قضت محكمة النقض، اليوم الاثنين، برفض الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية مذبحة بورسعيد التي راح ضحيتها 72 قتيلا من جماهير نادي الأهلي، أيدت عقوبات السجن والإعدام الصادرة ضدهم من محكمة الجنايات.
"استاد مصر العربية" يعيد نشر تقريرًا بعنوان "مذبحة استاد بورسعيد.. حين أنهت صافرة حكم حياة 72 شابا".
90 دقيقة اكتملت.. دقائق ما يعرف بـ"الوقت بدل الضائع" تمضي بطيئة بعد أن حُسمت النتيجة لصالح أصحاب الأرض، والجميع ينتظر صافرة روتينية من حكم المباراة لدخول اللاعبين غرف "خلع الملابس"، ومغادرة الجماهير الملعب. إلا أن الأمر لم يسر على هذا المنوال، فما إن وضع الحكم المصري فهيم عمر، الصافرة في فمه، وأعلن نهاية مباراة كرة قدم بين فريقي الأهلى والمصري (البورسعيدي) بمدينة بورسعيد، حتى تحول الاستاد إلى مسرح لأكبر "مذبحة" في التاريخ الرياضي المصري، أوقعت 72 قتيلا من أولتراس النادي الأهلي.
بداية "المجزرة" تصادفت مع نهاية مباراة الأهلي والمصري، في بطولة الدوري العام يوم 1 فبراير 2012، حيث تحول الملعب الذي يضم 22 لاعبا و3 حكام (حكم ساحة وحكمان مساعدان)، إلى ساحة لهجوم من مجهولين حملوا العصى والأسلحة البيضاء، وقاموا بالاعتداء علي جمهور وأولتراس النادي الأهلي، لتلطخ بقع الدم لون الملعب الأخضر، وتتناثر الجثث بين جنباته. ولم يمنع انتهاء المباراة بفوز المصري بثلاثة أهداف أحرزها اللاعب مؤمن زكريا (هدفين) والبوركيني عبد الله سيسي، مقابل هدف أحرزه البرازيلي فابيو جونيور للأهلي، من عدم استهداف مشجعي الفريق المشهور بزيه الأحمر. واليوم.. وبعد سنتين و7 شهور تقريبا (943 يوم)، تعاد محاكمة المتهمين حضوريا في القضية، بعد أن صدر حكم أولي في 9 مارس باعدام 21 شخص من المتورطين في "المذبحة". وفي هذا التقرير نعرض المحطات الرئيسية في هذه القضية.. * الضحايا.. في يوم "المذبحة"، أعلن حسن الإسناوي مدير مستشفى بورسعيد، عن وفاة 72 شخصا، خلال الأحداث التي شهدها الاستاد بالإضافة إلى مئات المصابين. وكيل وزارة
الصحة 1Xads.speakol.com
هشام شيحة، قال وقتها إن الإصابات كلها إصابات مباشرة في الرأس، كما أن هناك إصابات خطيرة بآلات حادة تتراوح بين ارتجاج في المخ وجروح قطعية، في الوقت الذي قالت فيه مصادر طبية في المستشفيات التي نقل إليها الضحايا، إن بعضهم قتلوا بطعنات من سلاح أبيض. وأشارت تقارير مبدئية صادرة عن الطب الشرعي إلى وجود وفيات نتيجة طلقات نارية وطعنات بالأسلحة البيضاء. في الوقت الذي توافد الآلاف من أهالي بورسعيد على المستشفيات لمساعدة الأطباء والممرضين، والتبرع بالدم. * الحداد ونقل الفريق والقتلى.. أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الذي كان يدير شؤون البلاد في حينه) الحداد العام فى جميع أنحاء الجمهورية لمدة ثلاثة أيام، وتشكيل لجنة تقصى حقائق من كافة الجهات المعنية للوقوف على الأبعاد المختلفة للأحداث والعناصر المتورطة فيها. استقبل مطار ألماظة الحربى، شرقي القاهرة، طائرات عسكرية أرسلهما المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقتها، لاستعادة بعثة النادي الأهلي وضحايا الحادث. وقرر رئيس اتحاد لكرة القدم، وقتها، سمير زاهر، إيقاف الدوري المحلي لأجل غير مسمى وإجراء التحقيق وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق. * رد فعل النادي الأهلي.. جمّد مجلس إدارة النادي الأهلي في اجتماع طارئ نشاطات النادي الرياضية، وأعلن الحداد على ضحايا الأحداث، وأعلن مقاطعة النادي بكافة فرقه لأي أنشطة رياضية تقام بمدينة بورسعيد لمدة خمس سنوات. محمد أبو تريكة، لاعب الفريق في ذلك الوقت (اعتزل الكرة أواخر 2013) قال إنه "قام بتلقين أحد المشجعين الشهادة قبيل وفاته"، مضيفا: "هذه ليست كرة قدم وليست رياضة، إنها حرب". عماد متعب، مهاجم الفريق، قال: "هذه حرب وليست كرة قدم بأي حال من الاحوال".
قال محمد بركات، لاعب وسط مهاجم في الفريق (اعتزل في 2013): "لن نلعب كرة قدم فيبورسعيد مرة أخرى، ولا نريد لعب الكرة اذا كان فيها حدث مثل هذا". * رد فعل النادي المصري.. تقدم مجلس إدارة النادي باستقالته، وأصدر بيانا حمل الأمن المسؤولية الكاملة عن الحادث. * تقرير تقصى الحقائق.. حملت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان وقتها) (حل في يونيو 2012 بقرار قضائي) لبحث أحداث مباراة الأهلي والمصري فى تقريرها المبدئي، المسؤولية الأكبر لجهاز الأمن ثم اتحاد الكرة لكرة القدم، ثم النادي المصري، وبالتبعية إلى هيئة استاد بورسعيد. وقال التقرير الذي تم مناقشته في مجلس الشعب (قبل حله)، إن مسؤولية الأمن تمثلت فى "تسهيل وتيسير وتمكين" وقوع الأحداث بصورتها التي وقعت عليها، في الوقت الذي خالف الاتحاد المصري لكرة القدم لوائح الفيفا العالمية بخصوص تأمين المباريات الملزمة للاتحادات الرياضية. كما ذكر التقرير أن النادى المصري، وفقا للوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، يتحمل مسؤولية تضامنية عن الحادث من حيث عدم التزامه بمتطلبات السلامة والالتزام بسعة الملعب، ومنع دخول الجماهير التي تحمل بحوزتها أجساما صلبة وكشافات ليزر وأسلحة ولافتات ذات محتوي عنصري. كما حمل التقرير هيئة إستاد بورسعيد المسؤولية فى إغلاق البابين الحديدين للاستاد بلحام معدني وقت وقوع الأحداث، مخالفين بذلك لوائح الفيفا التي توجب أن يكون ملعب كرة القدم مستوفيا المواصفات الفنية والإنشائية. * الإحالة للنيابة.. بعد تحقيقات استمرت 45 يوماً تجاوزت فيها أوراق القضية 10 آلاف صفحة، وافق النائب العام، آنذاك، عبد المجيد محمود، في 19 مارس 2012، على إحالة 73 متهما (كان بينهم 11 هاربين) فى "مذبحة" بورسعيد الى محكمة الجنايات من بينهم 9 من رجال الشرطة ببورسعيد وثلاثة من مسؤولي النادي المصري. واسند قرار الإحالة للمتهمين "ارتكاب القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد المقترن بجنايات القتل والشروع فيه"، وقال إنهم "قتلوا المجنى عليهم عمدا مع سبق الاصرار والترصد، انتقاما منهم لخلافات سابقة واستعراضا للقوة أمامهم، وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة (شماريخ وباراشوتات وصواريخ نارية) وقطع الحجارة وأدوات أخرى مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص وتربصوا لهم". وتابع بيان الإحالة أنه "إثر إطلاق الحكم لصافرة نهاية المباراة هجموا عليهم (جماهير الأهلي) فى المدرج المخصص لهم فى الاستاد وانهالوا عليهم ضربا بالأسلحة والحجارة والأدوات المشار إليها وإلقاء بعضهم من أعلى المدرج وحشرا للبعض الاخر فى السلم والممر المؤدى الى بوابة الخروج مع إلقاء المواد المفرقعة عليهم قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بالمجنى عليهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتي أودت بحياتهم". كما اسندت النيابة العامة للمتهمين من رجال الشرطة والمسؤولين بالنادي المصري ومهندس كهرباء الاستاد "الاشتراك بطريق المساعدة مع المتهمين مرتكبي الأحداث فى ارتكاب الجرائم سالفة البيان، بان علموا ان هؤلاء المتهمين قد بيتوا النية وعقدوا العزم على الاعتداء على جمهور النادي الأهلي، فسهلوا لهم دخول استاد بورسعيد بأعداد غفيرة تزيد على العدد المقرر لهم بأكثر من ثلاثة آلاف شخص ودون تفتيشهم لضبط ما كانوا يحملونه من أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة، وسمحوا بتواجدهم فى داخل الملعب وفى مدرج قريب جدا من مدرج جمهور النادي الأهلي مع علمهم بأنهم من أرباب السوابق الاجرامية، وتركوهم يحطمون أبواب أسوار الملعب وتسلقها اثر انتهاء المباراة ومكنوهم من الهجوم على جمهور فريق النادي الأهلي فى أماكن وجودهم بالمدرج المخصص لهم بالإستاد". وتابع بيان الإحالة: "قام مهندس كهرباء الاستاد بإطفاء كشافات إضاءة الملعب لتمكين المتهمين من ارتكاب جريمتهم". وأشار إلى أن التحقيقات "أثبتت وقائع إلقاء عدد من مشجعي الأهلي من أعلى المدرجات، وأن السبب الرئيسي فى وفاة القتلى هي حالة الترويع والبلطجة التي قام بها الجناة وما أحدثته من فزع وترويع وتزاحم بجماهير الأهلي ومعظمهم من الشباب فى مقتبل العمر".
سير المحاكمة: في 17 أبريل 2012، بدأت أولى جلسات محاكمة المتهمين، حيث عقدت المحكمة 58 جلسة على مدار قرابة 10 أشهر، استمعت خلالها إلى 75 شاهد إثبات ونفى، وشاهدت مرتين الأسطوانات المدمجة المرفقة بأوراق الدعوى، فضلا عن الأسطوانات المدمجة التي قدمها الدفاع والمدعون بالحق المدني. وشهدت الجلسات العديد من المناوشات والمشادات الكلامية بين أهالي الضحايا وأهالي المتهمين التي كانت تصل إلى التشابك بالأيدي والتعدي على بعضهم بالضرب والسب والإهانة. في مارس 2013، قضت محكمة جنايات بورسعيد، في أحكام أولية قابلة للنقض، بمعاقبة 21 متهمًا في قضية بورسعيد بالإعدام. كما قضت المحكمة بالسجن المؤبد ( 25 عاما) على 5 من المتهمين، والسجن 15 عامًا على 10 بينهم اثنان من قيادات الأمن، هما مدير أمن بورسعيد السابق اللواء عصام سمك، والعقيد محمد سعد رئيس، قسم شرطة البيئة والمسطحات المائية في بورسعيد، وذلك من إجمالي 9 متهمين من قيادات الأمن في القضية. وقضت المحكمة أيضا بالسجن 10 أعوام على 6 متهمين و5 أعوام لمتهمين اثنين، فيما حصل متهم على حكم بالسجن لعام واحد، وبرأت المحكمة باقي المتهمين، بينهم 7 من قيادات الأمن، وذلك من إجمالي 73 متهمًا في القضية. * نقض الحكم.. قبلت محكمة النقض، في مطلع فبراير الماضي، الطعون المقدمة من قبل 34 متهمًا ضد الأحكام الصادرة بحقهم في مارس 2013، كما قبلت المحكمة طعون النيابة ضد براءة 28 متهمًا بينهم 7 متهمين من القيادات الشرطية سابقًا بمحافظة بورسعيد. وأمرت المحكمة بإعادة محاكمة جميع المتهمين أمام دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات بورسعيد غير التي أصدرت حكمها السابق. * محاكمة الهاربين.. في فبراير 2014، قام 11 متهما، صدرت ضدهم أحكام غيابية تراوحت بين الإعدام والمؤبد والسجن المشدد 15 عاماً، بتسليم أنفسهم للجهات الأمنية، وتحددت جلسة 19 فبراير، وتم تأجيلها أكثر من مرة، لإعادة إجراءات محاكمتهم.