في فبراير 2015، أطلق اتحاد الصناعات المصرية واتحاد بنوك مصر دراسة بعنوان "مشروع التحول إلى الاقتصاد غير النقدي" والتي شملت مشروع قانون مقترح لتحفيز وتنظيم المعاملات المالية غير النقدية. وقالت الدراسة إن النظم المالية الرقابية في كل أنحاء العاملة اتجهت للأخذ بسياسات وقوانين وبرامج لتحفيز الحد من التعامل النقدي والانتقال تدريجيًا إلى الاعتماد على نظم المدفوعات المصرفية والبريدية والإلكترونية لما تحققه من كفاءة اقتصادية وسلامة في التعاملات، وحد من الجرائم الاقتصادية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي وغيرها.
وخلال الفترة الماضية، اتخذت مصر بالفعل عدة خطوات في اتجاه زيادة استخدام التعامل المالي الإلكتروني، فبعد انتشار بطاقات البنوك، والقيام بتحويل صرف أجور موظفي الحكومة وأصحاب المعاشات من الطريقة اليدوية المباشرة إلى نظام الصرف عبر البطاقات، وإتاحة تعاملات البيع والشراء عبر الإنترنت، تمت إتاحة خدمة تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول أيضًا.
وفي نوفمبر الماضي، وافق المجلس الأعلى للاستثمار في أول اجتماع له بعد تشكيله برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على إنشاء ما يعرف بالمجلس القومي للمدفوعات، ضمن عدة قرارات تستهدف إصلاح بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وإقامة المشروعات الجديدة، وتوفير فرص العمل، وتسهيل الإجراءات.
قبل أن يصدر قرار جمهوري مؤخرا ببدء تفعيل في خطوة من شأنها العمل على خفض استخدام النقد خارج البنوك وتحفيز طرق الدفع الإلكتروني.
ويختص المجلس بتطوير نظم الدفع القومية وأطر الإشراف عليها، للحد من المخاطر المرتبطة بها، من أجل خلق نظم آمنة وذات كفاءة وفعالية، وتحقيق الشمول المالى بهدف دمج أكبر عدد من المواطنين فى النظام المصرفى.
وكذلك ضم القطاع غير الرسمى إلى القطاع الرسمى، وتخفيض تكلفة انتقال الأموال وزيادة المتحصلات الضريبية، وحماية حقوق مستخدمى نظم وخدمات الدفع، وتحقيق تنافسية سوق خدمات الدفع وتنظيم عمل الكيانات القائمة ورقابتها، وفقا لما أوضحه البيان الرئاسي.
الخبير اﻻقتصادي، الدكتور مدحت نافع، قال إن إنشاء المجلس القومي للمدفوعات يساهم في تحقيق عدة جوانب إيجابية مختلفة، موضحا أن تحديد حركة اﻷموال خارج الشأن المصرفي، تأتي في مقدمة مهام المجلس.
وأضاف في تصريحاته لـ"مصر العربية" أن المجلس من المقرر أن يساهم في ضبط عمليات غسيل الأموال للشركات والهيئات اﻻقتصادية، كما يقضي على الاقتصاد غير الرسمي وغير المقنن، مشيرا إلى أنه يساهم في حصر ورصد الأموال غير المقننة والواضحة لدى الجهات الاقتصادية الرسمية.
ولفت إلى أن المجلس القومي للمدفوعات يساعد في الحصول على أموال الضرائب من مختلف الجهات المفروض عليها نسب مستحقة للدولة، كما أنه يساهم في دفع حركة عجلة اﻻستثمار وجودة المنتج بعيدا عن اﻻختلاسات وغسيل اﻷموال.
وتوقع الخبير اﻻقتصادي، أن يؤتي المجلس القومي للمدفوعات ثماره اﻹيجابية بشكل سريع، مرجعا ذلك إلى اعتماد المجلس على احتكاكه بواقع السوق المحلي مما يساهم في معرفة الخفايا الداخلية داخل أروقة الاقتصاد بكافة تفاصيله، بداية من السوق الرسمي والمصارف وانتهاء بالسوق السوداء.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن المجلس القومي للمدفوعات من المحتمل أن يتم إسناده إلى وزارة العدل في البداية أو إسناده إلى البنك المركزي المصري، مرجحا أن يتم إسناده إلى اﻻحتمال الثاني بشكل كبير.
دور رقابي
وتحديدا لدور المجلس، أشار الخبير اﻻقتصادي الدكتور خالد رفعت، مدير مركز طيبة للدراسات واﻷبحاث، إلى أن الدور الحقيقي للمجلس يعد في الأغلب دورا رقابيا في المرتبة الأولى، موضحا أنه يحتمل أن ينوط به أيضا التدخل في السوق لضبط قنوات ضبط العملة والمساهمة في القضاء على السوق السوداء.
وكشف في تصرحاته لـ"مصر العربية" أن المجلس القومي للمدفوعات يحتاج إلى على اﻷقل شهرين للبدء الفعلي في ممارسة اختصاصاته وتنفيذ مهامه المنوط بها، مشيرا إلى أن هناك عدة إجراءات مسبقة سيتم اتخاذها مثل إنهاء الملفات الرسمية للمجلس واعتماد عدة قرارات من الرئاسة ومن بعدها مجلس الوزراء ثم وزارة المالية والجهات الحكومية لدعم سبل التواصل والتبادل المشترك بين الهيئات.
وأكد " رفعت" أن أهم المميزات التي يقدمها المجلس لحل اﻷزمات الصعبة التي يمر بها اﻻقتصاد المصري تأتي في مقدمتها القضاء على نسب التضخم الكبيرة الموجودة في السوق، موضحا أنه يساهم أيضا في تقليل السيولة خارج البنوك بشكل سريع. واشار الخبير اﻻقتصادي إلى أن ذلك القرار يأتي ضمن عدة قرارات تستهدف إصلاح بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وإقامة المشروعات الجديدة، وتوفير فرص العمل، وتسهيل الإجراءات.
وإثر صدور القرار، قام النائب بمجلس النواب، هشام والى، بتوجيه الشكر للرئيس السيسي على قراره بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات، معتبرا ذلك القارا نقلة نوعية فى تاريخ مصر. وأضاف "والي"، في تصريحات له، أنه بموجب هذا القرار، سوف تدخل مصر من البوابة الإلكترونية فى كافة المعاملات المالية، قائلا: إننا نستطيع أن نقضي على الرشاوى أو المحسوبيات بموجب هذا القرار، حيث إن كل ما سيدفع من خدمات حكومية سيكون إلكترونيا، وبالتالى لن تكون هناك فرصة للرشوة أو ابتزاز موظف فاسد. وأشار إلى أن هذا المجلس كونه برئاسة رئيس الجمهورية يعطى أمانا وثقة ورغبة حقيقية فى القضاء على الفساد المالى من جانب بعض الموظفين، ويدفع عجلة الاستثمار الى الامام، بحسب قوله. وتابع "والي" قائلا: هذا المجلس يعمل على خفض استخدام النقود الورقيةخارج القطاع المصرفي، ويعمل على ضم القطاع غير الرسمي للقطاع الرسمي، ويقدم حماية نقدية آمنة، مطالبا جميع الجهات بمعاونة الرئيس فى تنفيذ القرار الجمهوري بشأن انشاء المجلس القومى للمدفوعات.
وقال الخبير اﻻقتصادي، وائل النحاس، إنه "ﻻ أحد يعرف ما يحمله المجلس من أهداف ومدى مساهمته في تقديم إيجابيات مصرفية واقتصادية شاملة، معلقا ذلك على غموض القرار المتعلق به وعدم كشف الكواليس التي تدور حول إنشاء المجلس.
وأكد "النحاس" في تصريحاته لـ"مصر العربية" أنه لن يستطيع أحد الحكم على إيجابيات المجلس أو كشف السلبيات الني تحملها قراراته بين طياتها، مرجعا ذلك إلى أن الفكرة تعد جديدة وحديثة بالنسبة للاقتصاد المصري، وخاصة أنها تعد المرة اﻷولي التي يتم إنشاء ذلك المجلس في مصر.
ووفقا لبيانات البنك المركزي، وصلت قيمة الزيادة في النقد المصدر والمتداول خلال السنة المالية 2015-2016 إلى 54.4 مليار جنيه بنسبة 17.3%، ليصل رصيد النقد المصدر بنهاية يونيو الماضي إلى 369.3 مليار جنيه.
وأُنشأ مجلس المدفوعات القومى برئاسة عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية ويتضمن المجلس 16 عضو.
ويضم المجلس كلا من "رئيس مجلس الوزراء وينوب عن رئيس المجلس حال عدم حضوره
- محافظ البنك المركزى المصرى -وزير الدفاع والإنتاج الحربى -وزير التخطيط والإصلاح الإدارى-وزير الداخلية-وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات-وزير العدل -وزير المالية".
بالإضافة إلى "ئيس جهاز المخابرات العامة-رئيس هيئة الرقابة الإدارية-نائب محافظ البنك المركزى المصرى المختص بنظم الدفع-رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية-رئيس مجلس إدارة أحد البنوك ويصدر بتعيينه لمدة عامين قرار من المجلس بناءً على ترشيح محافظ البنك المركزى-وكيل المحافظ أو وكيل المحافظ المساعد للبنك المركزى المصرى المختص بنظم الدفع -مستشار قانون ويصدر بتعيينه لمدة عامين قرار من المجلس-مقرر للأعمال يحدده المجلس دون أن يكون له صوت معدود".
وتحدد 5 اختصاصات للمجلس، وذلك مع عدم الإخلال بما لمجلس إدارة البنك المركزى من سلطات واختصاصات وفقاً لقانون البنك المركزى والجهاز المصرى والنقد، وتمثلت هذه الاختصاصات فى خفض استخدام أوراق النقد خارج القطاع المصرفى ودعم وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية فى الدفع بدلاً عنه.
كما تشمل اختصاصاته تطوير نظم الدفع القومية وأطر الإشراف عليها للحد من المخاطر المرتبطة بها من أجل خلق نظم أمنة وذات كفاءة وفاعلية والعمل على تحقيق الشمول المالى بهدف دمج أكبر عدد من المواطنين فى النظام المصرفى وضم القطاع غير الرسمى إلى القطاع الرسمى وتخفيض تكلفة انتقال الاموال وزيادة المتحصلات الضريبية
فضلا عن حماية حقوق مستخدمى نظم وخدمات الدفع وتحقيق تنافسية سوق خدمات الدفع وتنظيم عمل الكيانات القائمة ورقابتها.