عبدالغفار مصطفى يكتب: المعرفة أساس نهضة اليابان.. ومصر أين؟

المعرفة هي أساس النهضة والتحرر لأي أمة منضبطة بعيدة عن العشوائية وفوضي القرارات والاتجاهات واحتكار الحقيقة.. أي أن تبدأ هذه الأمة التي تريد أن تنهض وتتحرر من الفقر والقيد وتبعية القروض.. هي أن تبدأ من حيث انتهي منه الآخرون والتعلم من أخطائهم واستحضار شروط النهضة التي هي عبارة عن قيم أصيلة إبداعية موازية محاورة للغرب لكنها استيعابية تجاوز منتج القيمة الحضارية والاستقلال الفكري.

 

ولأني شغوف بالقراءة وأنفق الكثير من أجلها حصلت علي كتاب التجربة اليابانية.. دراسة في أسس النموذج النهضوي للباحث المغربي سليمان بونعمان.

 

ولما كانت تجارب الآخرين هي جسر مشت فيه أمم فمنها من اجتهد وأصاب ومنها من اجتهد وأخطأ.. والاجتهاد سلوك محمود لكن البداية أهم من ألا تكون.. فالتجربة النهضوية اليابانية هي نموذج ملهم للشعوب الجادة التي ترغب في إزالة أغلال التخلف والضعف والانكسار.. اذ استطاع اليابانيون بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية الإقلاع بتجربتهم النهضوية الصناعية لينافسوا الدول الغربية بل ويتفوقوا عليها في مجالات صناعية مختلفة.

 

ولزاما علي أي عاقل في مصر أن يسأل نفسه لماذا عجزنا ومازلنا في دائرة الدول المستهلكة التي تقتات علي منتجات الدول الصناعية.. بينما اليابان التي خربتها الحرب العالمية الثانية استطاعت أن تنمو وتحتل مركزا متقدما في الدول الصناعية وتصدر مواطنوها القائمة في التعليم والصحة ودخل الفرد والتصدير.

 

القاريء للكتاب يلمس التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية والحضارية التي شهدتها اليابان منذ القرن 17 تلك التطورات التي هيأت الظروف التاريخية وأنضجت الشروط الحضارية للنهضة اليابانية.

 

أيضا يلمس القاريء أن ثقافة اليابان هي ثقافة انفتحت علي الآخرين مع محافظتها علي قيمها وأصولها بالإضافة إلى منهج الديناميكية حيث اندفع اليابانيون إلى النهم من المعارف الأخرى كالصينية والغربية وأقبلوا على ترجمة الكتب والتعليم الذي كان له الدور الأساسي والمركزي في نهضة اليابان وهو ما أشار إليه أستاذ التاريخ بها رفارد - إيدين راشاهير- الذي قال: علينا أن نعترف بأن التعليم خلق نجاح المجتمع الياباني. أما الاقتصادي الياباني "دوكو" قال عن عبقرية الإنسان الياباني.. إن المصانع ليست إلا أسرة.. إنها حياة العائلة الواحدة.. هكذا حفرت اليابان اسمها في كتاب التاريخ وتراثه الأصيل.. فهل تعي مصر كدولة أهمية أن تحفر اسمها في كتاب التاريخ ليس اعتمادا على ماض ورثناه ولم نشارك فيه أو نطوره وإنما في حاضر يؤثر في واقع الإنسانية.

 

ذلك الواقع المؤلم المتخبط  الذي يعيشه المواطن المصري الآن من ديون يتوقع وصولها حسب رأى المراقبين 4’ 102مليار دولار عام 2020 ووفقا لصندوق النقد الدولي  .. وعلى هذا الصعيد وضعت وكالة بلومبيرج العالمية مصر ضمن الدول الأعلى المخاطر في خريطة أعدتها عن درجات المخاطر في دول العالم واعتمدت فيها على 29 مؤشرا لقياس المخاطر المالية والاقتصادية والسياسية حيث احتلت مصر المركز 71 من بين 28 دولة وفقا لدرجة المخاطر من الأقل للأعلى.

مقالات متعلقة