السويس، وفق بيانات رسمية وتقارير اقتصادية.
تغيير وجوه
خبراء الاقتصاد وأعضاء في مجلس النواب، أكدوا أن التعديل الوزاري، خاصة في المجموعة الوزراية، لا يرقى للتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، خاصة في ظل ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات المقدمة للمواطنين، في الوقت الذي عبر فيه آخرون عن وجود بوادر بتعيين عدد من الوزراء الجدد لديهم شخصية اقتصادية وخبرة طويلة.
الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، رأى أن هناك استجابة من رئيس الوزراء بأهمية إحداث تغيير ملموس فى المجموعة الخدمية والاقتصادية، وهو ما اعتبره أمر جيد يستحق الإشادة.
وأضاف نافع، في تصريحات لـ"مصر العربية": "هناك أيضًا أسماء مبشّرة جدًا فى التعديل وأهمها اسم الدكتورة هالة السعيد لأنه سيكون لدينا وزيرة اقتصاد فضلًا عن التخطيط وهذا أيضًا يحمل فى طياته استجابة جيدة من رئاسة الوزراء.
وتابع: "أراهن أيضًا على الدكتور هشام الشريف الذى يمكنه أن يحدث تغييرًا جذريًا فى الإدارة المحلية للبلاد فقط لو تلقى الدعم المطلوب من الرئاسة، وكذلك أعتقد أن اختيار الدكتور على مصيلحى كان موفقًا لوزارة التموين والتجارة الداخلية.
وفيما يتعلق بضم وزارة الاستثمار إلى التعاون الدولى، أوضح نافع، أنه ربما يكون ذلك تمهيدًا لإلغاء الوزارة نظرًا لأنها تضطلع تقريبًا بذات المهام الموكلة إلى الهيئة العامة للاستثمار وربما كان لنجاح الدكتورة سحر نصر فى مهامها المنوطة بها دور فى تحملها تلك المسئولية لفترة لا أظنها طويلة خاصة وأن عمر الوزارة محكوم بانتخابات رئاسية وشيكة.
وأنهى نافع، تصريحاته: قائلًا: "التقييم النهائى للتشكيل لن يكون حاضرًا إلا بعد مرور الحكومة بتشكيلها الجديد، بأهم اختبار وهو السيطرة على وحش التضخم وهذا يتطلب مهارة فى العمل ضمن فريق ويتطلب انسجام الفريق الوزارى بالكامل".
السياسة الاقتصادية
من جانبه، قال رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، إن هذا التغيير لن يُحدث أي جديد في السياسية الاقتصادية المصرية، فهو تغيير وجوه فقط، وليس تغيير فكر، ولا أعتقد أن الوزراء الجدد سيكون لهم أي دور إلا ما رُسم لهم مسبقًا.
وأضاف عيسى، في تصريحات لـ"مصر العربية": "ضم وزارة الاستثمار لوزارة التعاون الدولي، قرار غير صائب، لأن لكل وزارة عمل منوط به، والوزيرة الموجودة حاليًا وهي الدكتورة سحر نصر، والتي جمعت بين الوزارتين، لن تستطيع القيام بمهام كل منهما، لأن لكل منهما عمل غير الآخر".
وعن وزارة التخطيط، قال عيسى: "أول سؤال يجب أن نجد له إجابة، ماذا سيحدث في رؤية 2030 التي وضعها الدكتور أشرف العربي؟"، وأضاف: "الدكتورة هالة إضافة للوزارة لو طبقّت ما كتبته في العديد من مؤلفاتها، فالدكتورة هالة كفكر خارج الوزارة لا غبار عليه، أم داخل الوزارة لن نستطيع الحكم عليها قبل أن نراها تعمل".
حسين صبور، الرئيس الفخري لجمعية رجال الأعمال المصريين، قال إن التغيير الوزاري لم يكن عادلا، فهناك وزراء عملوا بجد واجتهاد الفترة السابقة، وتم تغييرهم، كوزير التخطيط ووزير النقل.
وأضاف صبور، في تصريحات لـ"مصر العربية": وزير التموين علي المصيلحي، ووزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد، إضافة جيدة جدًا لوزارة المهندس شريف إسماعيل، مضيفًا: “المصيلحي وزير من العهد البائد، ولأول مرة نأتي بكفائه مثل الدكتور مصيلحي وننسى مثل هذه المصطلحات".
برنامج سيئ
ورفض النائب هيثم الحريري، عضو تكتل “25 - 30"، التعديل الوزاري جملة وتفصيلا، مؤكدًا أن حل الأزمات الحالية لن يكون بتعديل وزاري أو حتى تغيير كامل للوزارة، وأكد على أن التعديل الوزاري لن يضيف أو يغير في الأمر شيئا، خاصة فيما يتعلق بأوضاع الشارع، منوهًا أن الحل الوحيد للمأزق الحالي تغيير شامل في السياسيات وبرامج الحكومة.
وتساءل في تصريح سابق لـ"مصر العربية": "ماذا يفيد تغيير أشخاص في ظل برنامج حكومي سيئ وسياسيات أسوأ؟"، وأرجع أسباب فشل الحكومة إلى عدة عوامل، أهمها عدم استخدام مجلس النواب لأدواته وعدم وجود رؤية واضحة حقيقية قابلة للتنفيذ، مشيرًا إلى أن الدستور أعطى لمجلس النواب الحق في إلزام الحكومة بسياسات جديدة تسير عليها واختيار وزراء قادرين على تحمل المسؤولية.
بدوره، انتقد النائب محمد فؤاد، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب الوفد التعديل الوزاري، قائلا: "ماذا يصنع التعديل الوزاري في فشل الحكومة الذريع في ملفات الاستثمار والتعليم والتموين والصحة والإدارة المحلية والسياحة والثقافة والسياسات المالية المتخبطة؟".
وأضاف فؤاد، في بيان له، أنه بغض النظر عن رفض التعديل في حد ذاته والمطالبة في أكثر من مرة بتغيير الحكومة بأكملها إلا أنه لا يمكن فهم بأي منطق أبقى شريف إسماعيل على وزير الثقافة حلمي النمنم رغم التخبط والفشل الواضح، أو وزير الصحة أحمد عماد رغم عجزه عن حل أزمة نقص الدواء وارتفاع أسعاره التي لا تزال قائمة.
وأكد أنه لا بديل عن تغيير شامل يأتي برئيس وزراء قوي قادر على قيادة مرحلة التحول الاقتصادي الحالية وقادر على التنسيق بين وزراء المجموعة الاقتصادية، لافتًا إلى أنّ هذه المرحلة لا تحتمل المزيد من التخبط وضعف التنفيذ.
وتابع فؤاد أنّ حزب الوفد كان يرى الإبقاء على 6 وزراء فقط في حكومة شريف إسماعيل، وهم: "التضامن والتعاون الدولي والتخطيط والهجرة والمصريين بالخارج والشباب والرياضة والشئون القانونية بمجلس النواب"، مستنكرًا الإطاحة بالمستشار مجدي العجاتي.