ثوار الكرة| سقراط.. الطبيب اليساري الذي قال للعسكر لا

سقراط

 

العشق والثورة دائما متلازمان وما بينهما هنالك الكثير من التشابهات.

 

بين العشقين رجال فهموا المغزى وأدركوا الحقيقة، حقيقة أن هناك وجه آخر وأنها أكثر من مجرد لعبة.. في القصص التي نرويها نجد معاني كثيرة.. نجد نضالا وتحرر.. نرى من كانوا على استعداد للتضحية من أجل القضية.    

في ثوار الكرة سنتعرف معا على الوجه الآخر للكرة ربما يكون هو الوجه الأكثر صدقا من بين وجوه عديدة.. "استاد مصر العربية" يقدم ثالث حلقات ( ثوار الكرة ).

 

 

كان الفيلسوف الإغريقي سقراط يصول في الشوارع والأسواق لينشر الحكمة والموعظة بين العامة أما بطل قصتنا فقد صال وجال الملاعب باحثا عن الحرية والعدل باحثا عن المدينة الفاضلة "يوتوبيا" التي تحدث عنها الفيلسوف الأول.

 

قصتنا في أرض السحر والسامبا حيث كرة القدم بمثابة إله مقدس.. .. سقراط.. الطبيب اليساري الذي قال للعسكر لا.

 

سوكارتس (سقراط) برلزيليرو سامبيو دي سوزا فيريا دي اوليفيرا هذا هو الاسم الكامل للاعب البرازيلي الشهير سقراط الذي ولد في مدينة بيليم بالـ19 من فبراير 1954.

 

لم يكن سقراط كغيره من لاعبي البرازيل أنذاك فقد ولد لأسرة متوسطة الحال ومثقفة على عكس معظم لاعبي جيله كما أنه كان مثقفا وصاحب قضية، وعرف أن كرة القدم يجب استغلالها من أجل القضية التي يؤمن بها على النقيض من باقي اللاعبين الذين كانوا لا يبرعون إلا في الكرة فقط..

 

بدأ سقراط كرة القدم متأخرا وهو في سن الـ24 فقد أراد أن ينهي دراسته الجامعية أولا- حيث كان في كلية الطب وعمل طبيبا للأطفال بعد ذلك- ومن ثم التفرغ لمعشوقته الأولى، فبدأ مسيرته مع بوتافاجو ثم كورثيانز ثم الرحيل لإيطاليا إلى فيورنتينا ثم العودة مرة أخرى لفلامنجو وعدة أندية أخرى.

 

لن نتكلم هنا عما فعل سقراط مع السيليساو في كأسي العالم 82 و86 كما لن نتكلم عن هدفه الرائع في شباك السوفييت في البطولة الأولى ولا البطولات التي حققها مع الأنديةالبرازيلية  بل سنتكلم عن فلسفة "سوكارتس" الذي جعلته رغم قصر فترته في الملاعب واحدا من أعظم لاعبي الكرة عبر التاريخ.

 

كرة القدم للمتعة فقط ولا لشئ آخر سواها.. هكذا كان مبدأ سقراط، الذي كان يؤمن بالفكر اليساري والشيوعي،  لذلك لم يستطع التأقلم مع الفيولا في إيطاليا بسبب ضغوط الكالتشيو وتحول اللعبة إلى صناعة وفضل العودة سريعا إلى بلاده قائلا جملته الشهيرة "إنها المدينة الجميلة والرجل القبيح" في إشارة لمدينة فلورانسا.

 

صنع سقراط ما لم يصنعه أي لاعب في التاريخ الساحرة المستديرة فمن خلال ناديهكورنثيانز اتجه "سوكارتس" لمقاومة نظام الحكم الديكتاتوري العسكري في بلاده، وأسس "ديمقراطية كورنثيانرز" التي جعلت كل فرد في النادي البرازيلي يأتي بالانتخاب بدءا من رئيس النادي وحتى عامل غرف خلع الملابس كما كانت مواعيد التدريبات والغذاء وغيره أيضا عن طريق الديموقراطية.

 

جعل هذا الأمر نادي كورنثيانز منبرا لمعارضة النظام العسكري البرازيلي، الذي بدأ في 31 مارس 1964 بانقلاب الجيش البرازيلي على الرئيس المنتخب جواو جولارت وانتهت في مارس 1985، وهو الأمر الذي لفت أنظار العالم تجاه الظلم والقهر الذي يعاني منه الشعبالبرازيلي. 

 

ارتدى سقراط ورفاقه قميص الفريق وعليه شعار "ديموقراطية" في كل مبارياتهم  كما نظموا مظاهرة رافضة للمعاملة التي يتلقاها الرياضيون من العسكر.

 

وعلى نهج أبطاله في الصغر كاسترو وجيفارا لم يتوقف أبدا سقراط عن محاربة الفساد والظلم فحتى بعد اعتزاله الكرة قرر محاربة فساد الأندية وألف كتابا أسماه "فلسفة كرة القدم" وهو الكتاب الذي قال فيه "الجمال يأتي أولا ومن بعده يأتي النصر ولكن في كل الأحوال المتعة هي الأهم".. جملة لربما إذا سمعها الفيلسوف الإغريقي سقراط لأعجب بها.. سقراط كان واحدا من ثوار الكرة.

 

مقالات متعلقة