يرتقب المواطنون فرض زيادة جديدة على أسعار الكهرباء بدءًا من شهر يوليو المقبل، والتي تعد الزيادة الثانية خلال عام بعد زيادة أغسطس الماضي التي تراوحت نسبتها ما بين 35 % إلى 47 % ضمن خطة رفع الدعم تدريجيا المقرر انتهاؤها عام 2019.
وزارة الكهرباء أرجعت لجوءها لرفع الأسعار إلى عدة أسباب يأتي في مقدمتها ارتفاع نسبة تكاليف اﻻنتاج وعدم تكافؤها مع نسبة بيع التيار للمواطنين، في مقابل ارتفاع سعر الدوﻻر ما انعكس على زيادة أسعار الوقود، خاصة أن الوزارة تعتمد بشكل كبير على العملة الصعبة في شراء احتياجات محطاتها ومهمات الصيانة الحديثة التي يتم استيرادها. وشهدت اﻷيام القليلة الماضية انخفاضا تدريجيا في أسعار الدوﻻر حتى وصلت قيمة أعلى سعر للشراء 15.80 جنيه، في حين سجل أعلى سعر للبيع 15.90 جنيه، في مقابل بلوغه نحو 20 جنيها عقب قرار تعويم الجنيه.
ومع الانخفاض المستمر لسعر الدوﻻر مقابل الجنيه بالتزامن مع إعلانات وزارة الكهرباء عن فرض زيادة جديدة في أسعار الشرائح مطلع يوليو المقبل، تباينت اﻵراء حول مدى تأثير انخفاض الدوﻻر على زيادة أسعار الكهرباء.
الزيادة مؤكدة
"إذا وصل الدوﻻر 8 جنيهات لن يتم رفع أسعار الكهرباء بأي نسبة" بتلك الكلمات علق الدكتور حافظ سلماوي رئيس جهاز مرفق الكهرباء وحماية المستهلك سابقا، على قدرة الوزارة في تثبيت أسعار الفواتير وعدم اللجوء إلى رفع اﻷسعار، مؤكدا أن تكاليف اﻹنتاج حاليا أصبحت أضعافا مضاعفة، مما يرهق الوزارة ويؤدي بها إلى الغرق في الديون لصالح وزارة البترول. وأكد في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الوزارة لديها خطط احتياطية عديدة تقوم بوضعها عند فرض اﻷسعار الجديدة، من أجل التماشي مع اﻷسعار المختلفة للدوﻻر بسبب التذبذب المستمر لسعره مقابل الجنيه.
وأضاف أن هناك تواصلا مستمرا ما بين وزارة الكهرباء والبنك المركزي، لدراسة أعلى مستوى ﻻرتفاع الدوﻻر ودرجات تذبذبه وانخفاضه، من أجل وضع رؤية مستقبلية تقوم على أساسها الوزارة بوضع سيناريوهات زيادة الأسعار، ﻻفتا إلى أن تلك الرؤية تكون بعيدة المدى.
وأوضح "سلماوي" أن حصول الوزارة على نسبة دعم مرتفعة بلغت 65 مليار جنيه جاءت بناء على دراسة استقرار سعر الدوﻻر عند متوسط سعر 18 جنيها، ﻻفتا إلى أن القرار يأتي بناء على دراسة تغير سعر الدوﻻر لمدة ثلاث سنوات.
وقال "سلماوي" إنه من المقرر أن يتم رفع الدعم بشكل نهائي خلال العام المالي 2018/2019 إلا أنني أتوقع أن يتم مد البرنامج لفترة أطول، ويتم رفعه بشكل نهائي عام 2021، حتى ﻻ يتم رفع اﻷسعار بشكل كبير مرة واحدة على المواطن في سنة واحدة.
وأشار إلى أن وزارة الكهرباء تقوم ببحث ودراسة آخر تطورات سعر الصرف في اﻷسواق بداية شهر مارس المقبل من أجل إعداد آخر مقترح لفرض اﻷسعار الجديدة، موضحا أنه يتم تقسيم السنة على 3 مراحل تبدا أ اﻷولى في نوفمبر وتنتهي في فبراير، وتبدأ الثانية في مارس وتنتهي في يونيو، وتبدأ اﻷخيرة في يوليو وتنتهي في أكتوير.
ولفت "سلماوي" إلى أن تعويم الجنيه جعل الوزارة تتعامل بشكل كبير مع السوق المحلي أكثر من التعامل مع الهيئات الحكومية والمؤسسات المالية الدولية لدراسة المدى البعيد للاقتصاد المحلي، مشيرا إلى أن السوق أصبح هو المتحكم الأول واﻷخير في سعر صرف العملات.
وأرجع رئيس جهاز مرفق الكهرباء السابق لجوء الوزارة لرفع الأسعار إلى ثلاثة عوامل، يأتي في مقدمتهم ميزانية الدولة وتحجيمها للوزارة في تحجيم مصروفاتها، والعامل الثاني يتمثل في ارتفاع نسب التكاليف والصيانة واﻷجور، ويتمثل العامل اﻷخير في خطة الدولة لرفع الدعم التدريجي عن الطاقة وتنفيذ الجدول اﻻقتصادي الذي أقره صندوق النقد الدولي.
وأوضح "سلماوي" أن قرار فرض زيادة جديدة على أسعار الكهرباء يتم بمراحل مقننة تبدأ باقتراحات جهاز مرفق الكهرباء ومرورا بنظر الوزارة فيها وانتهاء بإقرار مجلس الوزراء لها وإعلان وزير الكهرباء عنها في مؤتمر صحفي عام.
انخفاض نسبي
وفي المقابل، رأى المهندس حمدي عكاشة، رئيس شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء، أن انخفاض سعر الدوﻻر أمام الجنيه من المنتظر أن يساهم في خفض قيمة الزيادة الجديدة المقرر فرضها بداية شهر يوليو المقبل، موضحا أن الوزارة سوف تقوم بإعادة النظر في الأسعار المقررة وفرضها من جديد وفقا لانخفاض الدوﻻر المستمر.
وشاركه في الرأي الدكتور رمضان أبو العلا، الخبير الاقتصادي والبترولي، ونائب رئيس جامعة فارسكور، حيث أكد أن وزارة الكهرباء حصلت في اﻵونة اﻷخيرة على ارتفاع لنسبة الدعم الموجه لها من ميزانية الدولة وبناء عليه من المفترض أن يساهم ذلك إضافة إلى انخفاض سعر الدوﻻر في تقليل نسبة الزيادة المفروضة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن التيار الكهربائي يعد خدمة موجهة للمواطنين ومن المفترض أن يتم بيعها بأسعار تكون في متناول الجميع دون أن تضيف عبئا على محدودي الدخل بشكل خاص.
رؤية بعيدة
وفي نظرة بعيدة المدى، قال الخبير اﻻقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إن نسبة الزيادة في أسعار الكهرباء الجديدة يعد أمرا هيناَ بالنظر إلى رفع الدعم تدريجيا والوصول إلى رفعه بشكل نهائي وفقا لخطة الوزارة التي تم وضعها عام 2014.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن انخفاض سعر الدوﻻر لن يؤثر بشكل كبير على زيادة نسب اﻷسعار الجديدة للكهرباء، موضحا أن الزيادة عبارة عن خطة موضوعة ومدروسة ولن يتم تغييرها ﻷنه في كلا الحاﻻت سيتم رفع الدعم نهائيا.
وكان وزير الكهرباء قد أعلن مؤخرا أن التغيرات الاقتصادية خلال الفترة الماضية أدت لتغيير كل الخطط وفى مقدمتها الدعم المقدم للمواطن، مطمئنا المواطنين -كالعادة- أن زيادة اﻷسعار لن تطبق على محدودي الدخل، وإنما ستطبق على الطبقات اﻷكثر استهلاكا للتيار فقط.
وأوضح أن عدد المستهلكين المدرجين ضمن الطبقة المتوسطة ومحدودى الدخل يبلغ عددهم ٢٢ مليون فرد، ضمن الشريحة التي تستهلك 50 كيلو وات وتدعمهم الدولة بنسبة 430% من تكلفة سعر الكيلو وات الذى يبلغ 63 قرشا ويتحمل المواطن منها 11 قرشا فقط.
فيما تدعم الحكومة من يصل استهلاكه لـ100 كيلو وات بنسبة 310% ومن يصل لـ200 كيلو وات تدعمه بنسبة 180% ومن يصل لـ300 كيلو وات يُدعم بنسبة 120%، ومن يصل استهلاكه لـ400 كيلو وات يحصل على دعم بنسبة 90%، ودعم بنسبة 80% لمن يصل استهلاكه إلى 500 كيلو وات.
وقال وزير الكهرباء إن ما تقدمه الوزارة هو أقصى طاقتها، لكن هناك مشكلة كبيرة تواجهها بعد وصول الدعم إلى 65 مليار جنيه، مشيرا إلى أن متوسط سعر البيع للكيلووات ساعة يصل حاليا إلى 47 قرشا، في حين أن تكلفة الإنتاج تبلغ 91.2 قرش.
مصدر مسئول بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة ، أفاد أنه تم الانتهاء من إعادة هيكلة أسعار الكهرباء، وتحديد سعر تكلفة الكيلو وات ساعة وفقًا للمتغيرات الاقتصادية العالمية والتي تعد المرحلة الأولى من دراسة إعادة الهيكلة.
وأشار المصدر إلى أن تحديد سعر تكلفة الكيلو وات في ساعة يعتمد على البيانات التي يتم تجميعها من شركات توزيع الكهرباء، والخاصة بالميزانية وسعر الدوﻻر والقيمة المضافة ، بما يضمن حصول محدودي الدخل على الجزء الأكبر من الدعم.
وذكر المصدر أنه من المتوقع أن تتراوح تكلفة سعر الكيلو وات ساعة ما بين 97 قرشا إلى جنيه للكيلو وات ساعة، موضحا أن سعر الكيلو وات قبل ارتفاع أسعارالدوﻻر كان يبلغ 63 قرشا وارتفع إلى 86 قرشا ، ولم تحمل الدولة المواطنين هذه الزيادة. وأكدت وزارة الكهرباء أن إعادة هيكلة الأسعار ليس بهدف تحميل أعباء إضافية على المواطن، لكنها بهدف الحفاظ على تقديم التغذية الكهربائية بشكل مستمر، وبجودة عالية، في ظل الفارق الكبير بين سعر التكلفة والبيع، فبدون إعادة الهيكلة ستواجه تحديات كبيرة تتعلق بعدم القدرة على تلبية الاحتياجات ورفع كفاءة الخدمة المقدمة.
الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أعلن عن ارتفاع نسبة الدعم من 30 مليارا إلى 65 مليار جنيه بعد تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار الوقود.
اﻷسعار الجديدة تكهنات
وأوضح الدكتور أيمن حمزة المتحدث اﻻعلامي باسم وزارة الكهرباء، أن الدعم المقدم تعدى مبلغ 5 مليارات جنيه عقب تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه، مشيرا إلى ضرورة أن يتم رفع الأسعار فى شهر يوليو المقبل لتحسين مستوى الخدمة.
وأضاف أن مرفق تنظيم الكهرباء وحماية المستهلك هو الذي يضع سيناريو زيادة أسعار استهلاك شرائح الكهرباء، أمام مجلس الوزراء للبت فيها.
وأكد حمزة على أن كافة الأسعار الحالية التي يتم الإعلان عنها عبر وسائل اﻻعلام كلها تكهنات ليس لها أي أساس، ولم يصدر أي بيانات من الوزارة بشأن الأسعار الجديدة، لافتا إلى أنه سيتم الإعلان عن الزيادة الجديدة من خلال مؤتمر صحفي في شهر يوليو المقبل.