باحث إسرائيلي محذرا السيسي: إياك والاستهتار بالمصريين

الرئيس عبد الفتاح السيسي

"ما هي الخطوة القادمة للرئيس السيسي؟".. تحت هذا العنوان جاء مقال الباحث في شئون الشرق اﻷوسط بجامعة تل أبيب "بروس مادي فايتسمان" عن الصعوبات التي أصبحت تواجه المجتمع المصري بعد اﻹجراءات الاقتصادية التي اتخذها الرئيس السيسي خلال الفترة الماضية.

 

وحذر الباحث -في المقال الذي نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" اﻹسرائيلية اليوم السبت - نظام السيسي من خطورة تجاهل هذه الصعوبات والاستهتار بغضب الشعب، حتى لا تكون هناك تداعيات سياسية كبيرة على النظام.

 

وفيما يلي نص المقال:

 

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في السلطة منذ حوالي عامين ونصف، يسعى بشدة لتوطيد حكمه، واستند في ادعائه بالشرعية على صيغة مألوفة تتبعها الأنظمة الاستبدادية، وهي لف نفسه في علم الوطنية، بجانب وعود بتحسين الوضع الاقتصادي، والاستقرار، كما استخدم القمع الشديد للمعارضة، وفرض رقابة صارمة على منظمات المجتمع المدني المستقلة، ووسائل الإعلام، وحتى على استقلال القضاء.

 

وحتى وقت قريب، كانت تعمل هذه التوليفة جيدا، بجانب الحاجة إلى التعامل مع التمرد العنيف المستمر في سيناء والهجمات الإرهابية، ومما أكد الدعم الشعبي للسيسي حضوره مؤخرا احتفالات عيد الميلاد بعد أسبوعين فقط من تفجير مروع استهدف الكنيسة المرقسية، وكانت رسالة قوية لدعم الأقلية القبطية.

 

ومع ذلك، فقد أصبحت اﻷوضاع صعبة خاصة بالنسبة للمصريين العاديين.

 

وكما كتب الأستاذ بجامعة تل أبيب "بول ريفلين" في يوليو 2016، إن التفاؤل حول الاقتصاد المصري بسبب زيادة إيرادات قناة السويس، و اكتشاف احتياطيات كبيرة للغاز الطبيعي قبالة ساحل مصر على البحر المتوسط، قد تبددت.

 

إيرادات السياحة - أحد الدعائم الأساسية للاقتصاد- تراجعت بنسبة 50٪ خلال اﻷعوام الماضية، بعد سقوط طائرة الركاب الروسية، وذلك تواكب مع زيادة عدد سكان من 17.3 مليون نسمة إلى 94 مليون نسمة خلال العقود الماضية، وما يعنيه ذلك من أعباء على الخدمات الاجتماعية، والنظام التعليمي، وسوق العمل الذي يتقلص. وبحسب إحصاءات رسمية وصلت نسبة البطالة لـ 14٪.

 

تواجه الحكومة مشكلة عجز كبيرة في الموازنة، ونقص حاد في العملات الأجنبية، حكومة السيسي حصلت على قرض من صندوق النقد الدولي بـ 12 مليار  دولار، بعد اتخاذها الكثير من اﻹجراءات الاقتصادية الصعبة بما فيها فرض ضريبة "القيمة المضافة"، وتخفيض دعم الطاقة، وتحرير سعر الصرف، وتقليص القطاع العام المتضخم.

 

ويواجه المصريون نقصا حادا في السلع الأساسية، بدءا من السكر للدواجن والأرز إلى الأدوية، وصب المصريون جام غضبهم على نقابة الصيادلة بسبب ارتفاع الأسعار أو الرفوف الفارغة، وهي بدورها، اتهمت شركات الأدوية والحكومة.

 

وفي الوقت نفسه، فإن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي نفذ على قدم وساق، وصدر قانون الخدمة المدنية الذي يهدف إلى خفض عدد موظفي القطاع العام.

 

وفي نوفمبر، وصلت الدفعة الأولى، البالغة 2.75 مليار دولار إلى الخزائن المصرية، بعد أيام من قرار  تعويم الجنيه - الذي انخفضت قيمته للنصف ووصل سعر الدولار لـ 18 جنيها- وفي الوقت نفسه، تم خفض دعم الطاقة مما ساهم في زيادة أسعار.

 

بالنسبة للمستوردين والمستثمرين فإن تحرير سعر الصرف كارثة جديدة، وارتفع التضخم وبلغ 24٪ في ديسمبر  الماضي، في حين ارتفعت أسعار بعض السلع ﻷكثر من 80٪.

 

وأشادت الوكالات الدولية، والمحللون بخطوات الحكومة، ويقال إن المستثمرين ينظرون لمصر بشكل إيجابي، كما توقعت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" معدلات نمو بلغت ما بين 4 و4.5 خلال العامين المقبلين.

 

الرئيس السيسي نفسه طالب المصريين بالتحلي بالصبر لمدة ستة أشهر ، حتى تبدأ الآثار الإيجابية للإصلاحات في الظهور، وبحلول ذلك الوقت، فإن سعر الصرف سوف يستقر، ويفتتح مصنعا للأدوية، بحسب السيسي.

 

وبجانب ذلك، بدأ الجيش - باستخدام ميزانيته الخاصة - في إقامة مشاريع جديدة مثل مصنع الأسمنت، وتربية الأسماك واستيراد كميات كبيرة من الماشية لتوفير اللحوم بأسعار معقولة.

 

وفي إشارة إلى الجيش كان يقول السيسي: إنها المؤسسة الوحيدة في البلاد التي يثق فيها.

 

مصر مضطربة خلال أزماتها الاقتصادية السابقة، وسوف تكون هناك موجة من الاضطرابات قد تجعل حكم السيسي في خطر، إذا لم يتدارك النظام نفسه، ولن يكون من الحكمة تجاهل هذه المشاكل والصعوبات الكبيرة التي تواجه المجتمع المصري، حتى لا تكون هناك تداعيات سياسية.

 

الرابط الأصلي

مقالات متعلقة